الرئيسية » قوانين حياة من القرآن » خواطر عن القران

خواطر عن القران

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1949 المشاهدات
قوانين القران الكريم - اجمل ايات القران
(مقال ذهبى)
 
سألتُ صديقتى (إيكارا) ذات مرة ، وكانت مشغولة فى قراءة شىءٍ ما على هاتفها الذكىِّ ، قلتُ لها : ما معنى (ذكرى) فى الآية الكريمة : (قل لا أسألكم عليه أجرًا ، إن هو إلا ذِكرَى للعالَمين) ~الأنعام : 90 !؟ .. رفعت عينيها فى بطء ، و تأملتنى فى صمتٍ للحظات ، ثم قالت : الذكرى هى مفرد ذكريات .. والذكريات هى كل ما حدث فى الماضى .. و (الذِّكْر) – بكسر الذال المشددة ، هو استرجاع شىء حدث فى الماضى بالكلام ، أو باستحضاره فى الذهن .. والقرءان بتلاوته تتذكر العوالم كلها كل الخبرات الماضية لها .. (وما هو إلا ذِكْرٌ للعالَمين) ~القلم : 52 ..
 
حتى عند الحديث عن الجنة والنار ، نجد القرءان يتحدث عنهما بصيغة الماضى ، وكأنَّ الجنة أو النار مجرد خبرات من الماضى ، وليس شيئًا مستحدثًا سيتم معرفته لاحقًا ! .. ولهذا تجد فى القرءان مثلًا : (فيومئذٍ وقعت الواقعة) ~الحاقة : 15 ، وليس “فيومئذ تقع الواقعة” .. إنها وقعت بالفعل .. وكل ما على المرء هو أن يتذكَّر الماضى .. القرءان هو ذاكرة الوجود .. وصاحب القرءان يستحضر تلك الذاكرة بالتلاوة ، فيستطيع بذلك أن ينظر إلى العالَم بلا زمن .. فيكون المستقبل فى حق غيره ، ماضٍ بالنسبة إليه ، فلا يسعه عندئذٍ إلا أن يشكر ربه على نعمة معرفته ..
 
ألم تقرأ : (اعملوا آل داود شُكرًا) ~سبأ : 13 !؟ .. لأنَّ الشكر هو الفعل الوحيد المتاح لكل مَن يستحضر ذكريات الماضى .. أقبلت نحوى (إيكارا) بوجهها المشرق وهى تتابع : أما مَن يعيش فى الدنيا وقد اتخذ هذا القرءان مهجورًا ، فلا يبق له إلا طبيعته كما كانت فى الأزل .. ألا ترى أنَّ المرء الذى يفقد ذاكرته ، لا يفقد مهاراته ..
 
مثلًا: محترف القيادة فاقد الذاكرة قد ينسى اسمه ، ولكن مهارته فى قيادة السيارات تظل مصاحبة له ، فيستطيع أن يقود أى سيارة بمهارة وإتقان .. فاقد الذاكرة قد ينسى أسماء البلدان ، ولكن ما أن يتحدث إليه شخص بلغة أجنبية كان يتقنها ، حتى يتحدث معه بمهارة تبعث الدهشة فيه هو نفسه قبل غيره .. مثل هذا يستطيع من خلال مهاراته أن يتذكر ماضيه ، لكنه بدلًا من ذلك يتوهم أنَّه سيصنع بمهاراته مستقبلًا ! ..
 
تفكَّر معى : ماذا لو أن واحدًا من أهل الجنة سأل نفسه : لماذا أنا هنا ؟ أو واحدًا من أهل النار سأل نفسه : لماذا أنا هنا ؟ هنا تأتى دار الدنيا كإجابة مباشرة للسؤال .. الدنيا كلها من بدايتها إلى نهايتها : ماضٍ .. حتى الجنة والنار : ماضٍ .. جوابٌ ماضٍ على سؤال مستقبلى ! .. والمرء إذا واصل العيش فى ذلك الهجران ، فهو فى وهم ، لن يخرج منه إلا بالتذكر .. (وجِاىء يومئذٍ بجهنَّم ، يومئذٍ يتذكَّر الإنسان وأنَّى له الذكرى . يقول ياليتنى قدَّمت لحياتى) ~الفجر : 23 ، 24 .. الحياة الحقيقية لا تأتى إلا بعد التذكُّر .. طالما الإنسان لم يتذكَّر ماضيه ، فهو لم يعش حياته بعد .. تذكَّر يا صديقى : الحياة الحقيقة لا تتقيَّد بزمن .. ناولتى (إيكارا) هاتفها كما هو ، على الصفحة التى كانت تقرأها ، فإذا بها كانت تقرأ هذه العبارة : “أصبح أحيانًا قَلِق البال وأنا أفكر : ماذا لو كُنَّا بالفِعل فى الجنَّة”. ~ستانيسلاف جيرزى ليك (أشهر أدباء وشعراء بولندا ، 1909م – 1966م)
 
.
اقرأ أيضاً: تأملات قرآنية
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !