الرئيسية » قوانين حياة من القرآن » تأملات قرآنية مكتوبة

تأملات قرآنية مكتوبة

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1586 المشاهدات
التفكر في الكون - التأمل في الكون
أرسلت لى صديقتى (ايكارا) بطاقة فاخرة بيضاء اللون ، مكتوب عليها بخط ذهبى : “سورة الملائكة .. تفتح الأبواب .. تفتح سبل الخيرات .. (ف) فتح ، (ط) طريق ، (ر) راحة .. سورة فاطر تفتح لقارءها طرق الراحة.” .. ثم توقيعها وتوقيع زوجها العزيز (ناجاماى) بخطهما الجميل ..
 
* * * * * * * * * *
 
تأمل هذا السر يا صديقى .. الجنين فى رحم أمه لا يتكلَّم .. الرحمة هى الخير مع النعمة .. (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسًا) ~طه : 108 .. فإذا أردتَ أن تزداد نعمةً أو خيرًا فى حياتك ، فاصمت ، (لا تحرك به لسانك لتعجل به . إنَّ علينا جمعه) ~القيامة : 16 ، 17 ، تمامًا مثل الجنين الذى يظل صامتًا حتى يجتمع بنيانه وتكوينه فيخرج إلى النور .. إذا أردتَ أن تذكر الرحمن فتعبَّد إليه بخشوع صوتك عن الكلام .. تعبَّد إليه بوضعية الرَّحم ، يخرجك من ظلماتٍ ثلاثٍ إلى النور ..
~ناجاما
 
* * * * * * * * * *
 
بعد صمتٍ طويل .. عميق .. ونحن جالسون فوق تبة عالية فى الصحراء ، تحتها نبع مياه عذبة ، تنمو على حافته نباتات لها سيقان طويلة ، تتمايل فى تناغم مع الرياح .. الرياح المحملة بحبات الرمال هى التى كانت تتكلَّم طوال الوقت .. أما نحن فكنا فى جلسة تأمل صامتين .. سكنت الرياح .. فتكلَّم صديقى فى هدوءٍ يسألنى : مَن أنت ؟ .. بعد فترة من السكون قلت : أنا عملى .. قال : وما عملك ؟ .. قلت : نيَّتى .. أنا نيَّتى .. قال : مِن أين أتيت ؟ .. قلت : مِن الأرض .. قال : أين دارك ؟ .. قلت : فى السماء .. قال : وأين دارك التى فى الأرض ؟ .. قلت : قلبى .. قال : أين مالك ؟ .. قلت : فى نفسى .. قال : ما مالُك ؟ .. قلت : أنا .. أنا : مالى .. قال : ما بينك وبين ربك ؟ .. قلت : الدنيا .. فإذا انقضت ، كان لقاؤه .. قال : وما الآخرة ؟ .. قلت : يوم المُلك .. (المُلك يومئذٍ الحق للرحمن ، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا) ~الفرقان : 26 .. قال : وما الجنة ؟ .. قلت : كل ما كنت تتمناه لغيرك وإذ به كله قد صار لك .. قال : وما النار ؟ .. قلت : كل ما كنت تكنزه لنفسك وإذ به كله قد صار عليك .. قال : فأين المنتهى إذًا ؟ .. قلت : إلى الله .. احترقت النار والجنة ، وذهبت الدنيا والآخرة ، وطويت السماوات والأرض ، ولم يبق إلا الله ..
~مِن محاورة بينى وبين صديقى (ناجاماى) فى عزلة فى قلب الصحراء ..
 
* * * * * * * * * *
 
أقبلتُ على (إيكارا) وأنا أبكى ، فأقبلت إلىَّ مسرعة ، سمعتنى وأنا أقول : لماذا كان سهلًا على قوم (إبراهيم) إلقاؤه فى النار ؟ .. أمسكت ذراعى فأحسست بطاقة حنان هائلة تسرى فى جسدى وهى تهمس : لأنه كان من العسير على أحدهم أن يعانقه أو يحتضنه .. قلتُ باكيًّا : إنَّ فتيان هذه الأمة متصلين بنبى الله (إبراهيم) ، كلهم ألقوا فى النار كما تم إلقاؤه .. قالت : لعل الله اصطفاهم ليذيقهم الحضن الربانى كما أذاق خليله .. مسحت باناملها دموع عينى وهمست : (حضن) .. (ح) حنان ، وهو الحنان المذكور فى قوله تعالى : (وحنانًا من لدنا) ~مريم : 13 ، (ضن) : أى ضن بهذا الحنان أن يتذوقه المرء إلا منه .. فإذا احتضنت أحدًا فأنت تعطيه حنانك كله ، وتأبى أن لا يأخذه إلا منك .. لهذا نضم يدينا بعفوية على جسد من نحضنه ، حتى يتذوق طاقة الحنان كاملة منا ، لا من غيرنا .. وكذلك (إبراهيم) عليه الصلاة والسلام ، أبى الله أن لا يستشعر طاقة الحنان إلا منه ..
قالت صديقتى هذا ثم احتضنتنى ..
 
* * * * * * * * * *
 
انطلقنا بسيارته فى طريق طويل واسع ، وقد لاحظت من قبل مهارته العالية فى القيادة .. قال صديقى (ناجاماى) بصوته العذب الهادىء : اول فائدة من فوائد السفر هو الانتباه لأهمية الموقع .. هل تذكر قصة الرجل الذى قتل تسعة وتسعين نفسا ، ثم أراد أن يتوب ، فأخبره رجل أن لا توبة له ، فقتله ، فأكمل به المائة ، ثم سأل عالما فنصحه أن يسافر إلى قرية آخرى يعبد الله فيها توبة منه على ما سلف ..
 
إن هذه القصة فى غاية الأهمية لأنها توضح أهمية الموقع .. إن المكان الذى عاش فيه الرجل كان يقوم بتفعيل النزعة الإجرامية عنده ، رغم أنه كان يريد أن يتوب بصدق .. ولكنه تأثير الموقع .. لذلك ، لم يقسم الله بالنجوم ، وإنما أقسم بمواقع النجوم .. إن المواقع هى التى تحفظ للنجوم ثباتها واستقرارها .. فإذا تغير الموقع هوى النجم ..
 
قلت مبتسما : هناك إعلان للمطرب الشهير (عمرو دياب) ، عن مدينة (بورتو أكتوبر) ، فال فيه : “المكان يفرق كتير.” ، “كل حياتك بتتغير لما تروح المكان الصح.” .. الآن من كلامك تبين لى ماذا كان يقصد .. أبتسم (ناجاماى) وهو ينطلق بالسيارة فى سرعة أكبر قائلا : أشد العوائق التى تصيب الإنسان قد يكون سببها الوحيد هو موقعه .. ولا يتبدل الحال إلا بتبدل الموقع .. تذكر دائما صديقى : الواقع يتشكل بالموقع ..
~ناجاماى
 
* * * * * * * * * *
 
منذ صغرى كنت أسمع كثيرًا عبارة : “يوضع سره فى أضعف خلقه.” .. وكنت أتسائل : ما هو أضعف المخلوقات ؟ .. حتى اتجه فكرى إلى النمل .. النملة هى حقًّا أضعف المخلوقات .. حتى سمعت صديقتى (إيكارا) تتلوا آيات من سورة النساء ، حتى توقفت عند قول الله تعالى : (يريدُ الله أن يخفف عنكم ، و خُلِق الإنسانُ ضعيفًا) ~النساء : 28 .. عندها أدركت أن الإنسان هو أضعف الخلق .. فسألتها : ما معنى (سر) ؟ .. ابتسمت قائلة : سر .. (س) يعنى سبيل ، و (ر) روح .. السر هو سبيل الروح .. السر هو السبيل الذى من خلاله تتألق الروح فى الوجود وتتجلَّى .. نظرت إلىَّ لحظة ، كأنها قرأت أفكارى ، ثم قالت : الأسرار داخلنا .. ونحن سبيل هذه الأسرار لنرى روعة آثار الروح التى نفخها الله فينا فنتذوق رحمته .. لهذا قال العلماء أنَّ إسم الله الأعظم قد أودعه الله فى الإنسان ، وهو ما ينفعل داخل المرء عندما يتذوق رحمة ربه فيستمتع متاعًا حسنًا .. عندما يستحضر المرء هذا الانفعال يصبح قادرًا على فعل أى شىء ..
* * * * * * * * * *
 
.
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !