الرئيسية » الذات » تطوير الذات » مقالات قصيرة عن الحياة

مقالات قصيرة عن الحياة

بواسطة عبدالرحمن مجدي
2163 المشاهدات
من روائع الكلمات والحكم
وحدها الذات هي المعلم :
 
المعلم في الداخل ، إن الغاية من التأمل هي إزالة الفكرة الجاهلة بأن المعلم في الخارج فقط ، لو كان المعلِّم غريبا ، أنت في انتظاره فسيختفي لا محالة هو الآخر ، أين هي الفائدة من كائن سريع الزوال كذاك ؟ لكنك مادمت تحسب نفسك منفصلاً ، أو تتوهم أنك الجسم ، فإن المعلِّم “في الخارج” ضروري أيضا ، ولسوف يظهر وكأنه ذو جسم ، أما حين يزول تماهي المرء الكاذب مع الجسم ، فسيتبيَّن أن المعلِّم ليس سوى عين الذات ..
 
هل يمسك بك المعلم من يدك ويهمس في أذنك ؟ قد يتفق لك أن تتخيَّله على ما أنت عليه ، ولأنك تظن أنك ذا جسم ، تحسب أن له جسمًا هو الآخر ، كي يفعل فيك شيئًا ملموسا ، عمله يكمن في الباطن ، في العالم الروحي .
 
إن الله يتحنَّن على المريد المحب ، ويتجلَّى بحسب تفتُّح هذا المريد ، المريد يظن أن الله امرؤ ويتوقع علاقة ، كالعلاقة بين جسمين طبيعيين . لكن الغورو (المعلم)– الذي هو الله أو الذات متجسدةً – يعمل من الباطن ، يعين المرء على رؤية ضلال مسلكه ، ويهديه حتى يحقِّق الذات في الباطن .
 
إن صمت المعلم أفعل شكل من أشكال العمل ، فمهما بلغت الكتب من السعة والتوكيد ، فإنها تخفق في التأثير ، أما الغورو (المعلم) فهو ساكن ، والنعمة تغلب على كلِّ شيء ، وهذا الصمت أوسع وأشد توكيدًا من الكتب كلِّها مجتمعةً .
 
رامانا مهارشي
– – – – – – – – – – – – – – – – – –
يتواصل معظمنا مع العالم الخارجي ، بشخصيات وأفكار .. وحتى بكلمات .. يعتقد وبعمق أنها تمثله ، لكن كل ذلك منسوج بخيوط ما تعلمه ، وما اكتسبه من معارف غريبة عن حقيقته ، لم يخترها بل فرضت عليه ، أي هي وهم قناعاته وأقنعته ، لذلك .. يغيب عنه أن هذا الوهم هو مايجعل حياته متأرجحة ، بين سعادة و ألم آنيين ، وبما أن المسبب غير حقيقي ، فما ينتج عنه أيضا غير حقيقي ، لأن الوهم لا يولد إلا الوهم ، إذا لا حزن ولا سعادة حقيقيين ، فما هو الحقيقي إذا ؟
 
الحقيقي هو ذلك الثابت الذي لا يتغير ، الحب المتمركز في داخلنا ، وعينا أم لم نع .. إن الثابت الوحيد ومنذ الأزل هو الله ، هو الصمت وهو الغبطة ، و النشوة الأبدية .. هو الحب بأسمى وأبسط صوره ، هو الحقيقة الوحيدة الكائنة ، وبلوغه يحتاج لشجاعة مريد هذا الحب ، أي إلى التخلي عن كل أفكارنا عنا وعنه ، أن نفرغ حقائبنا مما حشوناها به ، في كل محطة من محطات رحلتنا ، أن نخلع عنا أنواتنا ، أن نوقف ثرثرتنا وقصصنا ، إنه يحتاج أن نكون فقط .
 
فالصمت أو الله .. موجود في كل ما هو كائن ، هو تلك المساحة التي تلمسها بداخلك ، و كلما ركنت إليها شعرت برحابة الكون فيها ، بل بالرحمة منك للآخر ، هي شعورك بحضوره (بحضورك) ، هو في عبق وردة ، في ميلان شجرة وظلها .. وحضورها ، في غمرة طفل ، هو في حضورك مع كل لحظة ، مهما تبدلت ، إنه أن تكون في الآن فقط .
 
إذ لا مكان لله في بيت ، يصر صاحبه على الإبقاء على بقايا آلهة مزيفة ، بل إنه في قلب من شرع أبواب قلبه ونوافذها ، في قلب من سمح لنور الله أن يستمر في التدفق من خلاله ، بعد أن تخلى عن كل شيء إلا هو ..
 
اصغ للصمت فجميع الأجوبة محتواة فيه ، آن لكل نيرانك المتقدة ، أن تبدأ رحلتها في التنوير ، بدلا من الحرب على نفسك ، قبل .. أحبب .. اغمر كل شيء .. وامتن لوجوده ..
 
( فما يفيض به الصمت ، تودعه الكلمات )
– – – – – – – – – – – – – – – – – –
أنت الذي ابتعدت عن الإله ، أنت تدير ظهرك له ، لقد أعطيت فكرة سخيفة جدا هي (الأنا) ، بدأت تعتقد أنك منفصل عن الوجود ، وعليك أن تثبت ذاتك ، عليك القيام بشيء ما ، وتحقيق شيء ما ، لاعتقادك بأنك منفصل ! أنت لست منفصلا ، ولايمكن أن تكون منفصلا ، بل ليس باستطاعتك العيش للحظة واحدة ، بدون أن تكون في الله ، حتى عندما تنكر الله ، فإن الله مستمر بإمطار الحياة فيك ، الله مستمر بالتنفس فيك ، الله هو حياتك .
 
ليس باستطاعة الحيوانات أن تعتقد أنها منفصلة ، إن الإنسان وحده يستطيع الاعتقاد بذلك ، لأن الإنسان وحده يستطيع أن يفكر ، لقد تحولت البركة العظيمة إلى لعنة هائلة بسببك .
 
يستطيع الإنسان أن يعرف أنه عبارة عن واحد مع الله ، وليس هناك من شجرة تعرف ذلك ، تعيش الشجرة في الله ، لكنها لاتستطيع أن تعرف أنها واحدة مع الله ، إنها غير واعية .. وتنام بعمق .
 
بإمكان الإنسان أن يعرف أنه متحد مع الله ، لكن هذه المعرفة تؤدي إلى ظهور معرفة أخرى ، إذ يمكنك الاعتقاد بأنك منفصل أيضا ، وسواء اعتقدت أنك متحد مع الله ، أم منفصل عنه .. فأنت واحد ، ذلك لن يشكل فرقا كبيرا ، أما فيما يخص العقل ، فعندما تعتقد أنك منفصل عن الله ، تصبح قلقا .. يظهر الإجهاد والتوتر وتصبح مشدودا .
 
تأمل في هذا فقط .. يحدث استرخاء مفاجئ في اللحظة التي تعتقد فيها ، أنك واحد مع الكل ، لن تكون بحاجة لأن تكون متماسكا ، بل تستطيع الاسترخاء ، ليس هناك من ضرورة لبقاء التوتر ، لعدم وجود هدف خاص بك عليك إنجازه ، أنت تتدفق مع الله ، ليس هناك من مصير خاص بك ، فالمصير الخاص بك يجلب المشاكل .
 
كبير
– – – – – – – – – – – – – – – – – –
قال جورج غوردجييف : ” لقد كنت في التاسعة من عمري ، عندما كان والدي على فراش الموت ، عندها دعاني للاقتراب منه ، وهمس في أذني قائلا : أنا لن أترك لك الكثير في هذه الدنيا ، لكنني سأخبرك شيئا .. أخبرني إيّاه والدي ، عندما كان بدوره على فراش الموت ، وما قاله لي ساعدني كثيرا ، لقد كان كنزي الذي ورثته ، أنت الآن مازلت طفلا ومن الممكن أن لا تفهم ما سأقوله ، لكن احفظ ما أقوله لك ، وعندما تكبر ستفهم .. هذا المفتاح يفتح أبواب أكبر الخزائن “
 
بالطبع لم يفهم غوردجييف ما قاله له والده في تلك اللحظة ، لكن هذا ما غيّر كلّ حياته ، وما قاله والده هو ما يلي ” إذا أهانك أحدهم .. قل له سوف تتأمل ما قاله لك لمدّة أربعة وعشرين ساعة ، وبعدها ستأتي وتقول له الجواب “
 
لم يصدق غوردجييف أنّ هذا سيكون مفتاحا عظيما ، وأنّ هذا الشيء في غاية الأهمّية ، لم يستطع أن ينسى غوردجييف ، ما قاله والده عندما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة .
 
ودون فهم ما قيل له ، بدأ غوردجييف يطبّق وصية والده ، فعندما كان يهينه أحدهم كان يقول ” سيّدي ، سأتأمل ما قلته لي لمدّة أربعة وعشرين ساعة ، هذا ما أوصاني به والدي ، لذا سآتي بعد أربعة وعشرين ساعة وأردّ عليك “
 
وقال غوردجييف ” إنّ تأمّل ما قيل لي منحني القدرة ، لأن أدخل إلى أغوار نفسي ، ففي بعض الأوقات وجدت أن الإهانة أتت في مكانها ، فكنت أذهب إلى من قالها وأقول : له شكرا سيّدي إنّ ما قلته لم يكن إهانة ، بل كان الحقيقة .. لقد قلت بأنني أحمق ، معك حق “
 
“ولكن في بعض الأوقات ، وبعد تأمّل ماقيل لي ، أربعة وعشرين ساعة ، كنت أصل إلى نتيجة ، أنّ ما قيل هو مجرّد كذبة ، لكن إذا كان ما قيل هو مجرّد كذبة ، فلما الشعور بالإهانة ، فالكذبة كذبة ، لما الإنزعاج منها ” ، وهكذا أصبح غوردجيف رويدا رويدا ، وعن طريق المراقبة والتأمّل ، يعي أكثر فأكثر ردّات فعله بدلا من الالتهاء بأفعال الآخرين .
– – – – – – – – – – – – – – – – – –
 
.
.
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !