الرئيسية » الذات » تطوير الذات » كيفية تعزيز الثقة بالنفس

كيفية تعزيز الثقة بالنفس

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1338 المشاهدات
كيفية تعزيز الثقة بالنفس

بالطبع ، إننا لم نتعلم في المدارس كيفية شعور بالثقة بالنفس كما أن هناك الكثير منا الذي لم ينشأ علي ذلك ، ولكن لم يفت الأوان علي تعلم ذلك أو تغيير طريقة شعورك حيال نفسك.

ما يقوم به الأشخاص الواثقون من أنفسهم ؟ حين يتقن أحد الأشخاص القيام بأمر ما ، فإنه لا يدرك بالضبط ما يقوم به ليتقنه ، فهو يتصرف بتلقائية ، وإن سألته أن يوضح لك ما يقوم به لتتعلم منه ، فستبدو عليه الحيرة ، ولهذا فإنني قمت علي مدار العشر سنوات الماضية بدارسة الأفكار والتصرفات التي يقوم بها الواثقون من أنفسهم والتي ساعدتهم علي الإيمان بأنفسهم وبقدراتهم بغض النظر عن ماهية هذه التصرفات .

إذا أردت التمتع بصحة أوفر؛ فعليك محاكاة التصرفات التي يقوم بها شخص يتمتع بصحة وافرة وحياة نشيطة ، وكذلك إذا أردت الشعور بالإجهاد ؛ فعليك محاكاة شخص يشعر بذلك باستمرار.

أسباب تغير شعور بالثقة بالنفس

قد نشعر في بعض الفترات التي تراودنا فيها المشاعر السلبية بأننا لم نشعر بالثقة في أنفسنا طوال حياتنا ، ولكن الحقيقة هي أننا قد خُلقنا جميعاً ونحن نشعر بالرضا عن أنفسنا ، فحين كنا صغاراً لم نكن ندرك وجود طريقة أخرى للعيش ولم نكن نعرف ماهية الثقة بالنفس ولا أننا قد نفقد ذلك الشعور ، ولم تكن لدينا أية فكرة عن تقدير الذات أو ماهية الشعور بالخجل ، وبالتالي فلم نكن نلقي بالاً لمظهرنا أو لآراء الآخرين فينا ، كذلك لم نكن نصدر الأحكام علي أنفسنا أو ننتقد الآخرين وكنا نشعر بالرضا عن أنفسنا.

إذا وجدت صعوبة في تصديق ذلك ، فراقب سلوكيات طفل لم يبلغ الثالثة من عمره ، راقب كيفية تصرفه وكيف يشعر بالثقة بالنفس بصورة طبيعية علي الرغم من أنه قد يشعر بالخجل للحظات عند مقابلة أشخاص جدد ، ولكنه سرعان ما يعود لطبيعته ويستمتع بوقته دون أي شعور بالخجل ، فالأطفال يستمتعون بكل ما يقومون به دون أن يبدوا اهتماماً بالعالم من حولهم .

وللأسف عند مرحلة عمرية معينة يبدأ الأطفال في محاكاة الكبار وحينها يتعلمون كيفية الشعور بالخجل ، ويتطلع الأطفال الصغار إلي والديهم ومعلميهم وأقاربهم وكل من له سلطة أو تأثير في حياتهم ويبدءون في محاكاتهم ، وغالباً ما يتم الاستخفاف بالأطفال والاستهانة بعقولهم ، فيتكون لديهم شعور بالدونية ، كذلك تكون لدي الأطفال حساسية تجاه أي تصرف يقوم به الكبار المحيطون بهم ، فقد فشل الأطفال في العثور علي المثل الأعلى الذي يتحلي بالثقة بالنفس والذي يمكنهم الاقتداء به ، ومن ثم ينتهي بهم الأمر بالشعور بالدونية ، فالآباء ينقلون شعورهم بانعدام الآمان إلي أطفالهم الذين ينقلونه بدورهم إلي أطفالهم وهكذا.. ولا يتم ذلك الأمر بسوء نية ، ولكن هكذا هو الحال ؛ لذا فلا مجال للتعجب إذا كنا ككبار نُعاني من انعدام الثقة بالنفس نتيجة لما عانيناه أثناء مراحل نُمونا ، فقد كان أغلبنا مُحاطاً بأشخاص يعانون من الأمر نفسه .

العلاقة بين تصور أسوأ الاحتمالات والشعور بالثقة بالنفس

يشبه القلق الكرسي الهزاز ، حيث يمكنك الجلوس عليه لفترة من الزمن إلا إنه لا ينتقل بك من مكان إلي آخر.. فان وايلدر

علي مدار السنوات التي عملت فيها مع الكثير من الأشخاص ، لاحظت توقع الأشخاص الذين يعانون من انعدام الثقة بالنفس حدوث أسوأ الاحتمالات عندما يتعلق الأمر بالمجهول ، فهم يتخيلون أن الأمور ستسوء بشدة ويواجهون صعوبة في التفكير بواقعية فيما يمكن أن يحدث وما لا يمكن أن يحدث ، وهذا عكس ما يقوم به الأشخاص الواثقون من أنفسهم ممن لديهم القدرة علي النظر إلي الأمور كافة بنظرة واقعية لتقدير ما يمكن أن يحدث .

ولكي تستطيع تكوين نظرة واقعية عند التعامل مع أحد المواقف المهمة ، أطرح علي نفسك هذا السؤال : ما أسوأ الاحتمالات التي يمكن أن تحدث في هذا الموقف ؟ وعلي الرغم من أنه من غير الملائم أن تمعن النظر في أسوأ الاحتمالات التي يمكن أن تحدث ، فإنك بمجرد قبولك لتلك الاحتمالات القائمة علي منظور واقعي ، ستتمكن من التفكير فيما ترغب أن تئول إليه الأمور ، فعادة ما لا تكون الأحوال بمقدار السوء نفسه الذي نتوقعه بل إنها يمكن أن تكون أفضل كثيراً مما نتوقعه .

والآن تصور الموقف الذي تشعر بالقلق حياله ، وتخيل أنك تحسن التصرف بشأن أكبر قدر ممكن من التفاصيل المتعلقة به ، ويمكن أن يُطلق علي هذا الأسلوب ” التصرف بناءً علي تصور الاحتمالات الإيجابية ” ، ويمكنك استخدام هذا الأسلوب في تخيل موقفك وأنت تشعر بالثقة في نفسك وبذلك ستمنح عقلك أفكاراً جديدة ليركز عليها .

ولكي تقوم بالتدريب علي هذا الأسلوب ، أقترح عليك أن تسترجع بذاكرتك أحد المواقف التي تشعر حيالها في الوقت الحالي بانعدام الثقة بالنفس ، ويمكنك أن تتصور ذلك في مخيلتك أو كتابته في دفتر تدوين الملحوظات اليومية الخاصة بك ، ولكن ستكون الأمور أيسر لك إذا قمت بكتابتها .

فكر في أحد المواقف التي يتوجب عليك مواجهتها قريباً مثل :أن تلقي عرضاً تقديمياً أمام الآخرين أو أن تطلب من أحد أقاربك أن يسدي لك معروفاً أو أن تطالب بزيادة أجرك ، واسأل نفسك أولاً : ما أسوأ الاحتمالات التي يمكن أن تحدث في هذا الموقف ؟ ربما ستشعر بالخجل لمدة خمس دقائق أو يرفض قريبك إسداء المعروف الذي طلبته منه أو أن تستمر في الحصول علي الأجر نفسه دون أية زيادة ، وعلي الرغم من أنه لم ينته أي من هذه المواقف علي النحو الذي تتمناه ، فإنها ليست نهاية المطاف.

يميل الأشخاص الذين يعانون من انخفاض تقديرهم لذاتهم إلي تهويل الأمور ؛ فيتخيلون سخرية الآخرين منهم أو أنه يتم توجيه التوبيخ لهم أو أنهم يفقدون وظائفهم ، ومن ثم فهم يعجزون عن توقع أسوأ الاحتمالات بطريقة واقعية ، ويتخيلون مجرى للأحداث تنتهي فيه الأمور نهاية بالغة السوء ، لذلك فإنني أطلب منك أن تحافظ علي رؤية واقعية تجاه ما يمكن أن تئول إليه الأمور.

وبعد أن تنتهي من عملية تخيل أسوأ الاحتمالات القائمة علي نظرة واقعية للأمور والتي يمكن أن تستمر لدقائق أو التي يمكن أن تؤدي إلي أن ينتهي بك الأمر من حيث بدأت ؛ أي أنه في كلتا الحالتين لم يحدث أي ضرر- ابدأ تخيل أفضل الاحتمالات التي يمكن أن تحدث في هذا الموقف .

قم بتغيير مسار تفكيرك قليلاً ، كيف كنت ستتصرف إذا كنت تتمتع بالثقة بالنفس ؟ كيف كنت ستتحرك ؟ كيف كنت ستتحدث ؟ ما الذي كان سيدور في ذهنك ؟ وما الرسائل الإيجابية التي كنت ستوجهها إلي نفسك ؟

وبالإجابة عن هذه الأسئلة ، ستضع نفسك في موضع الثقة بالنفس ، فعملية تخيل ما يمكن أن يحدث إذا كنت تتمتع بالثقة بالنفس ، ستجعلك تتصرف كما لو كان الأمر كذلك ، فالمخ لا يستطيع أن يفرق بين ما تتخيله بوضوح شديد وما هو واقع ، ولهذا إذا تخيلت ذلك الأمر مرة تلو الأخرى ؛ فسيمكنك عن طريق التخيل تغيير الواقع .

تنتاب الأشخاص الواثقين في أنفسهم بعض حالات الخوف ، كما أنهم لا يعتقدون بأن كل الأمور ستمضي وفق أهوائهم ، ولكنهم يؤمنون بقدرتهم علي التكيف مع أسوأ الاحتمالات ، وأن الأمر يستحق المحاولة سعياً وراء النتائج ، وبناءً علي ذلك إذا كنت في حاجة ماسة لاقتراض بعض الأموال واستجمعت شجاعتك لتطلب من أحد أقاربك أن يقرضك تلك الأموال ، فقد تخشي من مقابلة طلبك بالرفض ، ولكن هناك احتمالية لموافقته علي أن يمنحك ما تطلبه ، وذلك إذا سارت الأمور مثلما هو مخطط لها ، فالمجازفة الإيجابية تُعد إحدى الوسائل الفعالة لإضفاء التغييرات علي شكل حياتك ، ومن ثم إذا لم تكن مستعداً للمجازفة ، فسيستغرق إحداث التغيير وقتاً طويلاً ، أما إذا تبنيت الاعتقاد الذي يقول أنك قادر علي التكيف مع أسوأ الاحتمالات ، حينها ستبدأ الأمور في التحسن نظراً لإيمانك بقدرتك علي التماشي مع تلك الأمور .

أولي علامات الجنون.. هي التحدث مع النفس

ربما سمعت أن أولى علامات الجنون هي التحدث مع النفس ، والحقيقة هي أننا نتحدث جميعاً مع أنفسنا ، ويقوم معظمنا بذلك طوال الوقت ، وهو أمر طبيعي ولكن ما قد يبدو غير طبيعي هو الطريقة التي نتحدث بها مع أنفسنا ؛ يتمتع معظمنا بالذكاء الكافي الذي يجعلنا ندرك حاجتنا إلي تناول الأطعمة الجيدة والاعتناء بأجسادنا إذا أردنا التمتع بالصحة ، وهذا في الوقت الذي يتمتع فيه القليل منها بالذكاء الكافي الذي يجعلنا ندرك أنه ينبغي أن تتسم الأفكار والمعتقدات لتي نتبعها ونفكر فيها بالصحة ، وخلاصة القول تتحدد طبيعة حياتنا من طبيعة الأحاديث الداخلية التي نجريها مع أنفسنا ، ومن ثم إذا تحدثنا مع أنفسنا بطريقة سلبية انهزامية ، فستبدو الحياة في نظرنا سلبية ومرهقة ، وإذا ما كان حديثنا مع أنفسنا يطغي عليه الحماس والتفاؤل والأمل ، فستبدو الحياة ممتعة ومبهجة ، وعليه فالأمر غاية في البساطة.

الكف عن الأحاديث الداخلية السلبية

أريد أن أتحدث عن التأثيرات السلبية للأحاديث الداخلية التي نجريها مع أنفسنا والأصوات التي تدور داخل عقولنا ، وتتمثل الأقاويل السيئة والسلبية التي تتحدث بها عقولنا في العبارات التالية : ” أنت لست كفئاً بدرجة كافية ” أو ” أنت شخص كسول ” أو ” إنك لن تتغير أبداً ” أو “أنت شخص عديم الإرادة ” أو ” أنت شخص بدين ” أو ” أنت لست محبوباً ممن حولك ” وهكذا.. ومن ثم فما الذي تُحدث به نفسك ؟

هناك الكثير من الأمور السلبية التي يُحدث بها الأشخاص أنفسهم منها :
*لن يُحبني أحد.
*لن أقدر علي القيام بذلك الأمر.
*لقد أخطأت مرة أخرى.
*لا أستطيع أن أتخيل أنني ارتكبت ذلك الخطأ .
*أنا شخص شديد الغباء.
*أنا شخص مفرط البدانة.
*أتمني لو كنت… ( أتمتع بحس فكاهي أو محبوباً بصورة أكبر أو أكثر نحافة أو مهارة أو غنيً… الخ )
*هذا خطئي
*أشعر بالغضب الشديد من نفسي.

إذا قمنا بترديد شيء ما علي مسامع أنفسنا فترة كافية ؛ فسنؤمن بحقيقة ذلك الأمر ، وعلي المنوال نفسه إذا قمنا بترديد شيء ما علي مسامع الآخرين مرة تلو الأخرى ، فسيقتنعون بحقيقة ما يُردد علي مسامعهم ، والفرق هنا هو أننا نميل إلي التفوه بأشياء لطيفة للآخرين أكثر مما نتفوه به لأنفسنا ، فعلي سبيل المثال إذا رددنا علي مسامع طفل أنه ليس جيداً كما ينبغي مرة تلو الأخرى ، فسيبدأ في تصديق ذلك ، ولكننا بالطبع لن نقوم بهذا الأمر تجاه طفل صغير لأنه يعد قاسياً ومؤذياً بالنسبة له ، ومن المؤسف أنه لا يساور الكثير منا القلق حيال التحدث إلي أنفسنا بطريقة انهزامية ، فنحن لا ندرك أصلاً أننا نقوم بذلك.

يغفل الكثيرون عن إدراك الأحاديث الداخلي السلبية التي تدور في عقولهم ومدى تحكمها في نمط تفكيرهم ومدي تقديرهم لذاتهم ، وبعد قليل سأطلب منك كتابة كل ما تُحدثك به نفسك ، وبمجرد أن تُدرك ما تُحدث به نفسك ، فستصير لديك لقدرة علي تغيير ذلك الأمر .

تحمل مسئولية الفرد لذاته

أصبحت ثقافتنا تتمحور حول إلقاء اللوم علي الآخرين ، هناك بعض الأمور تكون فيها الدعاوي القضائية بمثابة إلقاء اللوم علي الآخرين وتحميلهم مسئولية أخطائنا وقراراتنا غير الصائبة والنتائج المترتبة عليها ، ومن ثم فالحل الأساسي يكمن في مواجهتك للمشاكل والبحث عن حلول لها ، فأنت في حاجة إلي الشعور بالمسئولية عن كيفية شعورك حيال الأمور المختلفة وأن تتصرف من منطلق إحساسك بتلك المسئولية.. كيف يمكن أن ينطبق ذلك علي زيادة الثقة بالنفس؟ يمكن أن يتم عن طريق التصالح مع النفس .

اقرأ أيضاً : التصالح مع النفس

هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !