الرئيسية » الذات » تطوير الذات » ما هو تعريف تطوير الذات

ما هو تعريف تطوير الذات

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1197 المشاهدات
تطوير الذات وبناء الشخصية
تطوير الذات (المساندة الذاتية)
 
الحياة ليست الأحداث.. وإنما كيف ترى الأحداث.. المساندة الذاتية أو تطوير الذات (Self Improvement or Self Help).. هي ممارسة مجموعة من المفاهيم والأدوات التحفيزية المستمدة من علوم إنسانية مختلفة بغية الإرتقاء بأداء الفرد شخصيا ومهنيا.. ومن ثم تطوير وجهة نظره بالحياة.. ويعني في جوهره أن يطور المرء ذاته روحا ونفسا وجسدا بمساعدة آخر.. هذا الآخر قد يكون كتابا أو مادة مرئية أو مسموعة أو حتى مدربا.. فإذا كان العنصر المساعد مدربا سمى الإجراء بتطوير الشخصية (Personal Development).. الأمر ليس عبثا ولا لعب.. بل تحمل للمسئولية وفهم أجود للحياة..
 
إن تفكيرنا العاطفي يحرف الكلام دوما عن مواضعه.. ليجعلنا أكثر تشبثا بمناطق راحاتنا فنرفض أي جديد وكل جديد.. دعونا نتخلص من هذه الطفولية في تناول الأفكار.. ولننفتح على كل مفيد.. ولا يتعارض تطوير الذات مع الطب النفسي في شئ.. فالمسافة بين الشخص المريض والشخص الطبيعي يتولى أمرها طبيب النفس.. بينما تلك التي بين الشخص الطبيعي والشخص الناجح يتولى أمرها تطوير الذات.. ينبغي أن نعي الفرق بين أمراض النفس التى يلزمها العلاج.. وإمكاناتها المعطلة التى يعوزها التحفيز..
 
يقول بروس فيرشتاين (المسافة بين أن تكون عاديا وأن تكون عبقريا هي مدى النجاح الذي تحققه) -صدقت يا سيد فيرشتاين- .. والذين يهاجمون تطوير الذات على أنه استبدال لدين الله هم في حاجه إلى إعادة النظر فيما ينظرون.. كم يروق لنا هدم كل جديد بإسم الدين.. والواقع أننا لا نقيم تطوير الذات بمفاهيم الدين.. بقدر ما نقيمه بمفاهيم قدمائنا عن الدين.. نحن لا نملك فكرا يخصنا ولا نزال ندور في فلك القدماء.. وهنا يخلص الأمر إلى كوننا نقيم أداة جديدة بأداة قديمة.. وليس تطوير الذات ببعيد عن الدين.. فما يعني مفهوم تزكية النفس إلا تطويرا للذات.. وما تدعو مفاهيم المساندة الذاتية إلا لمكارم الأخلاق التى بعث النبي الأكرم ليتممها.. بل أنك قد تجد أحيانا في أدبيات تطوير الذات الغربي ما هو أقرب لجوهر الدين الحنيف من بعض ما يقدمه رجال الدين المزعومون هذه الأيام..
 
الدين هو الصراط المستقيم بين نقطتي الميلاد والممات.. فإذا كان المرء على الصراط.. يكون الدين هو وسيلة النجاة في حياة الدنيا والآخرة.. أما إذا انحرف الإنسان عن صراطه المستقيم وابتعد عن الدين.. أصبح الدين هو الغاية.. وهنا يبزغ دور تطوير الذات.. فهو الأداة الرائعة التى تعينك على العودة إلى صراطك المستقيم.. حيث تمنحك الوعي الذي تختار به طريق الدين من جديد.. لك أن تتخيل مراهقا يشطح في سلوكه ولا يقبل النصح من والديه.. لكنه يتقبله من صديق.. حتى إذا ما عاد إلى صوابه.. تمكن حينها من إتباع إرشاد الوالدين.. هذا تماما ما تفعله استراتيجيات تطوير الذات مع الشاردين عن السلوك الديني القويم..
 
فتطوير الذات يعني إقترابك من الروح عالية الوعي والقدرة وسيطرتك على النفس الشائبة بمضعفات العالم المادي وتحسين قدراتك العقلية وتخليص بدنك من المهلكات.. أما لماذا يحدث في بلادنا هذا المزج بين تطوير الشخصية والدين.. فذلك أمر طبيعي جدا وربما حتمي أيضا.. كيف يتجاهل أي مطور مسلم أعظم كتاب في تطوير الذات.. القرءان الكريم؟! كتاب الله يفرض نفسه على كل من انشغل بتزكية النفس البشرية وتطويرها.. المهم ألا يتمادى في استعمال الدين حتى لا ينفلت الزمام ويخرج الأمر عن كونه تطويرا للذات..
 
فيا علماء الدين الحقيقيون ضعوا أيديكم في أيدي المطورين لنهدي العالم دررا على طريق الهداية الإنسانية ما كان له أن يعرفها لولا أن هدانا الله إليها في كتابه العظيم وسنة نبيه الأكرم.. نستطيع أن نقدم الكثير.. ولكن ما يشوب تطوير الذات حقيقة هو الصنعة الأمريكية التي طالته كعادتها بكثير من المبالغة والتضخيم والإستعراض الذي أفقد الأفكار قيمتها في بعض الأحيان.. ونحن للأسف نستقبلها مضافا إليها هذا البهرج الأمريكي فننقسم إلى فريقين.. الأول يرفضها بالكلية فيحرم نفسه من الخير الكامن فيها.. والآخر يروج لها بمبالغاتها بل ويضيف إليها شيئا من الدجل الشرقي المعروف.. مما يفرغ الأفكار من محتواها أكثر فأكثر وبالتالي يزوغ جوهرها عن هؤلاء ويحرمون أيضا من الاستفادة الحقيقية..
 
عندما يكثر البهار يختفي الطعم الأصلي للطعام.. وفي نهاية المطاف يتساوى الفريقان ولا أحد يستفيد.. المطلوب هو التعاطي العاقل مع أفكار تطوير الذات النيرة.. كما أود لفت الإنتباه إلى ذلك الخلط الشديد لدينا بين مصطلح (تطوير الذات – Self Improvement) ، ومصطلح (تنمية بشرية – Human Development).. فالأول خاص بجملة إجراءات يتخذها الفرد تجاه ذاته بغية تطويرها.. بينما يخص الأخير برامج وسياسات الدول لرفع مستوى معيشة المجتمعات.
 
وأخيرا كلمتي لك أنت عزيزي القارئ.. أيا كان عمرك أيا كان جنسك أيا كان دورك بالحياة.. لا تظن أنك سوف تتبع برنامجا تدريبيا يطور لك ذاتك في أمر ما لوقت ما فحسب.. فأنت محاصر بمضعفات الدنيا ما دمت تحياها.. إن تطوير الذات هو أسلوب حياة.. وأفكار تتداولها مع نفسك ومع الآخرين في أي وقت وفي كل وقت.. خذه رسالة في حياتك.. فلا يقتصر الأمر على فئة المدربين والمحاضرين.. بل مارس أنت دورك في المجتمع بشكل إيجابي.. كم أحلم بمجتمع يتداول فيه كل أفراده فنون المساندة الذاتية.. فيرقى بإنسانيته عنان السماء.. هذا معلم ومطور ذات.. وذاك طبيب ومطور ذات.. وآخر شرطي ومطور ذات.. وهذا أب.. وتلك أم.. وهكذا كل الأفراد.. الجميع يتعاون ويتداول وينشر الخير.. فما أجمله من مجتمع.
 
هذه الحدود والمفاهيم في غاية الأهمية أرجو أن تنظر إليها مجتمعاتنا بعين الدقة والتمحيص.
 
.
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !