الرئيسية » الذات » تطوير الذات » وقت الفراغ – كيف تحرر نفسك من سجنه للأبد ؟

وقت الفراغ – كيف تحرر نفسك من سجنه للأبد ؟

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1253 المشاهدات
وقت الفراغ - كيف تحرر نفسك من سجنه للأبد ؟

وقت الفراغ هو الشعور الذي يترك الإنسان مثقلاً بالهموم أو يسلبه حيويته ، الفراغ يجعل الإنسان يشعر بانعدام الهدف أو يشك في قيمته في هذه الحياة ، والسؤال هنا هو : ما الأسباب التي تدفع البعض إلي الوقوع أسري لصندوق الفراغ ؟ لست متأكد في الحقيقة من الأسباب ، ولكن كل ما يمكنني قوله هو إنني عشت في هذا الصندوق وكان الوضع سيئاً حقاً وقد كان الخروج منه أمراً صعباً للغاية ، كما كان يصعب فهمه وكان يودي بحياتي كلها.

كيف تحرر نفسك من سجن وقت الفراغ للأبد ؟ .. أعتقد أن أول ما يجب القيام به في هذا الأمر هو اكتشاف الذات ، وذلك عن طريق الإدراك الحقيقي الداخلي وليس الإدراك الخارجي الظاهري.

ولكي تحصل علي فهم أوضح لهذا المفهوم ، تخيل الحياة إذا نزلت بجزيرة مهجورة مجرداً من الأسرة والوظيفة وهاتفك الخلوي وممتلكاتك وأي شيء آخر يمكن أن يحدد شخصيتك ، وعندها سل نفسك من أنت ؟ ما الأشياء التي تبدو مهمة بالنسبة لك ؟ ما الذي ستقوم به لتملأ فراغ أيامك ؟ ما الذي ستفكر فيه ؟ وإذا تمت تلبية جميع احتياجاتك من الأمان والطعام ويمكنك أن تختار شيئاً واحد فقط ليكون معك علي هذه الجزيرة ( لا يدخل من ضمنها التليفزيون أو الإنترنت أو أفراد أسرتك ) ، فماذا سيكون هذا الشيء ؟ هل سيكون جهاز كمبيوتر حتى تستطيع كتابة مشاعرك وذكرياتك وما مر بك من أحداث لتتركها كوصية ؟ أم انه كلبك الخاص لأنك تشعر معه بالرابطة الحميمة التي تربط الإنسان بالحيوان وتجعله أكثر قدرة علي الفهم والحب ؟ أم أنها الكاميرا لتسجل خبراتك في هذا المكان حتى تشاركها مع غيرك من الناس ؟ أم أنك ستقضي يومك بأكمله في زراعة الأرض علي هذه الجزيرة لأنك تحب أن تزرع وتشعر بالرضا التام عندما تكون محاطاً بالطبيعة.

فعندما تسأل نفسك هذه الأسئلة ، ستبدأ في كشف حقيقة ذاتك – تلك الذات التي تعيش بداخلك تحت هذه الأدوار الظاهرية التي تقوم بتنفيذها مثل : دور الأب أو الأم والموظف وشريك الحياة والقائم علي نظافة المنزل وسائق السيارة وعائل الأسرة وجميع الأدوار الأخرى التي تضعها أو يضعها الآخرون علي عاتقك .. إن البحث عن هذه الإجابات يمكن أن يساعدك في اكتشاف كيانك وشخصيتك وهكذا تبدأ في طريقك خارج صندوق الفراغ الذي لا يلبي رغباتك ، ويسلب منك حيويتك .

ففي أحد الأفلام السينمائية الشهيرة ، كان البطل يمثل شخصية الموظف الثائر الذي جنحت به الطائرة لتسقط علي جزيرة مهجورة ، وأثناء السنوات الأربع التي قضاها علي هذه الجزيرة منتظراً أن ينقذه أحد ، ملأ الموظف فراغه بذكرياته مع زوجته .. فكانت خير عون له عندما تملكه اليأس من الفراغ ، وفي الوقت نفسه طور بعض المهارات التي تمكنه من البقاء علي قيد الحياة ؛ فبدأ يتحدث لنفسه كثيراً ، وقد أدت هذه التجربة إلي تحول شخصيته بالكامل.

وقد أتاح له الوقت الذي قضاه وحيداً فرصة سماع صوته الداخلي الذي أظهر له الأشياء التي كانت مهمة جداً بالنسبة له ، وعندها اكتشف معني حياته ، وعندما عاد مرة أخرى إلي العالم المتحضر ، وجد نفسه يتخذ اتجاهاً جديداً في الحياة يتضمن تقديراً مختلفاً لنفسه وللفرص الجديدة التي يمكن أن يغتنمها ، فلم يعد العالم السريع الذي اعتاد أن يعيش فيه يستطيع أن يحدد ذاته أو أسلوب اختياره لحياته ؛ فقد أصبح يقدر أقل الأشياء في حياته ، كما أنه تمتع بفهم أعمق لما هو مهم حقاً وما الذي يبدو مهماً من الخارج فحسب ، لقد أكتشف عالماً جديداً من الفرص عن طريق تحمل المحنة المروعة التي ألمت به وجعلته أقوي في نهاية المطاف ، فقد شعر المشاهد في هذا الفيلم أن البطل أصبحت له نظرة جديدة حول أهمية الوقت وكيفية استغلاله بشكل مختلف في المستقبل.

تخيل أنك نزلت علي جزيرة مهجورة وليس معك أي من مقتنياتك أو أسرتك أو وظيفتك ، فماذا سيحدث لك ؟ إذا كان الفراغ يحيط بحياتك من جميع الجوانب ، فاعلم أنك قد فقدت ( أو ربما لم تجد) الاتجاه المحدد لك في الحياة ، أي أن صوتك الداخلي لم يخبرك بالأشياء المهمة حقاً بالنسبة لك والأشياء التي تلهم تفكيرك وتحرك مشاعرك .

إليك طريقة أخرى لدارسة هذه المسألة.. تخيل لدقيقة أنك تمتلك عصا سحرية يمكنك بواسطتها الحصول علي كل ما تريد فيما عدا تغيير أقاربك ( فأنت جزء منهم ، لكن يمكنك تغيير حالتك الاجتماعية ) أو تخيل أنك فزت بجائزة قدرها 100 مليون دولار ، وأصبح لديك من المال ما يكفيك طوال حياتك ولا يوجد شيء يعوق مسارك – حيث يمكنك القيام بأي شيء أو أن تصبح أي شخصية تحلم بها .. فبمقدورك مثلاً أن تبدأ في مشروع جديد وأنت تعلم أنه إذا فشل سيكون لديك المال الكافي الذي يجعلك تقف علي قدميك مرة أخرى وتحاول في مشروع آخر مختلف تماماً طالما أنك لم تنجح في الأول ،، كما يمكنك أن تصرف بعض الأموال للجمعيات الخيرية ، ويمكنك أن تجوب العالم فيما تبقي لك من الحياة أو تؤسس مدينة لإيواء الأطفال المشردين ، يمكنك أن تصبح نجماً سينمائياً وإذا لم يمنحك أحد فرصة التمثيل في أفلامهم مقابل أجر ، يمكن أن تمول وتنتج الفيلم بنفسك ؛ حيث إن الأموال ليست هي المشكلة. كما يمكنك أن تنتقل إلي منتجع سياحي تعمل به مدرباً للغوص وتقضي كل يوم من حياتك تتفقد عجائب البحار ، فالفرص أمامك لا حصر لها ولكل إنسان خياراته الخاصة التي يتفرد بها .. إذن ماذا ستفعل بالأموال ؟

أظن أنك ستقضي العام الأول في القيام بأمور مختلفة ولكن بعد أن تفقد شعورك بالإثارة وتصبح متعباً من كثرة السفر والنوم ، ما الذي يمكنك القيام به لتملأ فراغ يومك ؟ ما الشيء الذي يمكن أن يدفعك للاستيقاظ كل صباح ؟

ابدأ الآن في تحديد احتياجاتك الفعلية في الحياة .. فإذا كنت تعملين كسكرتيرة ولكنك تجدين متعتك الحقيقية في زراعة البساتين فليس من الغريب أن تشعري بالفراغ ، وأنت تجلس أمام جهاز الكمبيوتر في عملك كل يوم ، وإذا كنت تتمني أن تصبح طبيباً بيطرياً وليس مهندساً فإنك ستمل عند ذهابك إلي العمل كل يوم ، ويصبح من الصعب عليك الخروج من صندوق الفراغ فتغلق المنبه عدة مرات صباح كل يوم !! ، وإذا كنتي ترغبين في البقاء بالمنزل مع أطفالك ولكن الحاجة إلي الراتب الذي تتقاضينه من عملك يجعلك تخرجين إلي العمل كل يوم ، الأمر الذي أدى إلي شعورك بالتعاسة ، إذن فقد حان الوقت للتفكير خارج الصندوق ؛ لإيجاد الطريق الذي يجعل لحياتك معنى أكبر وفراغاً أقل ،، تذكر أن الفرص متاحة أمامك لو استطعت فقط تحديد مكانها وتوصلت إلي طريقة للبحث عنها ، أما إذا بقيت محاصراً في صندوقك الخاص فلن يمكنك اكتشاف هذه الفرص أبداً .

ابحث عن طريقة توقف بها الضوضاء الذي يحيط بحياتك واستمع إلي الصوت الذي يتحدث بداخلك ، فمن الضروري أن تكون هادئاً لأقصي درجة حتى تستطيع سماعه ، ولكنه يستحق الاستماع إليه فعلاً ، وبالنسبة لي فلو لم أستطع أخيراً سماع الصوت الذي يتحدث داخل نفسي لما كنت ستقرأ هذه الكلمات الآن ! ( اقرأ : الحدس أوالبديهة – العقل الباطن )

وهكذا بمجرد أن تحدد اتجاهك الحقيقي ، ابدأ في وضع خطة كي تسير في هذا الاتجاه فإذا كنت ترغبين بالفعل في البقاء بالمنزل والتواجد مع أبنائك وفي الوقت نفسه تحصلين علي الراتب الشهري ، فابتكري وابحثي عن السبل الممكنة لتحقيق ذلك .. هل يمكن بدأ عمل تقومين بإدارته من المنزل ؟ هل تؤسسي مركزاً صغيراً لرعاية الأطفال في منزلك ؟ هل يمكنك العمل كسكرتيرة ولكن تقومين بأعمال الكمبيوتر من المنزل ؟ هل يمكنك العيش اعتماداً علي مهنة كالخياطة أو ما شابه ؟ أو هل يمكنك بمساعدة زوجك أن تضعي جدولاً منظماً بينكما ؟

أما إذا كنت تعملين كسكرتيرة وتعشقين بالفعل زراعة البساتين ، فابحثي عن الوظائف المتاحة في المشاتل أو محلات بيع الزهور ، وستفاجئين بالفرص المتاحة لو قمت بقليل من البحث ، وقد يكون العائد ليس مجزياً ولكن مرونة العمل يمكن أن تمنحك فرصاً أكثر للحصول علي إجازات مع الأسرة والتمتع بمزايا أخرى عديدة من أهمها هو سعادتك.

وإذا كنت مهندساً وترغب في أن تصبح طبيباً بيطرياً ، حاول أن تدرس الأمور التي تعوق استكمالك للدراسة. فبدراستك للهندسة لن تكون المتطلبات التعليمية للالتحاق بكلية الطب البيطري سيئة كما تظن ، كما أن السعادة التي ستشعر بها في هذا العمل قد تؤدي بك إلي حياة أسرية أكثر سعادة أيضاً .

علي الرغم من اعتقادي بأن صندوق الفراغ يعد من أصعب الصناديق في تحديده وفهمه ، فإنه يمكن التخلص منه مهما كانت درجة تعلقك به. قم فقط بأداء ما عليك ، وسل نفسك الأسئلة التالية لتبدأ في طريق اكتشافك لهذا الصندوق :

*هل أستمتع بوظيفتي أو مجال عملي ؟
*ما اهتماماتي في الحياة وهل أقوم بإشباعها ؟
*هل أراقب الساعة يومياً أملاً في مرور الوقت سريعاً ؟
*هل أشعر أنني أحقق احتياجات الآخرين وأتجنب احتياجاتي الشخصية ؟
*هل أشعر بأنني كسول وتنقصني الطاقة ؟
*ما أهدافي في الحياة ؟ وهل لدي أهداف بالفعل أم أنني أجري وراء أهداف لا تنتمي لي!!
*هل أتطلع إلي اليوم الذي تتغير فيه الأمور إلي حد ما ؟
*هل أشعر بعدم أهمية ما أقوم به يومياً ؟
*هل أجد معني وقيمة لحياتي ؟
*هل أكره الاستيقاظ في الصباح أم أنني أقفز بسرعة متحمساً لبدء يومي ؟
*عندما أكون علي فراش الموت ، ماذا سأندم علي عدم تحقيقه في حياتي ؟

يمكن أن تحثك هذه الأسئلة علي الكشف عن غيرها أثناء تنقيبك وبحثك عن كيانك وميولك الشخصية .. وقد يبدو الأمر شخصي للغاية عندما تبدأ في دراسة نفسك ، لذا قم بتطبيقه علي شخص قريب أو شخص تحبه ومن خلاله يمكن أن تحدد هذه الأشياء فهي قد تساعدك علي رؤية الطريق بوضوح قبل أن تبدأ بالسير فيه .. هذا وقد يضل النظر في المرآة الناس أحياناً ، لذا فمن المفيد أن تسأل هذا الصديق ليساعدك في رؤية الشخصية المنعكسة في هذه المرآة.

يجب أن تتذكر مرة أخرى أن هذا الصندوق يؤثر علي ثلاثة جوانب من حياتك هي : صحتك وحياتك المهنة وعلاقاتك الاجتماعية .. فكيف يؤثر صندوق الفراغ عليك ؟ هلي لا تقوم بإتقان عملك لأنك تكره هذه الوظيفة ؟ هل أنت سريع الغضب أمام زوجتك \ زوجك وأبنائك لأنك غير راضي عن نفسك ؟ وما هو تأثير هذه الخيارات علي صحتك البدنية ؟ هل تعاني من الصداع النصفي أو الأرق أثناء النوم أو من الوزن الزائد أو مشكلات المعدة ؟ إن هذه الأعراض وغيرها كثير تحدث نتيجة العيش داخل صندوق الفراغ .

فإذا كان ينبغي عليك الإبقاء علي وظيفتك لسبب ما ، فعلي الأقل ابحث عن جانب آخر من الحياة يحقق لك الإثارة والمتعة ( اقرأ : كيف تحصل علي المتعة في حياتك ) .. ابحث عن الهواية التي تسمح لك بالتعبير عن نفسك .. اجعل لنفسك متنفساً خارج إطار العمل يعطيك إحساساً بالإنجاز ، فهناك مثلاً الموسيقي والرسم والكتابة وركوب الدراجات والتطوع في منظمات الشباب أو ممارسة رياضة جديدة

فجميع هذه الأمور ما هي إلا متنفس للقيام بشيء تحبه ،، فإذا علمت أنك ستذهب لرحلة ما أو لركوب الخيل أو لحمام السباحة لمدة ساعة يومياً بعد العمل ، سيجعلك ذلك تستيقظ كل صباح أكثر حماساً وسيكون لديك ما تتطلع إليه .. فإذا كانت هذه الطريقة التي تحتاجها كي تحدد ميولك في الحياة فحاول أن تجربها .

تذكر أنك ستظل عالقاً سجيناً في هذا الصندوق مدى الحياة طالما اخترت ذلك ، فالأمر كله يرجع إلي اختياراتك ، وقد يبدو الهروب من هذا الصندوق بطيئاً وصعباً في البداية ولكن إذا قررت ذلك ستصل بالتأكيد إلي غايتك ، لقد أعتاد أبي أن يقول : ” طالما أن هناك إرادة ، سيكون هناك دائماً الحل ” .. وقد كان علي حق

#نصائح
*بمجرد أن تثق في نفسك ، ستعرف كيفية العيش بحق
*مشاعر التقدير والثقة يجب أن تتولد ويتم اكتشافها من داخلك ، فلا أحد يمكنه أن يمنحك إياها ، والشخص الوحيد الذي يمكنه إقناعي بقيمتك في الحياة هو أنت \ أنتي ^_^

هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !