الرئيسية » قوانين حياة من القرآن » الرحمة في الاسلام – فوائد الرحمة وآثارها

الرحمة في الاسلام – فوائد الرحمة وآثارها

بواسطة عبدالرحمن مجدي
3017 المشاهدات
مما راق لي
(حالة ماسيَّة للتدبُّر)
 
أمسك (ناجاماى) بيده اليمنى كوبًا صافيًا مِن الماء النقى ، لفترةٍ يسيرة من الوقت ، كأنَّما يبث فى الماء شيئًا مِن حيويته ، ثم ذكر اسم الله عليه ، وأعطاه لى ، فشربته .. وجدته يبتسم وهو يقول : (والله أنزل مِن السماءِ ماءً فأحيا به الأرضَ بعد موتها ، إنَّ فى ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون) ~النحل : 65 .. سألته متعجِّبًا ، وكأنِّى أسمع الآية لأول مرة : (ماء) و (يسمعون) ! وهل هناك علاقة بين الماء وبين السمع !؟ قال : الماء له وعى ، وكل وعى تستقبله النفس تترجمه على أنه صوت يحدثها .. والصوت هو المثير الذبذبى الذى ينشِّط الآذان .. ولهذا فى القرءان : (وتعيها أذنٌ واعية) ~الحاقة : 12 .. والآُذُن هى أداة السمع .. ولذلك يرتبط وعى المرء ويتشكَّل ويتطوَّر وينمو بكل صوتٍ مسموعٍ يتلقاه .. ونمو الوعى هو الحياة .. (والله أنزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها) ~النحل : 65 ، فبالنسبة إلى النفس : كل صوت ماء ، ترتوى به ، فتنمو إدراكاتها ومَلَكاتها ، تمامًا كما ينمو نبات الأرض .. ألم تقرأ : (والله أنبتكم من الأرض نباتًا) ~نوح : 17 !؟ .. فالصوت ماء ، والماء وعى ، والوعى حياة .. ولهذا ، قال (كونفوشيوس) قديمًا فى مأثوراته : “أخبرنى عن جودة الموسيقى التى يسمعها الناس ، أخبرك عن جودة الحياة التى يعيشونها.” ..
 
والقرءان نزل مِن السماء .. والقرءان صوتٌ : مَن استقبله تمتع بالحياة .. والحياة نور .. والنور مكانه القلوب .. فالقلب هو الأرض التى إذا نزل عليها الماء ، دبت فيها الحياة بعد موتها .. وقد جاء عن القرءان فى حق النبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : (نزل به الرُّوح الأمين . على قلبك لتكون مِن المنذرين . بلسانٍ عربىٍّ مبين) ~الشعراء : 193 ، 194 ، 195 .. فأصبح النبىُّ قرءانًا يمشى على الأرض .. فإذا بالنبىُّ نور ، وإذا هو حياة .. وكذلك ، كل مَن نزل ماء السماء على قلبه ، فهو نور بين الناس ، وهو حياة ..
 
ابتسمت (إيكارا) فى مودة ، وهى تناولنى بكلتا يديها طبقًا من الفواكه الشهية ، قائلة : والحياة رحمة : بها يُرحَم المرء من ضيق الموت .. والنور رحمة : به يُرحَم المرء من التعثر فى الظلمات .. بالحياة يتحرك المرء ، وبالنور تتضح له السبل ، وتتيسر المسالك .. فتكون الرحمة بذلك هى وسيلة المرء للوصول إلى مبتغاه .. (وما أرسلناك إلا رحمة للعالَمين) ~الأنبياء : 107 .. فالنبىُّ رحمة .. والرحمة هى الوسيلة الوحيدة التى يستطيع المرء أن يرى بها طريقه المناسب ، وأن يحصل بها على كل ما يريد .. ولذلك ، قال النبىُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا صلَّيتم علىَّ فسلوا الله لىَ الوسيلة .. و (الوسيلة) درجة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبدٍ واحدٍ مِن بين جميع الخلائق ، ونحن نرجو أن يكون الرسول هو صاحبها .. فالنبىُّ نور .. ونور النبىِّ فيه حياة لمن تعرَّض له .. ونور النبىِّ يحرق كل ظلام ..
 
قالت (إيكارا) : إنَّ رسالة المؤمن تتلخص فى كلمتين : النور و الحياة .. فإذا تشبَّعت بالنور ، تدفقت فيك الحياة .. وإذا وهِبْتَ سرَّ الحياة ، فاعلم يا صديقى أنه لن تكون لك وسيلة تحقق بها رسالتك فى الوجود إلا الرحمة .. فبالرحمة يجتمع للمرء الخير و النعمة .. (إنَّ فى ذلك لآية لقومٍ يسمعون) ~النحل : 65 .. قلتُ : اللهم صلِّ على النبىِّ وسلِّم تسليمًا ..
 
.
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !