الرئيسية » منوعات » نحو الصوفية » حب الله للعبد – فى حب الله تعالى

حب الله للعبد – فى حب الله تعالى

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1185 المشاهدات
حب الله للعبد - فى حب الله تعالى
الحـب …
 
إحنا كنا فين قبل ما نتخلق ؟ .. القرآن بيجاوب على السؤال ده بأن الخلق كلهم كانوا موجودين في عالم الذر … العالم اﻷصلي حيث الجمال المطلق والحب المطلق .. حيث السعادة المطلقة والوجود في حضرة الله المعشوق في علاقة حب لا نهائية بين الله وكل مخلوقاته
 
أتخيل هذا العالم حيث .. أرضه الزهور وسماؤه نور قوس قزح .. الطعام فيه التسبيح والماء فيه الموسيقى .. النبي فيه الحب والدين فيه الرحمة .. حدائق وبساتين وشلالات من نور ومياه .. الضحك كلامه والسعادة على كل الوجوه
 
وفي العالم ده سأل الله : ألست بربكم ؟ .. فكانت إجابتنا جميعا : بلى
 
إنه اعتراف المحبين بمحبوبهم والعاشقين بمعشوقهم .. إنه سؤال المحب الحريص على حب أحبائه .. أتخيله مشفق علينا من هذا الاختبار فأراد أن يذكرنا بأنه المحبوب فأعطيناه الحب بكل ثقة فقلنا : بلى أنت المحبوب وكلنا أحباؤك
 
فكان هذا سؤال الحب وإجابة الحب
 
بعدها جينا للدنيا فكان أول شعور نحس به هو إنها مش موطننا .. مش أصلنا .. كان أول شعور هو شعور بالغربة .. الغربة عن المحبوب والرغبة في العودة إلى اﻷصل ..
 
وهو ده معنى قصيدة الناي الشهيرة لمولانا جلال الدين الرومي في بداية كتابه العظيم ( المثنوي ) واللي بتتكلم عن أنين الناي الواضح في الموسيقى اللي بيصدرها واللي مصدرها بكاؤه لرغبته في العودة إلى أصله ( الغاب ) اللي اتاخد منه وأصبح نايا منفردا بعيدا عن أصله كرمز للإنسان اللي اتاخد من أصله ( الله وعالم الذر ) ويرغب في العودة إليه ﻷن العلاقة بينه وبين الله هي علاقة الحب والمحب يرغب دائما في العودة للمحبوب .
 
وجد اﻹنسان نفسه في الدنيا فقرر إنه يبحث فيها عن حب بديل يتصبر به على ابتعاده عن الحب اﻷصلي لذلك حرص على أن يجد الحب على اﻷرض وأصبح إيجاد الحب على اﻷرض هو رسالة اﻹنسان في هذه الدنيا .
 
ولكن الناس انقسموا إلى قسمين في تعاملهم مع هذا الحب :
 
– القسم اﻷول .. الناس اللي اعتبروا الدنيا مكان لغرس الحب في كل شيء كتعويض لهم عن انفصالهم عن الحب المطلق
 
– القسم الثاني .. الناس اللي أحبوا الدنيا واعتبروها هي الحب المطلق ونسيوا الحب اﻷصلي فأصبحت الدنيا عندهم هي الحب اﻷكبر وعاشوا في غفلة عن حبهم اﻷصلي
 
يهمني جدا الناس اللي في القسم الأول ؛ ﻷنهم اﻷمل الدائم في الحفاظ على وجود الحب في هذه اﻷرض .. هم اللي بيحبوا كل البشر على اختلافهم وهم اللي بيتوجهوا بالحب تجاه كل شيء بلا استثناء علشان هو ده اللي بيفكرهم بحبهم اﻷصلي واللي بيصبرهم على ابتعادهم عن عالمهم الأصلي .
 
ومن أهم مظاهر هذا الحب في الدنيا :
 
– حب المرأة والرجل للدرجة اللي تخليهم يشعروا إن حبهم حب طاهر خالد واللي بيفكرهم بطهر وخلود عالمهم اﻷصلي .. والحب ده مش معتمد على الشكل والجنس والتوافق والزواج ؛ لكنه معتمد على الالتقاء الروحي والتكامل النفسي ..
 
ومن هنا أقدر أفهم حديث ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) .. ﻷنك مش من هنا .. أنت من هناك حيث العالم اﻷصلي وبالتالي يجب عليك أن تبتعد أن تكون ممن في القسم الثاني من اللي نسيوا أصلهم .. اللي اتغروا بالحب المزيف للأشياء ونسيوا الحب اﻷصلي الروحي .
 
الحب هو العلاقة الوحيدة اللي بتربط اﻹنسان بالله مش علاقة العبودية ( الذليلة ) .. ولا علاقة الجبار القاسي اللي مستني يعاقب ويحرق واللي لازم تعبده بالخوف .
 
ولا أجد أفضل تعبيرا عن هذه الفكرة من وصف مولانا جلال الدين الرومي بأنه ( كان يرى أن أساس التدهور اﻷخلاقي في عصره هو الاعتقاد بانفصال اﻷلوهية عن اﻹنسانية والظن بأن الله يريد أو يطالب البشر بالعبودية .. ولا هم له سوى إرعابهم وتخويغهم من عقوباته .. في حين أن الناس لو شهدوا جمال الحقيقة وروعة الكون وكمال الخلق لما خافوا عقابا ولا طمعوا في الثواب بل عشقوا الله لذاته واشتاقوا للاتحاد به …. ” عن كتاب صائغ النفوس ﻹحسان الملائكة ” )
 
الحب هو الرسالة .. وهو العلاقة .. وهو سر الخلق حيث أراد الله أن يحب وأن يكون محبوبا فخلقك.
 
أحمد مجدي
 
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !