الرئيسية » الذات » تطوير الذات » مفهوم الحقيقة في الفلسفة

مفهوم الحقيقة في الفلسفة

بواسطة عبدالرحمن مجدي
929 المشاهدات
مفهوم الحقيقة في الفلسفة
الحقيقة ، كلمة لا وجود لها في عالم البشر .. !
الحقيقة ، كلمة الحقيقة كثيراً ما يرددها الناس وحتى أنا أرددها ..
ولكن عندما أقولها أو أسمع الناس تقولها ، يقول قلبي لي: أي حقيقة !؟
عن أي حقيقة أتحدث !؟ وعن أي حقيقة هم يتحدثون !؟
 
الآن وفي هذه اللحظة كل واحد لديه نسخة خاصة به تفسر كل شيء في الحياة تسمي ( الحقيقة ) ، البعض مثلي يتمتعون بالمرونة الكافية لمجاراة الحياة ولذلك فهم دائماً يتغيرون ويتجددون وينمون ولذلك الحقيقة تتغير معهم وتتغير مع تغير أعمارها ومراحلهم النفسية والجسدية علي الأرض لأنهم في الحياة يرتقون بأرواحهم للأفضل دائماً ، والبعض الآخر كالحجارة لا يتغيرون ولا يتطورون إلا عندما يأتي شخص آخر بالمطرقة ويضرب فوق رؤوسهم فأما أن يحطم منهم جزءاً أو يحطمهم إلي نصفين أو يحطمهم إلي أجزاء صغيرة .
 
– مشكلتنا جميعاً في جملة ” هذا منطقي ” أي نقصد هذا حقيقي ..
وجملة ” هذا غير منطقي ” أي نقصد هذا غير حقيقي ..
دائماً ننظر إلي منطقنا أنه الحقيقة المطلقة الذي يجب أن تسير كل الحياة وفقاً له ..
ودائماً ما تظهر الحياة مدى جهلنا بها ومدى ضيق آفقنا وأنها أكبر بكثير من منطقنا الموروث أو منطقنا الذي صنعناه بأيدينا فالإثنين أمام الحياة نقطة صغيرة جداً لا تستطيع أن تروي ظمأ قلوبنا أبداً .. !
 
( لا يمكن أن يتركني .. لا يمكن أن يحدث هذا .. كيف حدث هذا .. أنا سقطت هذا غير منطقي .. والكثير من العبارات الآخرى ) فالكثير من الأحداث كل يوم وكل سنة وفي كل مرحلة من أعمارنا تصطدم مع منطقنا بقوة وتدعونا أما إلي التطوير والتغيير والقراءة والتأمل ، وأما إلي الألم بإستمرار حتي الموت .
 
من العجيب أن أكثر الناس تختار الألم حتي الموت ، والقليل من الناس يخرج من الألم ويذهب إلي السعادة ، والأقلية تخرج من الألم مع الدروس المستفادة الحقيقية بعيداً عن عادات مجتمعاتهم الفكرية أو تطرفاتهم الفكرية الخاصة أثناء الغضب ، فكل يوم في الحياة يجعلهم يخرجون دروس مستفادة أكثر من التجربة الماضية ويصبحون أكثر قوة وأكثر سعادة وأكثر حب وأكثر حرية ..
 
– ودائماً ما نقول: ( لا أستطيع نسيان هذا الشخص .. لا أستطيع نسيان هذه الفكرة ؛ لأنني كنت سعيد \ سعيدة مع هذه الفكرة أو هذا الإعتقاد أوهذا الشخص في الماضي !؟ ) ، وكلمة الماضي كافية لتجعلنا ندرك أن ما نتحدث عنه في الماضى أي هو شيء مات وأنتهى .. لماذا نتمسك بهذا الشكل !
 
وإذا كان هذا الشيء صالحاً في الماضي إذاً ماذا حدث له اليوم !؟ هل أصبح غير صالح للحياة اليوم !؟ وهذا شيء طبيعي جداً ، فهذا التغيير الذي حدث يعني أنه ببساطة أما كانت السعادة مزيفة وأما أن هذه الفكرة أو هذه الأعتقاد أو هذه العلاقة أصبحت غير صالحة للحياة اليوم .. أصبحت فاسدة ووجودها سيسمم قلوبنا وحياتنا .
 
حقيقة الحياة الوحيدة والأكيدة أننا لا يمكن التنبؤ بالحياة وبأحداثها بشكل مطلق ( لأننا لا نعلم الغيب ولا نتحكم في قوانين الحياة ، فنحن يمكننا فقط أن نتناغم ونتدفق معها بسلاسة وإلا ستظل تضربنا قوانين الحياة بأمواجها القوية ولن ترحمنا حتي الموت ! ) ، فلا يمكن أن نتحكم بها بشكل كامل .. دائماً ما ستكون الحياة غامضة .. ودائماً ما ستفاجأنا الحياة بمفاجأتها التي لا نهاية لها .. وتلك المفاجأت هي من تعطي للعبة الحياة طعم مميز للغاية لا يتذوقها ولا يراها إلا من يعقلون ويتفكرون .
 
– في الواقع لا يمهني كثيراً أن يكون كل الناس متغيرون وهذا الأفضل طبقاً لقانون الحياة الثابت في كل زمان ومكان وهو ( التغيير أساس الحياة لا شيء ثابت ولن يكون هناك شيء ثابت .. ) ، أو أن تكون كل الناس غير متغيرون وهذا أسوء نوعية قد أتعامل معهم في حياتي ، ولكن كل إنسان يختار أفكاره وأعتقاداته وعليها تسير حياته وهو الوحيد الذي سيعيش الحزن أو السعادة ، سأفرح لسعادته وسأشفق عليه عندما آراه حزين .
 
ولكن ما يمهني حقاً وما آراه من الحماقة هو عندما يكون الإنسان متغير ومتطور مثلي ولكنه يريد أن يجبر الناس أن يكونوا مثله حتى ولو أطفاله ! ، والأسوء والأقذر عندما يكون الإنسان ثابت كالحجارة لا يتطور ولا يتغير إلا عندما يأتي سيده ويضربه فوق رأسه ثم يريد أن يجبر الناس أن يكونوا مثله كالحجارة وبالأخص أطفاله ! .. أعتقد أنه أحمق يظلم نفسه ويدمر حياته ويدمر حياة الآخرين .. لا مكان له في الحياة ولن يقدم أي شيء للحياة سوى الأمراض النفسية والجسدية والفيروسات المفعمة بالكراهية ، فمكانه الطبيعي تحت التراب مع الجثث .
 
– ما أجده ميزة في نفسي وتوصلت إليه بعد رحلة طويلة من التأمل والتفكر وأجده النصيحة الذهبية التي قالها لي قلبي حتي أرتاح دائماً وأخرج من أي أمر يخنق قلبي أو يسبب لي الألم أو الضيق البسيط نتيجة تصراعي مع الحياة بجهل! ، هي: أنه يجب علي الإنسان أن يتعدي دائماً أفكاره ومشاعره وقناعاته ، أنه يجب عليه أن يذهب دائماً إلي ما وراء الفكرة وما وراء الشعور وما وراء القناعة وما وراء دماغه البشري الصغير والضيق جداً أمام بحر الحياة المتدفق منذ آلاف السنين ومازال مستمر بقوة وسحر عالي جداً يذهل أولي الألباب ..
 
عندما يتعدي الإنسان جسده ودماغه البشري المبرمج بيد أهله أو بيده الشخصية عندها فقط سينفتح قلبه علي الحياة .. سنفتح قلبه مباشرة علي الله .. ستذوب كل الحواجز التي كانت تفصله عن الحياة وتمنع الحياة من الدخول إلي قلبه .. سيصبح خفيفاً .. وسيحدث تناغم رائع بينه وبين الحياة .. وفي داخله سيحدث إنفجار وكأن إنفجر بداخله أنهار ممتلئة بالحرية والسكينة والسلام ..
 
عبدالرحمن مجدي
 
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !