الرئيسية » منوعات » نحو الصوفية » قصة الحلاج الصوفي

قصة الحلاج الصوفي

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1280 المشاهدات
قصة الحلاج الصوفي
الحلاج… علشان نفهم الصوفية لازم نعرف سيرة بعد كبار الصوفية ﻷن سيرتهم تطبيق عملي ﻷفكار الصوفية وعلشان كده هخصص كل كام حلقة لتلخيص سيرة واحد من كبار الصوفية وهبدأ بواحد من سلاطينهم وهو الحلاج
 
** المحطة اﻷولى :
 
اعتمدت طريقة الحلاج للتصوف على الرياضة الشديدة ( أقصد بالرياضة الجوع والسهر وكثرة العبادة .. فكل صوفي له الطريقة التي تتاسبه ) .. وتتلمذ في البداية على يد كبير من كبراء الصوفية وهو سهل التستري .. وبعدها ذهب للتتلمذ على يد اﻹمام الصوفي العظيم الجنيد
.
** المحطة الثانية
 
عند الجنيد أمره بالسكوت والخلوة .. فواضح إن الحلاج كان يتكلم بكل ما يحس به وما يمر به أثناء خلواته مع ربه بما لا يناسب عقلية الناس وقدرتهم على الاستيعاب
لكن الحلاج مقدرش يمسك نفسه وسأل الجنيد أسئلة جعلت الجنيد يتنبأ له بأن نهايته ستكون مصلوبا على خشبة … وبعد حوار طويل كان رأي الجنيد أن على الحلاج أن يسكت فرفض الحلاج وخلع الخرقة ( وهي ثياب من الصوف يعطيها الشيخ لتلميذه كشهادة على تصوفه ) وبدأ تمرده ورفضه
.
** المحطة الثالثة
 
بعدها هجر دنيا طبقة الخاصة والتحم بالناس البسطاء عندما أيقن أن الحياة الحقيقية والصوفية الحقيقية هي اللي بين الناس وعلشان كده كان الناس مقبلين عليه وفاهمين كلامه اكتر من رجال الدين المتقيدين بقواعدهم الجامدة ولذلك تبعه الكثيرون .. ولذلك لف في بلاد كتير حتى وصل الهند والصين يعلم الناس وينقل لهم تجربته وكان محبوبا في كل مكان .. ولشدة اﻹقبال عليه كرهته السلطة في كل بلد حتى إنه طرد من خمسين مدينة
 
** المحطة الرابعة
 
يروى إنه كان بيصلي 400 ركعة في اليوم فلما قالوا له : لماذا كل هذا العناء بعد هذه الدرجة التي وصلتها ؟ .. فقال : العناء والراحة يبدوان في حالكم أما اﻷحبة فصفتهم فانية فلا يبدو عليهم التعب والراحة ( يقصد إن حبه لله يجعله لا يشعر بأن الصلاة تعب أو مشقة )
 
ربما القصة فيها مبالغة لكن تعكس فكرة العبادة بالحب لا الفرض
 
** المحطة الخامسة
 
من أقواله ..
 
– سئل : كيف الطريق إلى الله ؟ فقال : ارفع قدما عن الدنيا واﻷخرى عن العقبى تصل إلى المولى
 
– الخلق العظيم هو ألا يؤثر فيك جفاء الخلق بعد أن عرفت الحق تعالى
 
– المتوكل لا يأكل شيئا وفي البلد من هو أحق به منه
 
– اللسان الناطق هلاك القلوب الصامتة
 
– ترك الدنيا زهد النفس وترك اﻵخرة زهد القلب والقول بترك النفس زهد الروح
 
** المحطة السادسة
 
اتسمى الحلاج ﻷن من كراماته إنه مر بمخزن قطن فشاور عليه فخرجت البذور من القطن في الحال .. وهو له الكثير من الكرامات اللي هنتكلم عنها في حلقة قادمة إن شاء الله
 
** المحطة السابعة
 
اختلف الناس حول الحلاج بين مؤيد شديد التقديس له ومعارض حتى التكفير والفرح بقتله … ومن كانوا معارضين له اختلفوا حوله فمنهم من قال إنه شيعي .. وقالوا ساحر متعلم السحر في الهند وقالوا متسلط على هدم اﻹسلام وقالوا حلولي يرى الله في كل شيء و ……
 
والحقيقة إن الناس كالعادة ماقدروش يستحملوا واحد مختلف عنهم فاتهموه بكل الاتهامات المختلفة علشان بيفكرهم بحقيقة عاوزين ينسوها .. بيفكرهم إن الدنيا واخداهم وإنهم بيمثلوا ومش عايشين على طبيعتهم فبيمثلوا التقوى والعبودية والرحمة وهم أبعد ما يكون عن ذلك … وعلشان كده الكل رحب بقتله رغم إنه لم يؤذ أي إنسان
.
** المحطة الثامنة ( قصة صلبه ) وهي أهم محطة …
 
أهل السلطة كانوا خايفين منه لقدرته على جذب الناس وزيادة أتباعه في كل يوم ومعارضته لهم وكشفه لحقيقتهم وتحويله للصوفية من الاهتمام بالدواخل للاهتمام بالشأن العام
 
ورجال الدين خافوا منهم ﻷنه كشف ألاعيبهم وتعقيدهم للدين ومحاولاتهم الدائمة للسيطرة على عقول العامة وحرصهم أن يكونوا واسطة بين اﻹنسان وربه وتمرده على قواعدهم فخافوا الناس يفلتوا من سيطرتهم خصوصا وإنه جعل اﻹيمان فوق العقائد وبالتالي أصبح اﻹيمان مسألة بين اﻹنسان وربه
 
وأهل المال خافوا منه ﻷنه بيهدد بكلامه استقرار ثرواتهم خصوصا وأن الفقراء التفوا حوله
 
لهذا كله تعاونوا على قتله واستغلوا كلامه غير التقليدي علشان يحاكموه فاستغلوا إن واحد سأله وقال : من في هذه الجبة ( التي يرتديها الجلاج ) .. فقال الحلاج : أنا الحق … فقالوا أنه يدعي اﻷلوهية وقرروا محاكمته
 
حاكموه ولم يستطع أحد أنه يمسك عليه دليل واحد حتى حكموا عليه بالقتل .. كان ماشي نحو مكان إعدامه في القيود وهو يرقص فرحا …
.
وعلى المشنقة …
 
طلب منه خادمه وصية فقال : اشغل نفسك بشيء جدير بالعمل ” يقصد له قيمة ” وإلا شغلتك هي بشيء لا يستحق العمل .. والبقاء بالنفس في هذه الحال هو شأن اﻷولياء
 
وقف صديقه ( الشبلي ) بين من يلقونه بالحجارة وكان لا يتأوه فألقاه الشبلي بوردة فتأوه بسببها وقال : هم معذورون ﻷنهم لا يعلمون وأنت تعلم أنه لا ينبغي عليك أن تلقي
 
قطعوا قدمه فابتسم وقال : كنت أسافر بها في هذه الدنيا ولكن لي أخرى أطوي بها العالمين فاقطعوها لو تستطيعون
 
وأخذ من دمه السائل ومسح على وجهه لأنه خشى أن يصفر وجهه لكثرة الدم المراق فيظنونه خائف … ومسح على ساعديه وقال : أتوضأ لأصلي ركعتين في العشق لا يصح وضوءهما إلا بالدم
 
اقتلعوا عينيه فمن الناس من بكى ومنهم من استمر في قذف الحجارة .. ولما أرادوا اقتلاع لسانه طلب أن يقول شيئا أخيرا ثم قال :
 
إلهي لا تحرمهم بهذا اﻷلم الذي سببوه لي من أجلك .. ولا تجعلهم بلا نصيب في هذه السعادة .. الحمد لله
 
ومرت عجوز ومعها ماء فقالت : اضربوه بشدة فأي شأن لهذا الحلاج المستهزئ بكلام الله
 
وكان آخر ما قاله : حب الواحد .. إفراد الواحد .. وابتسم قبل أن يجزوا رأسه
 
** المحطة التاسعة
 
صلبوه وحرقوا جثته وكان الرماد يقول ( أنا الحق ) .. وكانت كل قطرة دم تقطر منه تكتب الله
 
وقال شيخ أنه بقى تحت صليبه وفي النهار التالي سمع هاتفا يقول : أطلعناه على سر من أسرارنا فأفشى سرنا فهذا جزاء من يفشي السر
 
وذهب الشبلي لزيارة قبره وقال : إلهي كان عبدك هذا مؤمنا عارفا موحدا فلماذا ابتليته بهذا البلاء ؟ .. فرأى في النوم من يقول له : إنني فعلت هذا ﻷنه أفشى سرنا لغيرنا
 
الحلاج حب يعرف الناس كلهم حقيقة حياتهم .. وإزاي إنها مجرد جسر للوصول إلى الحب المطلق فمقدروش يستحملوه لأن الدنيا بالنسبة لهم أهم من كل شيء … هو عرف السر اﻷعظم .. سر الحب .. فكشفه وكان يجب إنه يحتفظ به لأن الناس ماتقدرش تستحمله .. مش كل الناس تقدر تتبع نداء العشق
 
ملحوظة : الاعتماد اﻷكبر في هذه الحلقة على كتاب تذكرة اﻷولياء للولي فريد الدين العطار
 
أحمد مجدي
 
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !