الرئيسية » الذات » تطوير الذات » البعد عن الناس غنيمة – البعد عن الناس راحة !

البعد عن الناس غنيمة – البعد عن الناس راحة !

بواسطة عبدالرحمن مجدي
3638 المشاهدات
كيفية المحافظة على القلب في جسم الانسان
العزلة المحببة لقلبي .. فترة التحديث والتنظيف .. فترة الرجوع إلي الآصالة والصفاء والذوبان في الحياة مرة آخرى بصورة أكثر حميمية وأكثر قوة ..
 
فجأة قلبي قال لي: أحتاج إلي التنظيف وأحتاج إلي مسح الكثير من الأفكار من رأسك ، فهناك جزء من الأفكار يسبب لي الضيق والألم الآن ؛ لأن تلك الأفكار أصبحت غير صالحة للحياة اليوم ، وأيضاً هناك جزء آخر من الأفكار القديمة جداً الميتة أتت مرة آخرى من ذاكرتك وأنت قمت بالترحاب بها وتقديرها وجعلتها تتحكم في حياتك وأنا الآن أشعر بالإختناق من هذه النفايات الكثيرة التي تعيش حولها وهي تحوط بي ! ، فأنا أحيا فقط في سماء الرحمن حيث الفضاء والسعة والنور والهواء والحرية من كل إتجاه تحوط بي .
 
فذهبت إلي مكاني المفضل ” بيت جدتي ” حيث لا يوجد أي أحد هناك ، مكثت فيه حوالي أكثر من 30 ساعة لوحدي تماماً .. بعيداً عن كل الناس وبعيداً عن كل الظروف والشماعات والأصنام الفكرية الخاصة التي صنعتها وأصبح رأسي يؤمن بها كأنها هي الحياة ويجب أن تسير الحياة كذلك !! ، بالإضافة إلي الفضلات والأتربة التي أصبحت تقيم علي قلبي نتيجة ممارسة الحياة اليومية الطبيعية الخاصة بي ، والتي كانت تحمل الكثير من العمل والذوبان والغوص في عمق الأفكار والمشاعر والحياة بداخلي ومن حولي .
 
فأنا أؤمن أن القلب أشبه بالمطبخ الموجود بداخل بيتك ” الصلب المكون من حديد وأسمنت ” بينما القلب موجود بداخل بيتك ” اللين المكون من لحم وعظم غاية في الحساسية ” ، الأول هو المطبخ الذي تحضر فيه الطعام لجسدك حتي يستطيع جسدك الإستمرار علي قيد الحياة ، بينما الثاني ” قلبك ” هو المطبخ الذي تحضر فيه الطعام لروحك حتي تستطيع روحك الإستمرار علي قيد الحياة .
 
وكما أن المطبخ الأول بعد كل عملية طبخ أو علي الأكثر بعد بضع عمليات طبخ يحتاج إلي التنظيف والتطهير والتخلص من الفضلات والإلقاء بها في سلة القمامة ، تلك الفضلات التي نتجت عن عملية حياتية طبيعية وهي ” عملية إعداد الطعام الجيد لجسدك ” ، كذلك قلبك يحتاج إلي التنظيف والتطهير والتخلص من الفضلات بعيداً عنك ، تلك الفضلات التي نتجت عن عملية حياتية طبيعية وهي ” عملية إعداد الطعام الجيد لروحك ” .. عملية خلق الحياة في أيامك .
 
وإن تركت المطبخ الأول كما هو ولم تنظفه وتطهره بإستمرار ، واستمررت في عمل الطعام الجيد لجسدك مع الوقت سيصبح المطبخ قذر ومرتع لكل الفيروسات والبكتيريا التي سوف تصيب الطعام وأنت تحاول صناعته لغذاء جسدك ، وبالتالي يصبح الطعام ليس غذاء لجسدك وحتي إن كان شكله جميل من الخارج ولكن في داخله تعيش السموم التي فور دخولها لجسدك ستبدأ تسير في دمك وتخلق الأمراض بداخلك بقوة وبإبداع .. غير أنه بعد فترة صغيرة مجرد بضع شهور قليلة علي هذا المنوال ستصبح غير قادر حتي علي صنع الطعام بداخل المطبخ ؛ لأن الفضلات ستصبح كالجبال وستغطي مطبخك بالكامل ، وبالتالي تستسلم للأمر الواقع وتتوقف عن صنع الطعام لجسدك بدلاً من أن تنظف وتطهر مطبخك الخاص ، فيجوع جسدك ويمرض ويموت .
 
من العجيب حقاً أن هذا ما يعيشه أكثر أكثر الناس مع أنفسهم! ، أصبحت قلوبهم مسكن للأصنام الصلبة والجيف النتنة الميتة والأفكار والمشاعر المسمومة والتي تسمم أي شيء يحاولون صنعه بداخل قلوبهم ، فكلما حاولوا صناعة أي طعام لتغذية أرواحهم يصاب بالسموم ، فيجلب لأرواحهم الضيق والتعاسة بدلاً من أن يجلب لها الحيوية والسعادة ، وتركوا قلوبهم كما هي حتي تكونت عليها جبال عملاقة من الفضلات القذرة والأتربة نتيجة الحياة اليومية وعوامل البيئة ، حتي أصبحوا غير قادرين علي صناعة الطعام الجيد لأرواحهم ، وبدلاً من أن ينظفوا ويطهروا قلوبهم ويزلوا عنها الفضلات ، تركوها بل إن الكثير من الناس قدس هذه الفضلات ونسبها كذباً وإفتراءاً إلي الله ( الأفكار التي يدعي أنها الله ! ) ، وهكذا هي نهاية أرواحهم .. الجوع ثم المرض ثم ولمدة أعوام طوال تعيش الروح في الإحتضار منتظرة الموت .. لمدة أعوام طوال قد تمثل أكثر من 70% من حياتهم يعيشون في حالة إحتضار مستمر .. !!
 
– نرجع مره آخرى لـ قلبي ..
 
هذه الفضلات التي تكونت علي قلبي ، وأنه بدأ يشعر بالضيق والضجر من فضلات الأفكار التي تكونت عليه وأصبحت تتحكم فيه بالقوة رغماً عن إرادته ، وتسحبه بعيداً عن حياته وعن الحياة من حوله وتجعله يقترب إلي الألم والعيش كأنه يحتضر خارج نطاق الحياة ويسبح عكس تيار الحياة وكأنه يصارع الحياة بدلاً من أن يتناغم معها في محبة وسلام.
 
هذه الفضلات كانت كافية لحاجة فورية لتحديث أقوي من السابق ، والتحديث القوي يحتاج لعزلة بعيداً عن كل المؤثرات الخارجية المختلفة ( الناس ، الظروف ، التليفزيون ، الكمبيوتر ، النت ، … ) .. التطهير والتحديث يحتاج لمكان حيث أنا وقلبي ورأسي ، وإن كان لابد أن يكون هناك آخرون فإحتاج إلي إحساسي بوجود الله الكامل والذي هو أكبر وأعظم من كل أفكاري ومشاعري عنه ، وكذلك الحياة أكبر من كل أفكاري ومشاعري عنها لأنها من صنع الله الخالق العظيم الأكبر من كل شيء والذي لا يمكن أن نقيسه علي شيء !
 
وأحتاج أيضاً إلي النور أي إلي العلم المفيد ( الذي أصبح الآن قلبي يختاره بدقة وحساسية عالية جداً .. يقول أن هذا الكتاب سيفيديني وأدفع فيه أي ثمن وبعد ذلك أشعره أنه ثورة وكنز سيفيدني لأعوام ، والعلم عندي أهم من الملابس الجديدة ) المهم أحتاج للعلم لأتفكر وأغوص فيه .. وكان كتاب ” السر ” هو ما اختاره قلبي ليقرأه ويغوص فيه ، علي رغم من أنني أعلم بوجوده منذ أن نشر في العالم العربي ولم أشتريه واشتريته منذ 7 شهور مضت ولكن لم يأتي الوقت المناسب بعد لقرائته ، وجاء الوقت المناسب بالأمس حينما شعر قلبي بذلك .
 
وهذا التحديث ربما يكون التحديث رقم خمسين أو الأكثر خلال الخمس سنوات الماضية من حياتي ، كل ما أعرفه الآن أنني أقوم بتحديث سريع جداً وقوي جداً في نفس الوقت .. ربما لن تصدقني أن قولت لك ، أتعرف مثل ماذا !؟ مثل موقع فيسبوك أو موقع جوجل أو مايكروسوفت ويندوز .. فأنا أقوم بتحديثات علي مدار السنة .. تحديثات داخلية لا يراها أحد قوية جداً كجذور النخلة ، وتحديثات خارجية يراها الناس من حولي. أفعل ذلك ؛ لأنني بصراحة منذ الصغر وأنا أطمع بحياة سعيدة وغنية من الناحية الروحية ( الحب ) وحياة سعيدة وغنية من الناحية المالية ( المال ) .. أريد أن أعيش رحلة حياتي كقصة فيلم لم تعرض من قبل في هذا العالم ، حياة كأغنية علي رقصة ساحرة تبث الحياة في الأرواح المحتضرة .. حياة خارج حدود نطاق الدماغ البشري ، تلك الحياة التي يقولون عليها أنها أحلام لا توجد علي أرض الواقع .
 
– أحد أكبر الدروس التي تعلمتها منذ فترة ولكن ربما رأسي أغفلها أن هناك حقيقة واحدة ستظل ثابتة ولن تتغير إذا أردت حقاً أن تغوص أكثر في أعماق هذه الحياة الساحرة بكل جوانبها وهي: ( أن الشيء الوحيد الذي يجب أن أظل أؤمن به وأنا أعرفه الآن حق المعرفة هو أنني لا أعرف أي شيء علي الإطلاق! ، وإذا أردت أن أعرف أكثر وأعيش أكثر ينبغي أن أعيش بهذه الفكرة بإيمان حقيقي وبإستمرار: أؤمن أنني طفل .. أنا صفحة بيضاء .. أنا قلب حي يحيا الحياة بعفوية وإنسياب .. قلب يحيا اللحظة الحالية فقط ويستجيب طبقاً لما تطلبه اللحظة الحالية منه بعفوية وبراءة .. فأنا لست برنامج آلي يستجيب بآلية لكل فكرة أو كل موقف طبقاً لمواقف ماضية .. بل أنا قلب حي يحيا اللحظة الحالية التي لا علاقة لها بالماضي أو بالمستقبل .. أنا موجة هادئة تنساب بسلاسة في بحر عظيم يمسي بحر الحياة .. موجة لا تصارع البحر ولا تحاول أن تخرج وتستقل بنفسها خارج البحر لأنه عندما تفعل ذلك ستصبح بلا قيمة وستخسر الروح التي كانت تمنحها الحياة وتحتضر ثم تنتظر الموت . )
 
– لوحدي يعني ( أنا بكل كياني ” أنا المتحكم ورأسي وقلبي ” ، ربي ، معشوقتي ) ، لا أستطيع أن أنفصل عنهم. هذا الأمر أصبح أمر حتمي الوجود في حياتي كالهواء الذي أتنفسه. كنت في حاجة لتحديث وتغير قوي حتي أحذف وأضيف في هدوء بعيداً عن أي ذرة ضغط أو خوف لذلك إخترت بيت جدتي ، جلست لوحدي بحضر الأكل لنفسي وبنام لوحدي وأجلس في صمت مع نفسي ، وأفتح باب النقاش الحيادي والجاد بين رأسي وقلبي وبالطبع قلبي هو سيد الحوار ؛ لأن قلبي يأتي بالجيد دائماً بينما رأسي يدور في نفس الدوائر الماضية القديمة الميتة ، وأكتب خواطري التي تجوب بداخلي حول أي شيء واقرأ ” كتاب السر ” وأسمع الأغاني الرومانسية أو التحفيزية بين فترة وآخرى .. الأهم أنني كنت منعزل عن كل الأمور الخارجية .. منعزل عن كل الناس وعن كل شيء آخر حتي التلفزيون والكمبيوتر والنت و…
 
– إحساس جميل حقاً ان تجلس بمفردك بمعزل عن كل الناس وعن كل الظروف ، وكأنك تعيش بداخل محرابك المقدس الخاص. إنعزلوا وأختلوا بأنفسكم فهو أمر صعب في البداية! ( حالياً هو أصبحت أحد العادات الإيجابية المذهلة في حياتي أفعلها عندما أشعر بأنني أحتاجها ، وبمجرد فعلها يملأني سحر الحياة .. ) ، نعم هو أمر صعب ؛ لذلك ستجد أن أكثر الناس تحاول أن تختلط بالناس بأي طريقة لأنهم يخافون من أن يصبحوا بمفردهم ، بمفردهم سيحيطهم الصمت وستظهر لهم كل حقائقهم التي يحاولون أن يخفونها عن عمد كلما صعدت لأعلي.
 
أهم هذه الأسئلة علي الإطلاق التي تحمل الكثير من الحقائق المحفورة بداخلهم والتي تمرض قلوبهم وتمنعها من تحضير أي عذاء حقيقي يمنح الروح الحياة ، وهي: لماذا لا أشعر بالسعادة الصافية كما كنت أشعر بها في فترة الطفولة !؟ ، لماذا سعادتي دائماً مخنوقة !؟ لماذا سعادتي وربما حياتي أشعر أنها مجرد كذبة مزيفة لا روح فيها !؟ لماذا الله خلقني في هذه الحياة !؟ ولماذا الله يجعلني أصاب بالمزيد من التعاسة والضيق والضجر والألم الذي لا نهاية له كلما زاد عمري علي الأرض !؟ لماذا الله خلق هذا الكون العبثي الظالم !؟ لماذا سعادتي ضائعة وأهدافي موؤدة قبل أن تخرج للحياة وكل شيء في الحياة أصبح بلا طعم وبلا معني وبلا قيمة !؟ لماذا الدين ( الأفكار الموروثة الميتة الفاسدة ) والأهل والناس من حولي والظروف دائماً ضدي وهي السبب في كل ما سبق وهي السبب في تعاستي وفشلي في عيش حياتي بسعادة وبحب وبحرية كما كنت أحياها في مرحلة الطفولة الماضية !؟ …
 
ثم في حالة من الصمت الرهيب التي تحيط به ، يخرج صوت يقول له أنت السبب! ، أنت الوحيد السبب! ، هذا يمثل أقوى درس من الصعب أن يتحمله الإنسان الفاشل في عيش حياته بسعاده ، لأن هذه الجملة البسيطة ( أنت السبب في كل ما يحدث لك الآن ) ، يحمل في طياته شيئين وهما:
 
1- أنها معجزة إلهية وعدالة إلهية عظيمة لمن يتفكر فيها وهي أنك الوحيد المتحكم في حياتك لا كل ما سبق من مبررات فارغة قد نطلق عليها أصنامك الخاصة. وكما جلبت لنفسك مشاعر التعاسة وخنت قلبك ومع الوقت قمت بالمساومة علي طفولتك وبرائتك وحريتك وسعادتك مقابل أن تصير فرداً في قطيع الحمقى الذين يدعون العقل والمنطق والحكمة وهم تعساء بائسون فشلة ؛ فأنت أيضاً القادر علي أن تعالج نفسك بنفسك كما أمرضتها بنفسك ، فأنت لم تصاب بالأمراض نتيجة العبث والظلم الكوني الذي تعتقد أنما نتيجة أنك من سمحت للسموم بأن تدخل جسدك بل وساعدتها علي التكاثر والنمو .
 
2- زلزلة وهزة قوية تدمر كل أصنام الإنسان دفعة واحدة ، وعليه أن يؤمن بذلك وأن يكمل عملية التدمير بيديه !! ، هل تعلم ماذا يحدث بمجرد حدوث هذه الزلزلة يحدث في داخل كيان الإنسان مثلما يحدث للبيت أي ينهار كل شيء ، فيصبح الإنسان بدون أدني معرفة تجاه أي شيء. يصبح جاهل مرة آخرى. يرجع طفل مرة آخرى ، والإنسان يخاف من عدم المعرفة خاصة ( الموروثة والمتفق عليها بين أهله وفي بيئته الإجتماعية ) ؛ لأن هذه المعرفة هي من تجعل الناس يمدحونه والأهم هي من تجعل الناس يقبلون به في قطيعهم كفرد منتمى لهم يستحق أن يحيا بين ظهورهم! ( وهذه من عجائب أكثر الناس أنهم ينتقدون مجتمعهم ويعلمون أن مجتمعهم أحمق فاشل ميت ، وعلي الرغم من ذلك يخضعون له ويتعبدون له ليل نهار في أفكارهم ومشاعرهم وأفعالهم ولا يستطيعون مجرد التخيل أنهم قد ينفصلون عنه! ).
.
فعندما يدمر الإنسان كل الأصنام ( الخاصة بالناس وبيئته الإجتماعية ) بضربة واحدة أي يصير بلا معرفة أي هو عرضة لسخط كل الناس الذي يعيش في نطاقهم. أي هو عرضة للنفي بعيداً عنهم حيث سيصير إلي المجهول .. ( وأكثر الناس تقريباً لا تؤمن إيمان حقيقي بوجود الله ، هي تؤمن بوجود وقدسية رجال دينها وما يقولونه هم وأبواهم أكثر بكثير جداً من إيمانهم بالله نفسه ، إن كان هناك يوجد أصلاً إيمان حقيقي خارج من أعماق قلوبهم بوجود الله! ) .. وكذلك قد يكون الإنسان بلا معرفة إجتماعية عرضة للقتل إن كان يحوطه قطيع من الحمقى ، وهكذا هم أكثر الناس متعصبون لأصنامهم بحماقة .. أصنامهم التي تجعل أرواحهم محتضرة بإستمرار في إنتظار ساعة الموت.
.
ولذلك فأنا تعجبت ومازالت أتعجب كيف قام نبي الله إبراهيم عليه السلام بما فعل مع قومه وأبواه! ، فلا أعجب من أن يطلق الله عليه لقبين في القرآن الكريم لم يطلقهما علي أحد من قبله ولم يطلقهما علي أحد من هم بعده بما في ذلك آخر أنبياء الله ” محمد بن عبد الله ” ، وهما ( إذ جاء ربه بقلب سليم ) و ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) ، أتعرف ما معني خليل !؟ صديق خالص .. صديق حميم .
.
اقرأ: علامات القلب السليم  ، وهذا المقال أعتقد أنه صغير جداً أحتاج لمقال آخر أكبر وأعمق سأنشره في كتابي الأول القادم ( قوانين حياة من القرآن ) يكون بداية لنتفكر ونتأمل حياة نبي الله إبراهيم ، وبعدها أجيال تأتي من بعدي تغوص أكثر بقلوبها في المعاني الجميلة المتواجده في قصص نبي الله إبراهيم وتغوص في الحياة من حولها وتخرج سحر الحياة للبشر .
.
– الزلزال والهزة القوية التي تحدث في داخل كيان الإنسان والتي يجب أن يكمل عملها الإنسان بنفسه قوية جداً تشبيه الزلزال الذي يصيب البيوت المادية ، وهي أن يفعل كما يفعل المهندسون بالبيت المدمر ” الخرابة “. أن يقوم بتدمير الحوائط والأعمدة المتهالكة ، وبعد ذلك يبدأ يحفر علي عمق مناسب حسب رغبته .. عمق مناسب للبيت الذي يريد أن يرفعه في حياته ، وبعد الحفر علي عمق مناسب يبدأ في عمل أساس خرسانة أرضية حقيقية قوية ونظيفة في أعماقه بحث لا ينهار البيت مرة آخرى كله بمجرد حدوث هزة أو زلزال ! .. وبعد ذلك يبدأ في بناء الأعمدة بحكمة وبصدق وبتجرد أيضاً .. حتي تكون أعمدة حقيقية وقوية وخالية من أي مواد فاسدة أو مضرة ، وبعد ذلك يبدأ يبني الأدوار وبعدها يبدأ يبني الحوائط .. والحوائط لا يجب ان تكون صلبة أو عميقة كالأساس ! ، بل يجب أن تكون الحوائط قوية وضعيفة في نفس الوقت .. بحيث يستطيع تغير أشكالها الخارجية والداخلية بإستمرار ..
 
هذه هي صورة الإنسان ببساطة .. الإنسان الذي يريد أن يبني شيء حقيقي في نفسه ، أما أكثر الناس فهم يعشقون أن يبنوا فوق بيوتهم المحطمهم والمدمرة ، ولذلك فهم لا يبنون أكثر من دور او أثنين ويفرحون كثيراً حينما يصلون للدور الثالث ، ولكن خلال فترة قصيرة جداً يجدون البيت كله ينهار فوق رؤوسهم ، وبدلاً من أن يبحثون عن الأسباب الحقيقية ويتعلمونها ، فهم يفضلون البكاء والعويل وإلقاء اللوم علي كل الحياة من حولهم حتي علي الله نفسه .
 
– فعندما تكون بمفردك لا يوجد أهل .. لا يوجد أصدقاء أو جيران .. لا وجود للناس .. لا وجود للظروف أو الأحداث. قلبك ييقول لك: إذاً لماذا لا أكون أنا الآن سعيداً !؟ كل المبررات التي تدعي أنها السبب في تعاستي غير موجود إذاً من السبب الحقيقي !؟ ، ستدرك أنك أنت السبب ولا يوجد سبب آخر ، وكل مبرراتك كاذبة ومزيفة لتخفي أشياء آخري بداخلك ، ربما مثل الخوف أو الجهل أو الأفكار والمشاعر الفاسدة أو …
 
لأنك الآن لوحدك تماماً أي بعيد عن كل الأشياء التي ذكرتها وقولت أنها السبب في إحساس الحزن أو التعاسة أو الفشل أو الضجر الذي تشعره تجاه حياتك ، ستجد لأول مرة أنك تلوم التراب .. أنك تلوم السراب .. أنك تلوم صورة مصنوعة ببرنامج فوتوشوب الكون أنها السبب في تعاستك ! .. كل ما كنت تلومهم علي تعاستك لا وجود حقيقي لهم ، فأنت من توجدهم فقط عندما تمنحهم قيمة أكبر بكثير جداً من قيمتك أنت نفسك أو قيمة قلبك وسعادتك وحريتك وبالتالي تصبح مجرد تابع ذليل لهم. إن كانوا تعساء فأنت ستصبح تعيس وإن كانوا سعداء فأنت أيضاً ستصبح تمثل السعادة من الخارج بينما في الداخل أنت أيضاً تعيس ؛ لأنك ببساطة خلقت إنسان حر ولم تخلق كعبد أو تابع ذليل لأحد ، وأنت لم تخلق بنظام الحيوان ولا بنظام الإنسان الآلي .. الكمبيوتر .
 
في الصمت الذي يملأك عندما تكون بمفردك ستشعر أنك فعلاً المتحكم في حياتك ، وأنت السبب في كل شيء حدث لك ، وستشعر أنك ستصبح في منتهي الغباء إذا حاولت أن تلوم أي شخص أو أي ظرف أو أي حدث في الماضي أنك تعيس الآن بمفردك ! ، ستعلم أن التعاسة نابعة من أعماقك ، وكذلك الفشل وكل الأمور السيئة الآخرى والتي كنت تدعي أنك لا يد فيها نابعة من أعماقك أنت لا من أحداث الماضي أو الحاضر ولا من أي ظرف ولا من أي إنسان آخر .. كل شيء نابع فقط من أعماقك أنت .
 
– ولذلك الناس يحبون الإختلاط لينسوا أنفسهم وينسوا حياتهم ويبتعدوا عن مواجهة أنفسهم لأنه أمر مرهق ومتعب حقاً ، فتجد بعضهم يختلطون بقوة في حياة الفنان المفضل أو لاعب الكرة المفضل أو الفريق المفضل ، والآخرون وهذه هي الطريقة الأكثر شوعياً هي إختلاط الناس في الناس ! ، مع العلم الإختلاط بالناس له صور عديدة ومنها الفيسبوك فهو إختلاط ، وكذلك مشاهدة الأفلام والمسلسلات وقراءة الأخبار فهو إختلاط بالناس ، فالأمر لا يتوقف علي الذهاب إلي الحفالات فقط ، فالوحدة الحقيقية المفيدة حقاً للإنسان هي عندما نكون نحن وأنفسنا وجهاً لوجه لا يوجد ثالث معنا ، وإن كان لابد ان يكون هناك ثالث فسيكون الله الكامل الأكبر من كل أفكارنا وقناعتنا ومشاعرنا الموروثة والحب الصافي الطبيعي فقط .
 
أكثر الناس ربما لا تحب أكثر الناس التي تجتمع بهم وتختلط بهم سواء في العالم الواقعي أو العالم الإفتراضي ( فيسبوك ، أفلام ، .. ) ، وأفكارهم وأهتماماتهم منحصر حول أنهم عندما يجتمعون بأولئك الناس يحاولون أن يصيبونهم بالأذي النفسي ويقولون لهم أسوء الكلمات الجارحة عن عمد وقصد ! ، وعندما يتركونهم يذهبون لآخرون ليحكوا لهم مدي سوء وقبح الناس الذي كانوا يجتمعون بهم منذ قليل ومدي نقائهم وطهارتهم ، بحيث يصورون أنفسهم ملائكه والآخرون شيطين متحركة !!
 
الأمر بسيط: عندما تجد نفسك تنتقذ أناس كثيرون أو أن غالبية يومك ينصب في فن إظهار العيوب والنواقص التي تراها بعين رأسك في الآخرين. تأمل حياتك ولو دقائق بصدق ستجد أنك إنسان حياته فارغة من الحب والسعادة وبائسة ، وأنك عجزت ولم تستطع أن تظهر هذه العيوب التي تخنق قلبك وتمرض حياتك بأكملها فأصبحت تحاول أن تخرج عيوب الآخرين وإدعائك بشكل يقيني 100% أنها عيوبهم ويجب أن يتخلوا عنها وحل هذه العيوب موجود فقط عندك ، تفعل ذلك بدلاً من إظهار عيوبك لأنك فشلت في ذلك .
 
فأنت بعد أن فشلت في أن تملأ حياتك بالجمال وإخراج الجمال والفن من أعماق قلبك ، أصبحت الآن ناقد فنان. أصبحت تتفنن في إظهار وإخراج القبح والسوء في الناس حتي إن لم يكن فيهم فأنت تصنعه وتزينه بفن عالي جداً !! ، فأنصحك أن تحاول مرة آخرى أن تصبح فنان في إخراج الجمال من قلبك وتزين حياتك بالجمال والفن ، وحينها لن تحتاج أن تخرج أي شيء قبيح في الناس حتي ولو رأيته بعينيك ، سوف تخفيه بموسيقى الجمال الساحرة الخارجة من قلبك وستظهر فقط الجمال والحب من عمق هذا القبح .
 
– توصلت لأشياء أكثر من رائعة ، أعتقد أنها ستحول حياتي بداية من الآن إلي لوحة أكثر جمالاً وأكثر إشراقاً مما كانت عليه من قبل .. وهذا ما يريده قلبي الجمال الحب السعادة الحرية الله ..
 
عبدالرحمن مجدي
 
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !