الرئيسية » قوانين حياة من القرآن » من يدخل الجنة – جنة الدنيا وجنة الآخرة

من يدخل الجنة – جنة الدنيا وجنة الآخرة

بواسطة عبدالرحمن مجدي
913 المشاهدات
الاستسلام لله - الاستسلام للواقع !
– من يدخل الجنة !؟ .. جنة الدنيا وجنة الآخرة لمن !؟
الجنة للمسلمين أم للمسيحين أم لليهود أم للهندوس أم .. أم .. أم ..
 
طبقاً للقرآن كتاب المسلمين ، قال تعالي: ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا * ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا * ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا )
 
– ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب .. ) ، الآماني هي منزلة أقل بكثير من منزلة الأحلام والأهداف ، هي مجرد أشياء الشخص الذي يتمناها ويرددها بلسانه بينما هو نفسه كافر بها ! ، علي سبيل المثال: لاعب كرة صغير في السن وصغير في المهارات فينظر إلي لاعب كرة مشهور بعد رحلة طويلة من الفشل والإصرار والعزيمة والشجاعة بعين التمني ! ، ويقول ” أتمنى أن اكون مكانه ” وهو نفسه كافره بتلك الجملة وكافر بنفسه وقدراته .
 
وأيضاً كالذي يشاهد إنسان ناجح في أي مجال من مجالات الحياة المعنوية ( حب وسعادة وشريك حياة يعشقه و .. ) أو المادية ( مال وسيارة وعقارات و .. ) ، فيقول بلسانه أتمني أن أكون مكانه بينما دماغه كافر بتلك الآمنية تماماً .. فهو في نظر نفسه لا شيء .. وكل ما يعيشه هي عملية تمني لا أكثر .. ملايين من الناس يعيشون في تلك الحالة يومياً .. ولا يصلون لأي شيء يذكر .. سوى التمني والمشاهدة والتصفيق لنجاحات الآخرين .. وحياتهم كلها تقع ضمن دائرة أهداف الآخرين وبين التعاسة والآلام لأنهم يعيشون خارج نطاق قلوبهم .. أي خارج نطاق الحياة .
 
الأمنية مجرد رغبة يتمنى الإنسان الحصول عليها ، بدون أي يحرك له ساكن ، هو نفسه لا يؤمن بنفسه ولا يؤمن أنه يستحقها ، فتظل هي مجرد آمنية وهو يظل يستمر في الكذب علي نفسه وحياته كلها تضيع في السراب ، بينما الحلم والهدف الإنسان يعيش فيه كل يوم ، فالحياة الدنيا والآخرة ليست بالآماني .. وإنما بالعمل .
 
– فنجد الله يقول بعدها مباشرة ( .. من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ) ، في قوانين الحياة الدنيا والآخرة المسألة مسألة عمل وليس تمنى ، رجال الدين يحفرون بداخل رؤوس الناس الكثير من الأفكار الفاسدة ليسيطروا عليهم وفي المقابل يمنحونهم الكثير من الآماني الفارغة ، ولكنهم لا يعقلون ولا يتفكرون ، ولو تفكروا لعلموا أن الحياة لا يصلح معها قانون التمني وإنما العمل ؛ لذلك تجد العرب المسلمين اليوم يعيشون في ضنك وفقر في كل شيء معنوي ومادي والله قال لهم ( إن الشيطان يعدكم الفقر … ) ومع ذلك ما زالوا يحملوا الكثير من الآماني الفارغة التي لا تفيدهم في حياتهم قيد أنملة ، فقط تخدر مشاعرهم وأفكارهم وتجعلهم يعيشون حياة معقدة جداً بأفكار ومشاعر معقدة جداً .
 
فمن يعمل شيء سيعيشه ..
فلن يعيش الإنسان الحب وهو يعمل في إتجاه الكراهية ..
ولن يعيش الإنسان النجاح وهو يعمل في إتجاه الفشل ..
ولن يعيش الإنسان السعادة وهو يعمل في إتجاه التعاسة ..
ولن يعيش الإنسان السعة وهو يعمل في إتجاه الضيق ..
ولن يعيش الإنسان الحياة وهو يعمل في إتجاه موت الحياة .
في النهاية ما تعمله هو ما تعيشه ، فالحياة ليست بالآماني وإنما بالأعمال ، والأعمال هي خليط بين ما يؤمن به القلب ويقوم بتنفيذه الدماغ والجسد .
 
– ثم نجد الله يكرر الفكرة مره آخرى وهي فكرة ” العمل ” وليس التمنى ! فيقول: ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) ، فالله يقول من يعمل أي أمر صالح من ” ذكر أو أنثي ” لم يقل من مسلم أو مسلمة ( لأن المسلمين العرب يقولون بألسنتهم بأن القرآن للعالمين وكتاب سلام بينما ما تؤمن به قلوبهم وأصبحت تردده لسانهم بقوة هو الكراهية والطائفية والعنصرية والتكبر والتعالى علي خلق الله بإسم الدين وينظرون لأنفسهم بأنهم مقدسين ، والحقيقة أنهم مجرد بشر عاديين فشلوا في فهم أنفسهم وفهم الحياة لذلك يتعذبون ! ، وما كان دينهم سوى مذهب إجتماعي متوارث من أبواهم ، فماذا سيفعلون بالعالم إن كانوا اختاروا دين مخالف لدين أبواهم أي دينهم قائم علي اختيارهم الحر ! ، من يفعل ذلك يفعل من باب الفراغ وإنه لا يؤمن إيمان حقيقي يمنحه السلام والسكينة لأنه إن كان كذلك لن يحتاج أن يتعالي أو يكره أحد لأنه مخالف لإيمانه ، فهو سعيد ونجاح في حياته مع نفسه وبالتالي لا يعني له الآخرون إن رأوا أنه خطأ أو صواب . )
 
ثم أنظر لدقة التعبير ( .. وهو مؤمن .. ) الأمر ليس تمنى وأفكار خاوية ، وإنما عمل مع إيمان ، والإيمان هو عملية شاملة قوية يعمل فيها كل كيان الإنسان مع بعضه الآخر ، الإيمان هو عملية يعمل فيها القلب والدماغ والجسد ، لذلك في آية آخرى الله يقول ( وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ) ، لأن عدم نصر المؤمنين يعتبر ظلم والله ليس ظالم كما يؤمن بعض الجهلاء مدعين الإيمان ! ، ثم ننتقل للنتيجة فيقول الله ( .. فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) .. أؤمن أن هناك جنتين جنة في الأرض وجنة في السماء ، ومن يعمل شيء صالح وهو مؤمن سيدخل جنة الدنيا قبل الآخرة ، وأنهى الله الآية بقوله ( .. ولا يظلمون نقيرا ) ، أي مقدار النقرة والبعض يقول النقرة التي تكون في ظهر النواة في القلة .
 
– ثم أنتقل الحوار في الآية الثالثة ليحدث كل الأطراف المختلفة دينياً عن أفضل دين وبكل تأكيد هو دين قلب وعمل وحياة وليس آماني فارغة ، فقال تعالي: ( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا ) .
 
لا يوجد هناك ديناً أحسن ممن أسلم وجهه لله ! ، والإسلام بمعني الإستسلام لله والسلام والتناغم مع النفس والآخر والحياة ، فالله قالها للإعراب ” حديثي الإسلام من أختاروا الإسلام بكامل إرادتهم وضد رغبات أهلهم ولم يرثوه عن أبواهم ” كما وضحت في مقال سابق ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) ، وأيضاً هناك فرق كبير جداً بين الإستسلام لله والتناغم مع الحياة والإستسلام والخضوع للواقع والمجتمع والأهل ونعتبرهم هم الله ونعاملهم كآلهة ! كما وضحت في مقال ( الاستسلام لله – الاستسلام للواقع ! )
 
إذاً أحسن دين ليس دينكم يا مسلمين ولا دين أهل الكتاب ، أي دين إذاً يا الله ؟ هو دين من أسلم وجهه لله وهو محسن ، وماذا أيضاً ؟ وأتبع ملة إبراهيم حنيفا ، وأضاف الله ليقول ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) ، يا إلهي خليلا ! الله لم يقل ذلك الوصف علي أي رسول من رسله ، الله هو من أتخذه خليلا ، والخليل هو الصديق الحميم أي العلاقة بينهما لم تكن علاقة إله وعبد ، وإنما كانت علاقة مودة وصداقة !
 
( .. واتبع ملة إبراهيم حنيفا .. ) ، ما هي ملة إبراهيم ؟ أولاً ما هي الملة ؟ الملة هي الدين ، ودين الإنسان ليس كتابه المقدس أو المسمي الموروث من أبواه ” مسلم أو مسيحي أو .. ” ، وإنما هو ما يعتقده ويؤمن به ويعيشه الإنسان ويشعر به في واقع حياته اليومي ، بمعنى آخر دين المسلمين في مصر أو سوريا ليس القرآن أو الإسلام ؛ لأن الإسلام معناه اللغوي هو السلام والتناغم وهم لا يعيشون في سلام مع أنفسهم ولا مع بعضهم ولا مع الحياة من حولهم ، إذاً ما هو دينهم !؟ .. دينهم هو أفكارهم ومشاعرهم وقناعاتهم حول أنفسهم وحول الآخر وحول الحياة وحول القرآن والإسلام ، فإن كانت تلك الأمور سيئة فحياتهم ستكون سيئة ، وإن كانت جيدة حياتهم ستكون جيدة .
 
( حنيفا .. ) الحنيف هو الذي يميل من الشر إلي الخير ، وهو الذي يميل إلي الخير والحق ، وهو المائل عن الأديان الباطلة كلها ( وكما قولت لك الأديان ليست كتبها المقدسة ولا يوجد ديانة علي كوكب هذا الأرض يصلح أن نقول أنها تساوي الله ! ؛ لأن هذا سيكون كذب وإفتراء لأن الله أكبر من مفاهيمنا عن كل الكتب المقدسة وعنه وأكبر من مفاهيم البشر من قبلنا والبشر من بعدنا ، وإنما كل مجتمع دينه هو مفاهيم وقناعات وأفكار أفراد هذا المجتمع عن الله وعن أنفسهم وعن الحياة من حولهم ، كلما كانت صالحة كلما كان المجتمع صالح للحياة ، وكلما كانت فاسدة كلما كان المجتمع فاسد ).
 
بينما علاقة الإنسان بربه هي علاقة قلبية خاصة وحميمية جداً ، لا يصلح أن يدخل فيها إنسان آخر وإلا فسدت وأصبحت علاقة بين إنسان وإنسان أو قل بين إنسان يلعب دور العبد وإنسان يلعب دور الإله ! ، وهنا في مجتمعاتنا العربية علاقتهم بالله أو من يدعون أنه الله هي علاقة بين الفرد وبين كل أهله وأصدقاءه ورجال دين المجتمع المفضلون لأهله وله والمجتمع بأكلمه !
 
نرجع لملة إبراهيم ما هي ملة إبراهيم !؟ هل هو كتاب مقدس ؟ لا ، هل مذهب معين ؟ لا ، إذاً ما هي ملة إبراهيم ؟ القلب السليم .. هذا هو كل شيء ! كتبت مقال طويل عريض عن ذلك الأمر اسمه: علامات القلب السليم – ماهو القلب السليم ، وفي الحقيقة أشعر بأن هناك الكثير والكثير خلف شخصية وقلب نبي الله إبراهيم ، الذي جعل الله يصفه بصفتين القلب السليم ، وهو الوحيد الذي أطلق عليه هو خليل الله !
 
– لو تأملت الآية بعين التعمق والتأمل والتجرد والتفكر ستعلم أن القرآن كتاب سلام ، كتاب تناغم ، كتاب عمل ، كتاب حياة .. كتاب يدعوا للسلام والمحبة والتناغم من جانب ويدعوا أيضاً لعدم الخضوع للواقع والخضوع لأفكار الأهل أو رجال دين المجتمع أو المجتمع كله عن الله أو عن النفس البشرية أو عن الحياة ؛ لأن الله لم يأتي بإنسان جديد نظيف صاحب قلبه متفرد ومميز للحياة ليخضع لأفكار وقناعات أبواه ومجتمعه لأنه عنده يجعل الحياة تتوقف عن التغير والنمو ، ويجعل منهم أصنام يعبدهم من دون الله ، وهذا كفيل بتدمير كيان الإنسان وتدمير علاقته بالآخر وتدمير المجتمع .
 
عبدالرحمن مجدي
 
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !