الرئيسية » العلاقات » اختيار شريك الحياة » الحل مع الشخصية النرجسية

الحل مع الشخصية النرجسية

بواسطة عبدالرحمن مجدي
3335 المشاهدات
إنهاء علاقة حب
إنهاء التعامل مع شخصيات الثلاثي الأسود (النرجسية والسيكوباتية والميكيافيلية):
كيف ننهي العلاقة ونتعافى؟ كيف نتعامل لو لا نستطيع أن نمشي؟ هل هناك طريقة لتقليل الخسائر؟ هل لو مشينا سنكون في خطر؟ لو متزوجين ولو هناك أولاد كيف نتصرف؟
 
بعد أن شرحنا الصفات الشخصية وطرق الخداع والسيطرة وتأثيرها في الضحية، ولماذا المرأة القوية مُعرضة أكثر من غيرها لتكون ضحية لهذه الشخصيات، هذه المقالة دة سترد على تساؤلاتكم عن طريقة التعامل مع الموقف بعد أن اكتشفنا:
 
سنتكلم عن تغيير عقلية الضحية، ومواجهة الحقيقة بدون إنكار أو هروب، والتعامل مع مشاعرنا بواقعية، ثم التعامل مع فترة الإنفصال ومشاعر الفقد، ثم العودة للحياة الطبيعية. سأحاول اختصر بقدر الإمكان.
 
حقيقة صادمة نبدأ منها الموضوع (خاصة في مرحلة ما قبل الزواج لإن مازال هناك لديك فرصة للنجاة):
 
هل النرجسي سيفتقدكِ بعد أن تنهي العلاقة؟
يعني لو ذهبتِ فجأة ولم ترجعي، سيجلس يبكي عليكي وينهار وحياته تقف لأنك وحشاه ويفتقدك وحزين عليكِ؟ (كما يحدث لكِ عندما يختفي هو)؟
 
الإجابة الصادمة هي… لأ!
 
نحن متفقين إن هو لا يملك تعاطف مثل الشخص السليم ومشاعره ضحلة وسطحية، وتعريفه للعلاقة إنها لإفادته هو ولمتعته هو ولمصلحته هو… انتي مجرد أداة وليس أكثر مثل أي جماد في البيت، لو اختفيتي ممكن يستبدلك في أي لحظة بمنتهى البرود بدون أن يرمش!
 
الحقيقة البايخة دي مهمة في الأول هكذا لكي نقفل باب أي حجج أو تبرير أو تعاطف خالص، ونواجه الحقيقة المجردة من غير أي تجميل:
 
انتي اتضحك عليكي وتم استخدامك. ما كنتِ تعيشه ليست علاقة بالمعنى المفهوم حتى لو استمرت سنين وحتى لو كنتي مخطوبة أو متزوجة. الشخص الذي معاكي لديه اضطراب نفسي وليس شخص عادي لديه مشكلة سلوك ممكن إصلاحها، وبالتالي هو لا يشعر بكِ نهائياً كروح وقلب وجسد وعقل… مهما عملتي… هو لا يرى سوى نفسه، ولا يحب إلا نفسه، ولا يخاف إلا على نفسه.. ودوافعه مريضة لا يمكن تفهميها ولا تتوقعيها… ويؤذيكِ ويؤلمكِ ويضايقكِ ويدمركِ عمداً وليس غصب عنه لإنه لا يطيق أن يراكِ سعيدة… ولن يُشفى حتى بالعلاج. أقصى ما يمكن فعله هو تقليل حدة تصرفاته. فكلما طولتي معه في العلاقة، كلما خسائرك وآلامك ستزيد. هذه الحقيقة المجردة التي لابد أن تواجهيها حتى تستطيعي أن تنقذي نفسك بأقل الخسائر.
 
إذاً بماذا يشعر عندما الضحية تفوق وتهرب؟
يشعر بالغضب! لأنه يراكِ مجرد امتداد له، فكيف يكون لك رأي مستقل وإرادة وقدرة على الفعل خارج سيطرته من غير ما هو يسمح لك؟ فبالتالي لابد يرجعك مرة آخرى بأي وسيلة من وسائل الخداع التي ناقشناها قبل ذلك، حتى يعاقبك وينتقم لذاته المتضخمة، ثم يلقي بك بمنتهى المهانة. والانتقام سيكون عنيف ومؤلم ومدمر على قدر استطاعته. والتخلي سيكون متوحش وصادم ومؤلم على قدر استطاعته.
 
لذلك قطع التواصل لابد أن يكون فجائي بدون إنذار، وقطع تماماً من كل وسائل التواصل، ونهائي تماماً لا يوجد فيه رجعة بأي شكل لإنك لو رجعتي هتتدمري وتخسري أضعاف.
 
هذا الكلام رغم إنه منطقي وفي صالح الضحية تماماً، ولكنه شبه مستحيل لمعظم الضحايا للأسف! بسبب طريقة تفكير اسمها عقلية الضحية!
 
عقلية الضحية: كيف نراها ونتخلص منها ونستبدلها بعقلية النجاة؟
 
الإنسان الصحيح نفسياً، دوافعه الأساسية الهرب من الألم والحصول على اللذة والسعادة. الشخص الواقع تحت تأثير علاقة سامة يفعل العكس! يحب مصدر الألم، ويتجاهل في سبيله الحصول على السعادة!!
 
الضحية المثالية لشخصيات الثلاثي الأسود شاعرة بقلة الحيلة وتتخلى عن القدرة على التصرف بمفردها، وتفكر بطريقة تسهل لهم مهمتهم في تدميرها، ركزي معي حتى تكتشفي ستغيرين ماذا في طريقة تفكيرك:
 
– رغم إنها ذكية وقوية ولامعة، فهي أيضاً تتعاطف وتصدق لدرجة أنها تفضلهم على نفسها! تخلق لهم الأعذار، وتقلل من احتياجاتها وتنكرها، وتتحمل الأذى لنفسها في سبيل إنها تُريحهم! بعد قليل ستضطر تتحمل الأذى في سبيل إنها تتفادى ثورات غضبهم! (التي من الممكن يكون فيها شتائم وإهانة، وضرب، وممكن اغتصاب أو عنف جسدي شديد!)
 
– ترفض تماماً رؤية الحقيقة لأنها ستضطر تعترف أنها خُدعت وأن هذا الشخص شرير ويؤذيها عمداً. بدلاً من أن تفكر في نفسها تفكر في كلام الناس والوقت والمشاعر التي صرفتهم على هذا الشخص “وتستخسرهم”. فتستخدم حيلة نفسية دفاعية هي الإنكار! بتضحك على نفسها يعني! تفلتر أي معلومة أو دليل يثبت لها إنه سيء وإنها لابد أن تتركه. مخها “يختار” الذي تريد أن تراه ويسمعه ويتجاهل الباقي كإنه غير موجود ويبرر تقبل الألم! وبالتالي ترفض النصح والمساعدة والعلاج حتى لو أخذناها لطبيب نفسي! لابد أن تعترف الأول بالحقيقة وتطلب المساعدة.
 
– غالباً تكون خضعت لحيلة من حيل النرجسي وهي الإبتعاد التام عن محيطها الإجتماعي (أصحابها وأهلها وأي حد ممكن ينصحها ويفوقها) واحتمال تكون تركت عملها وابتعدت عن الأنشطة التي تجعلها تظل إنسان مستقل شاعر بذاته وتحوطه دائرة مساندة تنبهه وتنقذه وقت الخطر. (هذا سبب أن النرجسي يعمل هذا عمداً وبسرعة بحيث يبقى هو فقط عالمك)
 
– تتخيل أن لها إرادة وتقدر تتحكم في تحسين العلاقة، رغم أنها تحت السيطرة تماماً وفاقدة للإرادة والتحكم من زمن ودائرة المساندة اختفت أيضاً، لكن لن تستطيع تصديق هذا. بالضبط مثل المدمن الذي يقول أنا بشرب أو بدخن أو بتعاطى مخدرات “تفاريح”، لكن اقدر أبطل في أي وقت. الحقيقة أنه لا يقدر ويكذب على نفسه حتى لا يضطر يعترف أنه مدمن ويتحمل ألم الإقلاع وأعراض الإنسحاب! أنتِ أيضاً أدمنتي العلاقة السامة، ولابد أن تفوقي وتحاولي تبطلي وتقاومي ألم الانسحاب!
 
– أي علاقة سامة في الدنيا لا يمكن تكمل لو الضحية رفضت تتصرف كضحية واتصرفت كشخص سليم نفسياً وعاطفياً، ينفر من الخطر وينجو بنفسه بسرعة. كل ما أنقذتي نفسك بدري كل ما الألم والمعاناة ستكون أقل، والشفاء سيكون أسرع. كل ما تطولي كل ما خسائرك ستزيد. تذكري أن اضطراب الشخصية طبع وليس مشكلة عارضة، وغالبا لن يتغير.
 
– مهم إن من تنوي أن تتزوجه تعرف أنه لا يكتفي بالزواج وأنها ستعيش باقي عمرها تتعامل مع حقيقة إنه متعدد العلاقات خارج إطار الزواج، سواء سراً أو علنا، وإنها بقبولها بسلوكه، ستقدم له الغطاء الشرعي للإستمرار، لأنها ستبقى جزء من الخداع لضحاياه أنه شخص سوي ومحترم وثقة ومتزوج فأكيد لا يريد أمر سيئ! كيف تقبلي على نفسك تبقي شريكة في سلوك إجرامي؟؟
 
طيب اعترفنا، ونريد أن نتغير ونفوق ونرى حل، ماذا نفعل؟
 
1- سنعمل تكنيك بسيط جداً ولكنه مؤثر جداً: ورقة وقلم أو فايل على الكمبيوتر، واكتبي خلفي بعض كل الحاجات التي تكرهينها فيه! كل المواقف التي أهانك فيها. كل الشتائم التي سمعتيها منه. كل مرة ضربكِ أو آذاكِ جسدياً أو أجبرك على العلاقة الحميمة. كل مرة أهانك فيها أمام الناس. كل مرة اتريق “سخر” عليكِ فيها بشكل جارح عمداً لكي يكسرك. كل مرة اختفى بدون تبرير حتى يؤلمك ويخضعك بالعافية. كل مرة خانك. كل مرة كذب عليكِ وتلاعب بمشاعرك وأستخف بذكائك. اكتبي بالتفصيل في مكان يكون لن يراه. لإنه لو عايش معاكي فهو يراقبك ويقلب في متعلقاتك وينظر في تليفونك والكمبيوتر وأي حاجة خاصة بكِ، ويفعل هذا بشكل مستمر!
 
2- ستقرأين ما قمتِ بكتابته وتواجهي نفسك بحقيقة الشخص وحقيقة وضعك معه وتتقبلي إن الحقيقة دائما مؤلمة في أولها ولكنها منقذه لباقي العمر. كل ما تتذكري حاجة اكتبيها، واقرأي كل يوم لو شعرتي أن مشاعرك بتحن. إلى أن يتجمع عندك قدر من الغضب لكرامتك كافي لدفعك خارج العلاقة.
 
3- تكلمي مع من تثقي فيهم وأبلغيهم بقرارك بعد أن تقصي عليهم كل الأشياء “البلاوي” التي قمتي بكتابتها. لكي يرجعونكِ عندما تضعفي ويفكرونكِ بما عايشته وقلتيه. اطلبي منهم هذا وانصتي لكلامهم عندما يحاولون إنقاذك عندما تكوني في حالة ضعف.
 
4- لو هناك أي شئ بحوزته ممكن يستخدمها ضدك عندما يعلم أنكِ أنهيتي العلاقة، أتخلصي منها الأول ( أكيد فهمتي لماذا كنت اقول لكِ “ماتفرطيش” لا تعطيه نفسك. لو سلمتيه نفسك من غير زواج لن تستطيعي أن تمشي باختيارك وأنتي رافعة راسك وغير خايفة. ستضطرين أن تستمري خوفاً من الفضيحة إلى أن يمل هو منكِ ويرميكِ، وبعد ذلك سيفضحكِ أيضاً إمعاناً في الأذلال!). تخلصي من أي شئ مرتبطة به أو تذكرك به بما فيها الهدايا والأشياء المشتركة. غيري باسورداتك احتياطي لإنه أكيد حاول يفتح أكونتاتك ويتجسس عليكي.
 
5- أمشي وأقطعي التواصل تماماً. بلوك في كل مكان حتى نمر التليفون. لا تردي على نمر لا تعرفينها. لا تتحدثين مع أصدقاء مشتركين سيجعلهم يتكلمون عنه “هايزقهم عليكي”. غيري جدولك لو أمكن، أبعدي عن أماكن تواجدك التي هو يعلمها. قاومي مشاعرك إنك تعرفي أخباره أو تحاولي تفتحي باب للتواصل. هذه أصعب مرحلة. لو كان من النوع المحترف فهو جعلكِ تدمني المشاعر المرتبطة به. فحتى بعد ما تكرهيه هو شخصياً، لن تقدري أن تتخلصي من المشاعر بسهولة. قاومي بكل طريقة ممكنة.
 
هذه الفترة المؤلمة فترة أعراض الانسحاب مثل أي حد يتوقف عن السجائر أو المخدرات (الحب عبارة عن هرمونات، وجسمك أدمنها، ويحاول يتخلص منها، فتحملي). هذه الفترة تستمر حسب طول العلاقة. كل ما كانت العلاقة أطول كل ما ستأخذي وقت أطول لكي تتخلصي من مشاعركِ المرتبطة بها.
 
كيف نتحمل الفترة الأولى بعد قطع التواصل؟
 
– نغير إتجاه مشاعرنا: بدلاً من أن نركز مع الشخص كما دربنا في فترة السيطرة العاطفية، سنعود نركز في نفسنا وصحتنا وسعادتنا أهم! ونبذل مجهود للتعافي وليس لإصلاح الآخر أو تحليل شخصيته وفهم دوافعه. سنستغل الوقت في إصلاح حياتنا نحن أهم. نحب نفسنا أكثر ما نحب الآخر. نساعد نفسنا أهم، ننقذ نفسنا أهم. دوافعه لا تُعنينا في شئ ما دام في كل الأحوال واقع علينا الضرر. ليس مهم هل هو قاصد ذلك أم غصب عنه. المهم الضرر وقع ونحن نحاول نهرب ونتعافى. هذه الفكرة لابد أن تجعلينها أمامكِ طوال الوقت.
 
– نستعين بالمعلومات: نقرأ، نبحث، نفهم، نتكلم مع متخصص لو احتاجنا حتى نساعد أنفسنا تثبت وتقاوم، نوعي من حولنا عن المشكلة لكي نحول الألم الشخصي لشئ مفيدة. هذا من طرق التعافي.
 
– الكلام والفضفضة مع شخص قريب وأمين تكنيك مهم لإخراج المشاعر السلبية خارجك. وأيضاً أحياناً نجد حلول ونحن نسمع أنفسنا تتكلم وتشرح مشاعرنا لشخص آخر.
 
– نهتم بصحتنا الجسمانية والنفسية. اشغلي نفسك قدر المستطاع وأكبر قدر ممكن من الوقت، العبي رياضة لكي تقاومي الاكتئاب، سافري أو أبعدي فترة لو تقدري. مارسي عبادات وقربي من ربنا واستعيني به. نأكل بشكل جيد وننام بشكل جيد. نختلط بالناس ونحصل على الحب والمساندة من مصادر أخرى. التغلب على سم الحب الكاذب حله الوحيد هو التعرض للحب الحقيقي الصافي المنزه عن الأغراض. وانتي أكيد من حولك أناس كثيرون يحبونكِ. قضي وقت معاهم واطلبي المساندة.
 
– نعترف إن الفشل حقيقة من حقائق الحياة. لا يوجد أحد لم يأخذ قرارات خطأ في حياته. الإعتراف بالفشل وتحمل مسئوليته من مقومات الناجحين. الفرق بين الناجح والفاشل أن الناجح لا يستكبر أن يعترف بالخطأ، ولا يخاف أن يعترف بالفشل ويتحمل مسؤليته، ولديه شجاعة كافية وثقة في نفسه وفي ربنا إنه يستطيع يبدأ من جديد. ويعلم أن فشله مرة لا يُعني أنه “إنسان فاشل” عموماً، لأنه سيتعلم من خطاءه ويستخدم الدرس في تطوير نفسه. الفاشل بحق هو الذي لا يتعلم!
 
– من دلائل الصحة النفسية الإعتراف بالنهايات وإعلانها. خاصةً النهايات في العلاقات الإنسانية. طول ما أنتي عايشة في نهاية ولا تعترفي بها لن تكون هناك بداية جديدة تنعش حياتك وترد في قلبك الروح! .. بعد أن مررتي في الخطوات الكثيرة المؤلمة هذه. حان الوقت لتعلني أنكِ أنهيتي العلاقة لغير رجعة وتستعيدي نفسكِ لكي تجدي إنسان محترم وصحيح نفسياً يستحقك.
 
هذا بالنسبة لعلاقات ما قبل الزواج. بالنسبة لعلاقة الزواج بشخص من الثلاثي الأسود، كيف نتصرف؟
 
نصيحتي هي الإستعانة العاجلة بطبيب نفسي متخصص علاقات. الزواج وخصوصاً في وجود أولاد علاقة طويلة ومعقدة. والتدمير النفسي والجسدي فيها ممكن يبقى شديد ومحتاج تدخلات كثيرة. وليس كل الناس ينفع ننصحهم يستنوا أو يتطلقوا. كل حالة لها ظروف خاصة. ولا يصح أن تحكوا تفاصيل حياتكم الشخصية لأي أحد ليس محترف وليس أمين على أسراركم. فبأسرع وقت إلجأوا لطبيب متخصص بعد أن تكتبوا المشكلة بتفاصيلها كما الخطوة المذكورة فوق، بحيث توضحوا أنتم تشتكون من ماذا بالتحديد وتطلبون مساعدة في ماذا.
 
** كلمة أخيرة:
عندما بدأت اكتب التوعية في هذه السلسلة، لم أكن اتخيل انتشار المشكلة بهذا الشكل. واتضح لي هذا من تفاعلكم مع المقالات. أنا شاكرة مشاركتكم لقصصكم الشخصية للتوعية في هذا الموضوع الهام. تأكدوا إنه أفاد ناس كثيرة محتاجين هذه المعلومات وسيغيرون بها حياتهم. ياريت تشاركوا ما تعلمتوه مع من هم حولكم يمكن نقدر ننقذ غيرنا من التعرض لتجارب مؤلمة.
 
دمتم بخير وصحة وسعادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !