الرئيسية » أعرف » عاهات وتقاليد » تضحية الام في سبيل ابنائها

تضحية الام في سبيل ابنائها

بواسطة عبدالرحمن مجدي
3597 المشاهدات
تضحية الام في سبيل ابنائها
من الصور المؤذية والمكروهة لقلبي ، وأمثال هذه الأفكار المنتشرة بشكل مبالغ فيه في عالمنا الذي يحتضر .. لا يجب أن يموت أحدنا من أجل الآخر (في أي علاقة) بدون داعي مثل إنقاذ حياة أي كائن حي من أن تصدم به سيارة أي من أن يموت جسده! .. غير ذلك لماذا لا نتشارك الحياة ببساطة ونتدفق معاً؟ .. والأطفال والشباب والبنات لا يريدون أم تُقطع من لحمها ولا تأكل جيداً ولا ترتدي ثياب جديدة وجميلة من أجلهم ، هذا هراء! .. هم يريدون أم سعيدة وتعيش حياة من الرومانسية والحميمية واضحة في المواقف والكلمات بينها وبين والدهم الذي من المفترض أنه بسبب علاقة جنسية جمعتهم نتج عنها هذا الإنسان.
 
أعلم أنكم قد تكونون في غاية السعادة والحميمية فقط أثناء ممارسة الجنس ، ولكن أولادكم لا يرون ذلك! .. هما يرونكم أثناء ممارسة الحياة ، وحينما يكون الشائع هو الكراهية والتنافر والقتال .. سيعتقدون أنهم نتيجة هذه الأمور ، بالإضافة أن تعاستكم أو تعاسة أحدكم تؤثر سلباً عليهم أكثر بكثير مما تأتون لهم من أشياء مادية تعتقدون أنها ستمنحهم السعادة والحب .
 
وثانياً الأمر مُضر نفسياً لأطفالك ؛ لأنهم يتوقعون من الناس حولهم ما كنتِ تفعلينه لهم ، وخصوصاً من شركاء حياتهم .. الأمر ليس طبيعي ومُدمر لكِ ولهم .. يريدون من كل الناس من حولهم أن يقطعوا من لحمهم وأنفسهم لأجلهم وإلا فهم لا يحبونهم ، هذا خلل ومرض نفسي خطير!
 
حاجة أولادك مهما كان سنهم للأكل والشرب كبيرة جداً ، ولكنها لا تقل عن حاجتهم لرؤيتك سعيدة في حياتك ومع والدهم ؛ لأنكما من أتيتما بهم إلى هذه الحياة ، فتخيلي كيف سيرون أنفسهم وربهم والحياة كلها حينما يكون السبب الذي آتى بهم لهذه الحياة مريض مشوش كاره غاضب ناقم أعمى كافر بكل النعم وبكل تفاصيل الحياة .. غير أنه يخرج كل هذه الأمراض فيهم ليل نهار ، وقليلاً جداً ما يكون طبيعي ..
 
بدلاً من أن تقطع من لحمك ودمك وسعادتك وحريتك من أجل أبناءك ! .. بل كن سعيد وحر ومعك مال كثير أو قليل .. المهم أن توفر لهم الأكل والمشرب والمسكن وهذا ليس بالأمر المستحيل بل الأمر العادي .. وشاركهم سعادتك وحريتك من حماقات الناس وجهلهم وظلامهم وكفرهم بكل شئ جميل .. واستمتع بالأكل والمشرب والمسكن الذي توفره لهم .. استمتع بالشوارع والحدائق مهما كانت بسيطة أو عادية مع أطفالك لأنك تسير فيها بآمان وسلام .. فالركض واللعب والرقص والضحك والغناء والكثير من الأشياء الآخرى الغالية جداً في نظر أبناءك وفي حياتك قلبك أنت وزوجتك هي لا تدفع فيها مال ، بل تحتاج فقط لقلب يستطيع أن يفعل ذلك .. لقلب يستطيع أن يخلق في الحياة حياة جميلة .
 
لأن الحياة الدنيا أنهار ومستنقعات ، وإن لم تذهب إلى الأنهار ستذهب إلى المستنقعات أو ستموت عطشاً وأنت بين الاثنين كالأحمق .
 
التضحية الحقيقية ليس أن تقتل نفسك من أجل أبناءك ؛ لأنك ستجعلهم يدفعون ثمن هذه الضحية غالي جداً وهم أن يقتلون أنفسهم بأيديهم وهم لا يشعرون أو أنت ستقتلهم بنفس اليد التي قتلت بها نفسك وقلبك .. المحبة الحقيقية أن توفر لهم جو من السعادة والسلام والحيوية والسعة والحرية الشخصية التي خلقها الله لكل إنسان حتى يتفكر ويبدع ويرقص وتنمو روحه ونفسه … هذا كل ما يريدونه منك بعد الأكل والمشرب والمسكن البسيط. أقسم بربي لا يريدون أكثر من لحظات حميمية سعيدة يعيشونها معك يتذكرونها حينما يكبرون تكون لهم ككنز ومصدر ومولد طاقة نور عملاقة في حياتهم تبعدهم عن كل ظلام ، وبالأخص عن أسوأ الأمور وهو أن يقتلوا أنفسهم بأنفسهم ببطئ في ظلمات المخاوف والعقد والأمراض النفسية التي تُغرس فيهم وتصبح ذكرياتهم بسبب تضحياتك المريضة الفارغة .
 
لماذا لا نتشارك الحياة ببساطة !؟ لماذا نعقد الحياة رغم بساطتها ؟! لماذا نريد تغيير اتجاه الأمطار والرياح !؟ .. لماذا نريد أن نلوث مياه الأنهار العذبة ثم نشرب منها !؟ .. لماذا كل هذا الخراب وهذا الغباء في كل شئ نعيشه في مجتمعنا !؟ .. لماذا الأم لا تصبح إنسانة رياضية وسعيدة في حياتها الشخصية وحياتها مع زوجها ومع الناس من حولها – الناس التي تختارهم ليكونوا قريبين منها – ومع أولادها كذلك !؟ .. لماذا كل هذه التعاسة والمعاناة المستمرة !؟ .. لماذا لا نستمتع بالأموال التي نكسبها عن طريق أعمالنا الصالحة التي نقدمها للآخرين وللحياة ؟! .. لماذا لا نستمتع بأوقات فراغنا وبأموالنا وأنفسنا وحياتنا وشركاء حياتنا وأطفالنا وأصدقائنا !؟ .. لماذا لا نستمتع حتى وإن كانت بلادنا بها حروب “في أوقات الهدنة” !؟ .. ولماذا لا نستمتع في بلادنا التي لا يوجد بها حروب طاحنة ولا نعيش حرب كالحرب العالمية الأولى أو الثانية !؟ .. لماذا لا نستمتع بالسلام ولا بالمال ولا بأي شئ في الحياة سوى الجنس ربما الذي أشعر أنه أكثر شئ الإنسان يتفاني من أجل الحصول عليه وممارسته بطريقة طبيعية أو غير طبيعية !؟
 
لا أقول ذلك تحريضاً على الأباء أو الأمهات التي تتعامل بجهل في هذا الأمر ؛ لأننا كلنا جهلاء .. لا يوجد أحد كامل .. وكلنا سيكون لنا أبناء وسنكون جهلاء أو متخلفين بالنسبة لهم .. لأننا سنكون أقدم والقديم دائماً متخلف ، ولكن نستطيع أن نكون أفضل نسخة ممكنة من أنفسنا تلعب دور الأب أو الأم في مرحلة من مراحل حياتنا ..
 
أخيراً: الأمهات والآباء مهما فعلوا في أبنائهم من أمور سيئة أعتقد أننا لا يجب أن نتوقف عن حبهم إذا أردنا حياة طبيعية لأنفسنا ؛ لأن حبهم غريزي وفطري ومغروس في أعماق القلب وله مكانه الخاص الذي لن يستطيع أي أحد أن يسكنه غيرهم ! .. فلنحبهم كما هم ، ومن كان أب أو أم فليتغير للأفضل ، ومن كان شاب أو فتاة فليتعلم أن يكون الأب والأم لنفسه ، وليتعلم وليسمح لكل شئ في الحياة بأن يعلمه كيف يصبح أب جيد مفيد صالح لنفسه ولشريك حياته ولأبناءه وللحياة .
 
ملحوظة: لا يجب أن نُنجب لأن أهلنا والمجتمع سمح لنا أن نتزوج أو قال لنا أننا نصلح للزواج بعد أن قمنا بتحقيق شروطه وقوانينه وصلواته ، فالمجتمع مريض والأهل وإن كانوا علماء نفس لا يعرفون هل نحن بالفعل صالحون لبعضنا أم نحن مجرد عنصرين حينما نخلطهم ببعضهم ينتج عنهم مادة سامة أو إنفجار!!! ، ولا يعني أننا نستطيع أن نمارس الجنس مع بعضنا فحن صالحون أن نكون أب وأم جيدين وصالحين للحياة ولأنفسهم قبل أولادهم! .. كتبت مقالة منذ 3 سنوات عن الأم ، وكيف أنها تتعرض لظلم رهيب ، وكيف أننا منافقون من الدرجة الأولى ، وأمي هي حياتي والشعارات التي يشمئز منها أي عاقل يتفكر! ممكن تقرأوها: اجمل ماقيل عن الام
 
.
اقرأ أيضاً: التضحية في الحب
.
هل ساعدك هذا المقال ؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !