نشاط الفكرة هو صدى تلك الخلفية من الماضي ، اختبارات متراكمة بمرور الزمن ، إنه الرد الصادر عن الذاكرة على مستويات مختلفة للفرد والجماعة ، للشخص والنوع ، الوعي واللاوعي ، عملية التفكير تجمع ذلك ، بالتالي أفكارنا لن تكون أبدا جديدة وغير مسبوقة ، ووجود أفكار جديدة ليس وارد إطلاقا ، لأن أفكارنا غير قابلة للتجديد وغير قادرة على النضارة ، صدى الماضي ، ثقل التكيف ، العادات و الاختبارات لكل الموروث الفردي الذي جمعناه حاضر دائما .
عندما نلجأ إلى الفكرة لاكتشاف ما هو متوقع ، سندرك سريعا تفاهة هذه الخطوة ، الفكرة لا تستطيع اكتشاف شيء آخر غير اسقاطاتها الخاصة ، و ليس شيئا جديدا أبدا ، لا يمكنها تحديد شيء سوى ما تعرفه مسبقا وليس ما يخرج عن إطار ما اختبرته .
إذا شاهدتم أشياء عن قرب ستدركون الآتي : ما دام الاختبار يأتي من خلال “أنا” ، والتي هي كيان مغلق على كل ذكرياته ، اكتساب ما هو جديد أو غير مسبوق مستحيل ، الفكرة تعني “أنا” ، لا تستطيع أبداً أن تختبر الله بشكل مباشر ، لأن الله أو الحقيقي هو مجهول ، فالمتخيل لا صياغة له ، ليس لديه اسم أو صفة ، كلمة الله ليست الله ، الفكرة لا تستطيع في أي حال من الأحوال فهم ما هو غير مسبوق ، غير المعروف ، تستطيع اختبار ما هو معروف فقط ، ولا تستطيع التصرف إلا في حقل ما هو معروف ، وليس أبعد من ذلك ، بمجرد أن تتفكر الفكرة بما هو مجهول ، يصبح عقلنا هائجا ، يريد أن يدخل المجهول في دائرة المعلوم ، و لكن المجهول لا يمكنه دخول دائرة المعلوم ، ومنه تحدث المواجهة بين المعلوم و المجهول .
جدو كريشنامورتي
– – – – – – – – – – – – –
نعرف جيدا عالمنا الخارجي ، عالم الأحاسيس والأفعال ، لكن معرفتنا بعالمنا الداخلي بسيطة ، وهو عالم الأفكار و المشاعر ، الهدف الأول للتأمل هو الوعي بحياتنا الداخلية ، وأن نجعلها مألوفة بالنسبة لنا ، إن الهدف الأقصى هو بلوغ مصدر الحياة والوعي .
بالمناسبة .. المهارة في التأمل تؤثر بعمق في شخصيتنا ، نحن عبيد ما نجهل ، ونحن أسياد ما نعلم ، مهما تكن نوع الرذيلة ، أو الضعف الذي نكتشفه ، والذي نفهم جيدا سببه ، وكيفية التصرف تجاهه ، نحن نجتازه عبر الوعي ، إن تحلل اللاوعي يحرر طاقة ، هناك يشعر العقل أنه مكتف و يصبح هادئا ، فإذا هدئ العقل نتمكن من معرفتنا كشاهد ، ننسحب من الاختبار و المختبر ، ونتنحى جانبا في الوعي الصافي والذي هو أبعد من الإثنين .
نسرغاداتا مهراج
– – – – – – – – – – – – –
لست بحاجه أن تعرف من أنت ، يكفي أن تعرف من لست أنت ، لأن المعرفة تعني وصف من منطلق ما هو معروف مسبقا ، إدراك أو مفهوم ، لا يمكن أن تكون هناك معرفة للذات ، لأن ما أنت عليه لا يمكن أن يكون سوى نفي لكل شيء ، كل ما تستطيع قوله هو أنا لست هذا … أنا لست ذاك … ليس من المعقول أن تقول ” هذا هو أنا ” ذلك ليس له معنى ، ما تستطيع وصفه “بهذا” أو “ذاك” لا يمكن أن يكون أنت ، أنت شيء لا يمكن تصوره ، بالتالي ، و بدونك ، لا وجود لإدراك و لا تصور ، أنت تشاهد قلبك يشعر ، عقلك يفكر ، جسمك يتصرف ، فعل المشاهدة في حد ذاته دليل على أنك لست ما تشاهد .
ذاتك الحقيقية لا يمكن الوصول إليها ، إنها انت ، ذلك سوف يأتي إليك اذا منحت له فرصة ، تخلى عن تعلقاتك بكل ما هو غير حقيقي ، و سيأخذ ما هو حقيقي مكانه بسرعة و بدون اشتباك ، توقف عن التخيل بأنك موجود ، و أنك تقوم بهذا أو بذاك و ستدرك بأنك مصدر وقلب كل شيء ، سيأتيك حب .. والذي لن يكون لا اختيارا ولا ميلا ولا تعلقا ، و لكن قدرة تجعل كل شيء محبوب و كفئ للحب .
نسرغاداتا مهراج
– – – – – – – – – – – – –
نعيش في عصر حيث الكثيرون يتمتعون بالحرية السياسية والاقتصادية ، على أمل أن البشرية ستستمر بالتطور باتجاه يعطي هذا النوع من الحرية للجميع على الأرض .
لكننا هنا لا نتكلم عن هذا النوع من الحرية ، نحن نتكلم عن نوع من الحرية يتعدى الظروف السياسية و الاقتصادية ، نوع من الحرية تتخطى العذاب الموجود في ظروف الحياة ، سواء كنا سعداء .. تعساء .. أغنياء .. فقراء .. أصحاء أو مرضى .
نريد تحسين نصيبنا في الحياة ، لكن فيما يتعدى ذلك ، هناك طريقة لإيجاد فرح داخلي لا ينتهي ولا يتعلق أبداً في نصيبنا في الحياة مهما كان ، هذا ما نعنيه ب “الحرية” في المعنى اليوغي ، إن الحرية الحقيقية هي ثمرة اليوغا ، هذا يسمى أيضا “الانعتاق”.
هذه الحرية ، هذا الانعتاق ، ليس شيئاً خارجياً ، وليس فكرة أو حالة فكرية ، إنه ليس شيئا نستطيع تملكه ، إنه حالة من الوعي عند الإنسان ، وينعكس أيضاً في المجتمع ، إنه شيء بديهي عندما يظهر ، و غير متعلق أبداً بظروفنا الخارجية ، إنه صمت داخلي مرسخ ، غبطة النشوة ، وحب إلهي متدفق لا ينتهي ، أهم شيء أنه تحرر من العذاب ، كما أنه اختبار مباشر للتوحيد من خلال كل وسائل الإدراك .. إنه العيش داخليا ومن خلال جوهر ماهيتنا – (غبطة الوعي الصافي) ، لقد تم تصميم البشر للتعبير عن هذه الواقع ، في ميدان الزمن والمكان ، وفي الحياة اليومية العادية ، نحن هذا ..
المعلم في داخلك
يوغاني
– – – – – – – – – – – – –
التأمل ليس شيئًا منفصلاً عن الحياة ، إنه جوهر الحياة بعينه ، جوهر العيش اليومي نفسه ، والإصغاء إلى هاتيك الأجراس ، الإصغاء إلى ضحكة ذلك الفلاح وهو يسير مع زوجته ، الإصغاء إلى صوت الجرس على دراجة الطفلة الصغيرة ، وهي تقودها على مقربة .. إنها الحياة بكلِّيتها يفتحها التأمل ، وليس جزءًا منها وحسب …
التأمل ليس شيئًا مختلفًا عن الحياة اليومية ، فلا تنتبذ مكانًا في زاوية غرفة وتتأمل مدة عشر دقائق ، ثم تخرج منها وتكون جزارًا – مجازًا وفعليًّا معًا .
التأمل أمرٌ من أكثر الأمور جدية ، بمقدورك أن تقوم به النهار كلَّه ، في المكتب ، مع الأسرة ، حين تقول لأحدهم “أحبك” ، حين تعتني بأطفالك . رصدُك هذا كلَّه ، وإدراكُك إسهامَك فيه – ذلك كله جزء من التأمل ، وحين تتأمل على هذا النحو .. ستجد في ذلك جمالاً خارقًا ، سوف تفعل هذا على الوجه السليم في كلِّ لحظة ، وإذا لم تفعل على الوجه السليم في لحظة معينة لا تبالِ ، فسوف تواصل من حيث توقفت – لن تضيِّع الوقت في الندم ، التأمل جزء من الحياة ، وليس شيئًا مختلفًا عن الحياة .
كريشنا مورتي
– – – – – – – – – – – – –
صفحة: غبطة صفاء الوعي
.
اقرأ أيضاً: مقولات رائعة وقصيرة
اقرأ أيضاً: مقالات قصيرة عن الحياة
اقرأ أيضاً: مقالات فلسفية رائعة
.
هل ساعدك هذا المقال ؟
1 تعليق
نشر مقالات و قصص