أعرف الحياة الآن

بدون موهبة والرسالة التي خُلقت من أجلها.. حياتك بائسة!

بدون موهبة والرسالة التي خُلقت من أجلها.. حياتك بائسة!

ضاعت قيمة الإنسان في العالم ، أصبح الإنسان ينظر لنفسه علي أنه جسد يحتاج لغذاء وغرائز لابد أن يقضيها فيفني عمره كله في إشباع تلك الغرائز والسعي لتوفير مسكن ومأكل ، ولا يجد حياة كريمة رغم كل ذلك !!

الإنسان جاء الحياة ليحمل الأمانة ولتكون له رسالة وثغرة كبيرة ، وزُود جسده بموهبة لكي تؤمن له احتياجاته طوال عمره ، لكي لا يقلق من موضوع توفير مأكل ومشرب ، لكن الموازين اختلت في العالم كله.. صارت قيمة الإنسان اليوم كالأنعام ، يوظفوه في شركة ليأخذوا زهرة شبابه وقمة مجهوده ثم يرمونه متقاعداً علي معاشه حينما يهزل ويذبل جسده .

نوكيا خلال الأيام الماضية قامت بتسريح أكثر من 10,000 موظف لديها ، ماذا ستفعل تلك الأسر الضخمة لكي تعيش ، لذلك الإنسان في صراع سيء ليعيش ، ويحس أنه مهدد بالخطر الدائم ، رغم أنه يملك نظام كامل يُمكنه من الحياة حياة الملوك لكي يبحث عن رسالته وثغرته في الحياة ليؤديها .

أساساً النظام العالمي للتوظيف نظام خاطئ لأن الإنسان يُعلق مستقبله وقيمته بوظيفة يقوم فيها بمجهود يأخذ حياله المال ليعيش ، وإذا استغنوا عنه طردوه فصار مشرداً بلا عمل ، والحقيقة أن قيمة كل إنسان مرتفعه ويحمل بداخله ما يجعله كريماً ، وُظف أو لم يُوظف ، طُرد أو لم يطرد ، هو يحمل موهبته التي توفر له احتياجاته في الحياة .

حينما قلت قيمة الإنسان في نظر الإنسان صارت الوظيفة كأنها فرصة للاستنزاف مقابل بضع دولارات ليعيش ويتقوت ! ، وبالتالي يمكن للشركة أن تطرد موظفيها في أي وقت شاءت وتبدلهم بغيرهم ، بل وصار الإنسان ينظر لنفسه تلك النظرة الحيوانية ، إنه جسد يريد طعام وغذاء وكساء وعليه البحث عن وظيفة لذلك ؛ فحينما نظر لنفسه تلك النظرة كانت تلك النتيجة من الشركات والحكومات .

لم نسمع عن بطالة أو أناس عاطلين عن العمل في العصور الغابرة لأنه كان لكل إنسان دوره في الحياة يقوم به ، وتتكامل الأدوار في نسيج إنساني عجيب ، الأرض تحمل بداخلها أقوات مليارات الكائنات الحية بما فيها بني البشر ، لم نسمع عن مجاعة لدي مليارات النمل أو كائنات أخري ، لا تحدث الأزمات الاقتصادية والغذائية إلا لدي البشر ! ؛ لأنهم فقدوا القيمة الحقيقية لكل إنسان جاء للحياة وترك ثغرته فارغة لم يؤد دوره فيها وحدث ذلك مع الملايين وبالتالي انهار الاقتصاد العالمي ، بل صارت هناك مجاعات وكوارث وأمراض في كل ربوع العالم .

المفترض أن الشركة لو تكونت من 1000 موظف ، المفترض أن تكون متكونة من 1000 موهوب لا يصح الاستغناء عن أحدهم وإلا تسقط وتنهار لأن قيمة كل موهوب فيها عالية لا يقوم بدوره أحد غيره ، وبالتالي يعيش حياة كريمه له دوره المستقل الذي توفره له موهبته الخاصة التي زود بها قبل المجيء للحياة .

علي النقيض من ذلك لو وفرنا للإنسان الطعام والغذاء والمسكن فإنه سوف يفسد في الأرض لأنه لم يأخذ الجانب الآخر وهي الأمانة والرسالة في الحياة والثغرة ، فمثلاً يخبرنا علماء الاقتصاد بما يسمي المرض الهولندي وهو في هولندا في فترة وجدت جبال من ذهب ونحاس ، وبالتالي كان ذلك ضربة اقتصادية ضخمة في تاريخها وبالتالي ظهر ذلك علي الموظفين فما صاروا يذهبون لأعمالهم وبدأ الخمول والكسل ، وبدأ يسوف الناس الأعمال ، بل وذهبوا إلي حياة الترف والخمول والرفاهية ، لأنهم ظنوا أنهم أجساد إذا تمتعت انتهت الحياة وتوقفت علي ذلك والحياة ليست كذلك …. !!

الحياة = موهبة ( تؤمن احتياجاتك ) + رسالة ( أمانة تحملها ومهمة جئت لتحقيقها )

ولكل إنسان فردي تلك القيمة الفردية فيه ، له موهبته الخاصة التي تؤمن وجوده ، ولديه ثغرة ورسالة جاء لتحقيقها ، فحينما يستغل موهبته فإنه سوف يقود بدور واضح لا يقوم به غيره وسوف يؤمن احتياجاته الضرورية وفي ذات الوقت يعمل من أجل تحقيق رسالة وغاية لا يقوم بها أحد غيره ، فمثلاً يوسف عليه السلام كإنسان جاء لسد ثغره كبيره وهي إنقاذ العالم من مجاعة في 7 سنوات .. كانت لتقضي علي العالم! ، وبالتالي آتاه الله الحكمة والعلم وسُجن واكتسب الخبرة وسار في مشوار كبير حتى يصل في النهاية إلي تلك الرسالة الخاصة التي ما كان ليسدها ويحققها أحد غيره.

وكذلك رئيس البرازيل ” لولا دي سيلفا ” الذي كان ماسح أحذية وميكانيكي ، كانت تلك مراحل مؤقتة سار فيها لكنه في النهاية حكم دولة البرازيل وجعلها من أقوي الدول اقتصادياً في العالم رغم أنه كان ماسح أحذية ، له رسالة وثغره ، ليست للمهن التي اشتغل بها علاقة بتلك الرسالة لكنها مراحل تكسبه الخبرة لكي يستخدمها لاحقاً في تلك الرسالة والثغرة ، وبالتالي قيمة الإنسان تتحدد بموهبته الفطرية وبرسالته وثغرته الحياتية وهو يسير بتوازن بين تلك الاثنتين اللتين تتشابكان فيه كإنسان لأنه ملتقي العالم المادي والمعنوي .

بينما النظام العالمي المتبع اليوم أفسد الأرض وضيع الإنسان ، وأمات الكائنات وترك الكثيرين يموتون دون أن يحققوا ثغراتهم لأنهم لم يجدوا غذاء ليقتاتوا به ، وإنما انشغلوا بتوفير المال القليل لكي يتمكنوا من الحياة وهم يملكون داخلياً الكنوز التي تجعلهم لا يلهثون كالأنعام وراء الوظيفة !

ومن الأدلة والنتائج التي تؤكد التقليل والتحقير من قيمة الإنسان هو ما يسمي بالتقاعد علي المعاش ، وكأن الإنسان انتهي دوره ومهمته الجسدية الاستنزافية التي تفعلها الحكومات والشركات معه حتى صار هزيلاً ضعيفاً ، فتتركه وتذهب لغيره ! ،، هل سمعت عن نبي سابق أو نبي متقاعد علي المعاش !؟

إن صاحب الموهبة والرسالة يظل طوال حياته طالما أن فيه نبض إذاً ما زال يحمل الأمانة ، لا تتوقف رسالة الإنسان والأمانة التي يحملها إلا بموته ؛ لأنه يظل إلي آخر يوم في عمره يعمل في رسالته وثغرته وموهبته ، لأنها مرتبطة بكل لحظة من لحظات حياته علي الأرض ، لم نري باحثاً علمياً تقاعد وترك رسالته في البحث ، بل إننا نسمع انه مات قبل أن ينهي آخر أبحاثه ، لأن الأمانة والرسالة لا تنتهي وتظل ترافق الإنسان لأنها مرتبطة بفترة وجوده في الأرض .

لا كما نري تقليل من قيمة الإنسان والنظر إليه نظرة حيوانيه ، ولتك النظرة ينظرها الإنسان إلي نفسه وتنظرها الشركات والحكومات إلي البشر ، لذلك فالعالم منهار وسيصل إلي منطقة مسدودة ، وسيموت ملايين البشر جوعاً وظلماً لأنه القيمة الحقيقية لكل إنسان حي ( الإنسان لوحده بمفرده) عالية جداً لأنه له موهبة مستقلة وثغرة مستقلة ، والكثير منهم يموتون دون أن يحققوا رسالاتهم في الحياة .

لأن الأزمة العالمية ليست أزمة اقتصاد ولا موارد بل أزمة تربية وفهم ، فالإنسان علي مستوى العالم لم يفهم بعد سر وجوده وهدف خلقه وأسباب حياته !! ، رغم أنه لم يخُلق إنسان واحد من الـ 7 مليارات نسمة إلا وله رزقه وملابسه وطعامه وشرابه وقوته في الأرض محفوظ ومعلومة ومقدر ؛ لكنه يُفقد نفسه قيمتها وبالتالي يفقد كل المميزات الإنسانية التي حظي بها حينما خلقه الله إنساناً .

إنني حينما أنظر لأي إنسان كان ، من أي دولة أو لون أو لغة ، أعرف أنه يحمل قيمة عالية جداً وله ثغره كبيرة في الحياة ، لكنني أتأسف لأنه لم يدرب نفسه ليدرك تلك القيمة ! ، وإنما كانت وصارت التربية العالمية الإنسانية هشة هزيلة ميتة ، تحتقر قيمة الإنسان وتجعله شبيهاً بالأنعام أو البقر جاء ليدور علي ساقيه حتى يتمكن من الحصول علي الغذاء اللازم ليعيش ، حلقه مفرغه سيئة قتلت وشردت الملايين من البشر وصارت الأرض علي حافة الهلاك ، ولا يعلم خطورة ذلك إلا خالق البشر ، وما زال البشر في غفلة عما جاءوا لأجله !!

العالم في خطر كبير بسبب عدم فهم وإدراك قيمة الإنسان .. !
صارت قيمة الدول والحكومات في كل أنحاء العالم تنظر لمواردها ، لبترولها ، لمصادر الطاقة فيها ، للسياحة ، ولكل ما يجلب المال ، ونسوا أن تلك وسائل جاءت لغاية وتلك الغاية هي الإنسان ، فقدموها علي الإنسان وبالتالي صار حقل البترول للدولة أهم من الإنسان في تلك الدولة ، وكأن الإنسان جاء ليحرس البترول ، وكأن البترول أهم من الإنسان ، وكأن الفهم العالمي خربته النفوس والغرائز المؤقتة .

نسوا أن الأرض كلها مسخره ومهيأة للإنسان ، ولم يُسخر الإنسان لأي حيوان أو كائن وإنما سخرت الأرض بكل كائناتها للإنسان فقط ؛ لأنه الخليفة في الأرض ولديه أمانة يحملها وثغره عليه تحقيقها .

إنني اصرخ في وجه العالم كله ، أيها العالم الحزين ، أيها الكيان المستكين ، ستذوق مرار السنين ، ولن ينفعك اقتصاد متقلب في كل حين ، لن ينفعك بحق إلا الإنسان ، فهو خليفة الرحمن ، وقيمته وتكريمه حصن الأمان ، ليس فقط لبني الإنسان ، بل لجميع الكائنات في كل الأزمان … كم أشفق عليك أيها الإنسان !!

امين صبري

اقرأ أيضاً: كيف تنشط المواهب والقدرات بداخلك ؟

هل ساعدك هذا المقال ؟

Exit mobile version