الرئيسية » قصص » قصص جميلة » قصة جميلة جدا فيها عبر وحكم

قصة جميلة جدا فيها عبر وحكم

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1477 المشاهدات
قصة جميلة جدا فيها عبر وحكم
“أجمل الصدف تلك التي فتحتْ عينّي على علم الآثار، كنتُ صبيًا في الرابعة عشر يخرجُ من المُخيّم كل صباح إجازةٍ إلى شاطئ البحر ليعود إلى بيته ببعض السمكات التي يصطادها. في احدى تلك المرات بدلًا من البحث عن السمك رُحتُ أستظلُ في زاويةٍ مُطلةٍ على موقع أثري قديمٍ قريبٍ من الشاطئ، أراقبُ بعنايةٍ ما يفعله علماء الآثار الذين يُنقبّون فيه، عُدتُ الكَرّة أكثر من مرة، وبعد أن ملأني ذلك إعجابًا اقتربتُ لأسألهم إذا كان هناك من فرصةٍ لأعمل معهم؛ فرفضوا ذلك لصغر سني، وبعد أن وجدوني مُتلهفًا للعمل وافقوا على اعطائي الفرصة؛ في الصباح التالي كنتُ أول الحاضرين وقد أدهشهم ذلك. كنتُ فضوليًا جدًا أسألُ عن كل شيء، وأي شيء.”
 
“تعلمتُ حينها الكثير في الحفريات والتنقيب والترميم، ولما بلغتُ السادسة عشر وجدوا فيَّ شغفًا كبيرًا وحبًا للعمل أكثر، ساعدوني لأحصل على منحةٍ لدراسة صيانة وترميم الآثار في باريس، وهناك تيقنتُ أنه إذا تخليتُ في يومٍ عن حبي للآثار فإني أتخلى ببساطة عن الحياة كالسمكة متى ما خرجت من الماء فإنها تخسر تلك الحياة. فشاركتُ في ترميم جدرانٍ قصورٍ فرنسيةٍ قديمةٍ تضررتْ في الحربين العالمية الأولى والثانية، وترميم لوحة فسيفساء لُتعرض في متحف اللوفر، وعملت شهورًا في متحف جنيف، وتعلمتُ ترميم المعادن والزجاج والعملات النقدية القديمة.”
 
“بعد تلك السنين قررتُ أن أعود لأستقر في غزّة، هذه المدينة التي تُشعرني بالفخر حرفيًا كلما تجولتُ فيها، لما تحويه من حضارةٍ وارثٍ كبيرين. إنني أجدُ متعتي في اكتشاف غزّة القديمة عبر العصور، غزّة التي هي أقدم من باريس، ولا أبالغُ قولًا لو أخبرتك أنك تحتاج أربعة شهورٍ كاملة لتتعرف إلى آثار غزّة ومعالمها القديمة بينما ستأخذ منك باريس ثلاثة أيامٍ فقط؛ ولذا فإني لا أبخل علمًا على أحدٍ مما تعلمت، فقد علمتُ طلابًا كثيرين وأملي أن يعرفُ الناس عن تاريخ غزّة وحضارتها.”
 
“إن علم الآثار كالطب، تحتاجُ أن تعرف كل جديدٍ فيه وتنهلُ منه، وهذا ما أفعله من حينٍ لآخر. ولعل من ذكريات الطفولة التي تستحضرني حين كنتُ أشارك أطفال المخيم رمي الحجارة على جنود الاحتلال الإسرائيلي، وما أفعله الان أنّي أبحث عن تلك الحجارة لأثبت لإسرائيل أمام العالم أحقيتنا بهذه الأرض.”
 
“دائمًا ما كنتُ أصطحبُ طفلي الأكبر في مهمات البحث والترميم، لقد تعلّق بالآثار، ويريد أن يصبح عالم آثارٍ، أريده أن يتعلم ما يجعله فخورًا بالعيش على بقعةٍ تصارع عليها ملوكٌ وحضارات، أن يرث مني ذلك الحُب.”
 
– فضل، ۳٧ عامًا، غزّة
.
المصدر: سعيد كمال
.
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !