الرئيسية » خواطر » خواطر جميلة » خواطر حزينة عن الحياة القاسية

خواطر حزينة عن الحياة القاسية

بواسطة عبدالرحمن مجدي
2648 المشاهدات
خواطر جميلة عن الحياة
لقد وصلت إلى تلك المرحلة حيث لم يعد بإمكاني البقاء يقظا لأكثر من ثمان ساعات متواصلة.. لا بدّ لي أن أنام.. ليس بسبب النعاس.. لكن لأن عقلي لم يعد يستطيع البقاء واعيا لأكثر من تلك المدة..
 
أحتاج أن أغمض عيني.. أن أفقد الوعي.. أن أتوقف عن التفكير.. عن الكلام وعن سماع الكلام وتحليل الكلام.. أحتاج أن أتوقف عن الإحساس الثقيل بوجودي.. أحتاج أن أخرج من ذاتي.. ولو لساعة واحدة فقط..
– – – – – – – – – – – – –
أكثر الناس الذين عانوا في تجاربهم العاطفية.. هم أولئك الذين تسمموا بفكرة أنهم أقل من الآخرين.. وبالتالي فهم لا يستحقون أن يحصلوا على ما يحصل عليه الآخرون..
 
لذلك.. عندما وقع أولئك الناس في الحب.. كان لزاما عليهم دائما أن يكونوا ألطف من الباقين.. وأن يضحوا أكثر من الباقين.. وأن يمشوا أميالا إضافية زيادة عن الباقين.. وأن يتحملوا ما لم يمكن للآخرين أن يتحملوه.. معللين كل هذا بالحب.. بينما هو في الحقيقة لحماية شعورهم الدائم بالتهديد بخسارة كل شيء.. وحتى عندما خسروا كل شيء.. لم يكن لديهم الشجاعة أبدا للوم الطرف الآخر.. بل حمّلوا أنفسهم الخطأ كله..
 
ربما ليس هنالك خطيئة أكبر من أن تقلل ثقة طفل في نفسه.. لأنه وبشكل تلقائي سيميل إلى الاعتقاد بأن ما يحصل عليه الآخرون كحق.. لن يحصل عليه إلا كهبة.. وهذه معاناة يعلم الله وحده كم تطول.. وماذا تطول..
– – – – – – – – – – – – –
لعلّ أكبر كذبة منتشرة بيننا.. هي أننا نقنع أنفسنا.. بأن الغد سيحمل لنا خبزا لم نقم بخبزه في المساء..
 
وبقدر ما يبدو هذا الأمرغريبا ويفتقر إلى المنطق.. إلا أننا نستمر بعمله يوما بعد يوم.. ننام على الأمل الكاذب.. ونصحو على الحقيقة المؤلمة.. وهكذا دواليك..
– – – – – – – – – – – – –
قراءة قصص النساء والفتيات المعنفات على وسائل التواصل غيرت نظرتي نحو المدينة والناس..
 
صرت أنظر نحو تلك البيوت الهادئة في الليل.. فأعرف أن ذلك البيت الجميل الذي تزينه حجارة ملساء وأبواب خشبية معتقة ونوافذ زرقاء.. قد لا يكون في حقيقة الأمر إلا معتقلاً لساكنيه.. وأنه لا يختلف كثيرا عن تلك المعتقلات ذات الأسوار العالية والأسلاك الشائكة والأبواب الحديدية الضخمة ..
 
وصرت أنظر نحو ذلك الرجل الأنيق العصري الذي يصف سيارته الفخمة في الجراج.. فأعرف أنه قد لا يكون إلا جلادا منزوع الضمير والإنسانية.. ولا يختلف بأي حال من الأحوال عن أولئك الجلاوزة ذوي الأجساد الضخمة والوجوه المتجهمة الذي يحملون الهراوات والصواعق..
 
اختلط الواقع بالخيال بدموع الضحايا وبابتساماتهم .. و بكل شيء آخر..
– – – – – – – – – – – – –
لما توصل ابنك أو بنتك دعوة لعيد ميلاد طفل زميل في المدرسة.. حاول قدر الإمكان إنك تجيب هدية بسيطة وتاخد ابنك على الحفلة.. حتى لو كان الطفل الداعي مش الصديق المقرّب لابنك..
 
السبب ببساطة، إنه الناس عادة بشوفوا هاي الحفلات شيء سخيف وما بحبوا يضيعوا وقتهم فيها، من توصيل وخلافه.. لكن الحاصل إنه لما عدة عائلات يفكروا بنفس المنطق.. بنتهي الموضوع إنه طفل أو طفلين بس اللي بحضروا.. ومرات ولا طفل.. وأنا شخصيا شهدت على أمور مثل هيك.. والنتائج كانت محزنة فعلا..
 
خد ابنك مش لأي سبب إلّا لأنّك أب أو أمّ.. والآباء ممكن يوفروا كل شيء لأطفالهم إلا إنهم يقدروا يجيبوا الناس على حفلات أعياد ميلادهم.. لا تساهم بهذا الشعور المقيت بالعجز عند أي أب..
– – – – – – – – – – – – –
لقد وصلت أخيرا إلى الحقيقة يا سيد فرحان.. وتأكد لي أنّ المشكلة لم تكن يوما في جسدي ولا شكلي ولا وظيفتي البائسة.. كما لم تكن في المال الذي أضعته أو تقاعست عن كسبه.. ولا في من عرفت من الناس ولا في من هجرت.. وليست بالتأكيد بسبب أخلاق الناس أو فساد الحكومة..
 
لم تكن المشكلة أبدا فيما حولي يا سيد فرحان.. ولَم يكن لشيء أو إنسان أن يمنحني السعادة أو يسلبها مني.. وإن كررت ذلك مرارا وتكرارا وفِي نومي وصحوي وحلي وترحالي..
 
الآن أعرف يا سيد فرحان أنّ مأساتي الحقيقية إنما تكمن في داخلي وبين جنبي وفِي تجاويف ضلوعي.. في علاقتي المرتبكة مع الذات.. قبولي الهش بها.. وهربي الدائم من مواجهتها..
 
وما الآخرون.. وما الأشياء.. وما الأزمنة .. وما الأمكنة .. وما الكون برمّته.. إلا حقائق مستعارة .. أردت أن أخنق بها الإجابات .. وأن أخرِسَ الأسئلة..
– – – – – – – – – – – – –
.
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !