الرئيسية » الذات » كيف تغير حياتك » الاكتئاب المزمن الحاد,اسباب التفكير بالانتحار,العلاج النفسي للانتحار

الاكتئاب المزمن الحاد,اسباب التفكير بالانتحار,العلاج النفسي للانتحار

بواسطة عبدالرحمن مجدي
2891 المشاهدات
الاكتئاب المزمن الحاد,اسباب التفكير بالانتحار,العلاج النفسي للانتحار

المحتويات

– انتحار دكتور ابراهيم

 
دكتور إبراهيم شاب عمره 27 عام .. يعمل في مستشفى دمنهور أمراض نفسية وعصبية ، والناس تشهد لـ ذكاؤه وعلمه وطيبته وحسن أخلاقه .. إبراهيم رمى نفسه من منزله .. بعد مروره بأزمة اكتئاب حادة ، لم يستطع مقاومتها والتغلب عليها بمفرده .. فقرر في لحظة ضعف أن ينهي حياته .. لتنتهي الآلام التي كان يشعر بها ..
 
عندما تأملت صفحة إبراهيم ، وجدت 3 أمور:
أولاً: يرى أن العيش في مصر جحيم ..
ثانياً: يتحدث كثيراً عن الانتحار وأنه مكتئب ويعاني ويتألم بشدة ..
ثالثاً: أنه دائم الحنين للحب وللزواج وبشعر أنه سيجد السلام والسعادة في الحب ،ولكنه لا يستطيع أن يحب! ..
ورغم أنه قليل التفاعل على تعليقات أصدقائه بالفرح أو الحزن أو الحب! ..
عبر عن حزنه من تعليق صاحبه ( أحنا فقرا يا هيصا )
على منشوره: ( طيب انا على وشك اخذ قرار الجواز دلوقتي حد حيلحقني )
 
في نهاية شهر 9 الماضي عام 2018 كنت جالس – مع بقايا روحي – أتصفح الانترنت فظهر أمامي خبر: ( 5 حالات انتحار بمترو الأنفاق منذ مارس الماضي ) .. دموعي تساقطت مني بسرعة وبكثرة .. وكلي جراح مفتوحة لم تلتئم بعد .. وأنا غارق في دمائي .. ( عدم انتحاري وخروجي حياً من هذه الحروب يعتبر إنتصاراً !! ) .. تذكرت الـ 6 مرات التي كنت أرغب أن ألقي بنفسي أمام المترو ، وتذكرت المرة التي كنت حرفياً مُغيباً تماماً من شدة الألم وعلى وشك فعل ذلك ، وانتظر دخول القطار لينتهي الألم ، ولكن الحمد لله شيئاً ما منعني واستطعت أن استجيب له …
 
– شعرت حقاً أنني انتصرت لأنني لم انتحر! ، فلتتخيل كم الألم الذي كان ينهش في قلبي ويغتصب روحي يومياً بل كل لحظة مع كل نفس أتنفسه! .. من شدة الألم كان عندي إلتهاب في الأعصاب شديد مزمن! .. لمدة أكثر من 4 شهور كنت أستيقظ من النوم أكثر من مرة من شدة الألم .. كان الألم يعتصرني عصراً لا يوصف ليل نهار .. 24 ساعة ألم لا يهدأ إلا لثواني أو دقائق قليلة ربما ..
 
من شدة الألم كنت أدعو الله بأن يُصيبني بالسرطان أو جلطة في المخ أو أتمنى أن أضرب رأسي طلقتين بأي رشاش وأنا كنت في الجيش في هذا الوقت ومر على خدمتي في الجيش حوالي 4 شهور بسلام قبل أن تنهار أعصابي تماماً لحدوث صدمة قوية كان سببها الخارجي ظلم الأهل والوطن! ، وسببها الداخلي “الأنا” الخاصة بي بكل تأكيد ..
 
وهذا ما حدث معي باختصار: انهيار عصبي ودخلت في موجة اكتئاب حاد
 
الإنهيار العصبي نتيجة صدمة .. فجأة شعرت بأن كل أعصابي سقطت من كل جسدي .. وأصبح جسدي مجرد لحم وعظم .. وأعصابي سقطت وتجمعت في كيس أسود كالقمامة وأصبحت أجرها من خلفي! .. أما جسدي فشعرت بأن عظمي سيسقط من لحمي! .. كأن لحمي أصبح لا ينتمي لعظامي كأعصابي! .. كل شئ بداخلي أنفصل عن كل شئ! .. كأن كل شئ بداخلي تقطع إلى أجزاء صغيرة وكل جزء بعيد عن الآخر يلفظ أنفاسه الأخيرة !
 
حينما كنت أمسك يدي اليمنى باليسرى أو أجعل أصابعي تتشابك ببعضهما لأشعر ببعض القوة أو المواساة .. كنت أشعر بأن أصابعي ستنفصل عن كف يدي وستسقط على الأرض! .. أما الأماكن التي تسكنها أعصابي كانت تؤلمني بشدة .. مجرد لمس الهواء لها يجعلني أتألم كأنني أحترق! .. الهواء الذي أتنفسه يخنقني! .. صداع شديد مستمر … بكاء كل يوم تقريباً .. ( والبكاء هو الذي كان يخفف قليلاً من شدة الألم أحياناً ، وأحياناً آخرى يزيده ويزيد من شدة الصداع!! ) ..
 
مع كل هذا الألم ، روحي تتمنى وتحلم كل يوم الموت ، ولكنها لا تجده للأسف! .. روحي لا أعرف حقاً ! ، هل كانت مصدر حياة لجسدي أم كانت مجرد عبء إضافي يخنقني ويزيد من ألم جسدي وقلبي ! .. روحي كأنها ماتت ودفنت ، ولكنها مضطرة أن تسحب هذا الجسد على الأرض! .. لا أعرف: هل كنت حي أم ميت !؟ .. الاستيقاظ بالنهار كان معاناة بالنسبة لي .. مجرد أن أفتح عيني لأجد أن هناك بداية يوم جديد كان يسبب لي الألم الشديد .. وكنت أشعر بالراحة فقط عندما أذهب للنوم بالليل متمنياً الخروج من هذه الحياة بهدوء وسلام كما دخلتها.
 
روحي تقطعت لأجزاء صغيرة ، وكل جزء يحتضر كزهرة أقتلعت من جذورها .. وتقطعت ألف قطعة وتم رميها في أماكن مختلفة .. أما الإيمان .. لم يعد لدي إيمان بأي شئ .. كفرت بكل شئ .. كفرت بنفسي والناس والبلد والحياة كلها .. رغم أنني مؤمن به ، ولكني كفرت به .. كالضائع في الصحراء الذي يموت من العطش ، فكفر بالماء لعدم وجوده بداخله ومن حوله .. رغم أنه يعلم ويؤمن بوجوده ولكنه بعيد تماماً عنه .. لا يعرف لأين يتجه ولا يعرف كم المسافة التي سيقطعها حتى يصل لهذا الماء !؟ .. فهو يشعر أن المسافة هي إلى الأبد حتى يموت ولن يجد الماء .. فقدت الرغبة تماماً بالعيش في هذا العالم … شعرت في هذه الشهور وكأنني في عمر 90 عاماً وربما أكثر .. شعرت بأنني عجوز تماماً .. شاخت روحي ، وشاخ قلبي وجسدي كذلك ! .. مجرد السير كان يؤلم أعصاب قدماي !! … يكفي هذا الوصف ، رغم أن الألم يفوق كل هذا الوصف !
 
ووسط كل هذا العذاب .. كنت في الجيش المصري! ، وما أدراك ؟!
 
– هذه بعض الكلمات التي خرجت مني في هذا الوقت لتعبر عن جزء مما كنت أعانيه:
 
الظلام يكفن روحي، أتمنى أن لا تنطفأ نقطة النور التي تحاول أحيائي !
 
أصبحت لا أشعر بشئ .. لا أحلم بشئ .. لا أقول شئ
أصبحت لا شئ ، رغم أنني كل شئ ‏‎ ‎‏!
 
“ماما” أكثر كلمة تخرج من روحي الهائمة وينطق بها لساني. أنادي في الفراغ عليها وأبكي ..
 
لا تندهش من إنهياري ، فأنا عشت عمرا مع حب لا يعرف سوى التحطيم والتقليل والكلام السيئ والاهانة والذل ، ولا يعرف شيئا عن الاحتواء والكلام الطيب والهدية .. لا اعرف كيف اتنفس الان ، فمن شدة ثقله على قلبي لا اريده .
 
لا تسألني عن شئ ، فأنا اسقط من السماء فاقد الاحساس بكل شئ ..
 
24 سنة أهلك ووطنك بيكسروا فيك وأنت بتحاول تكون إنسان سعيد وصالح ومؤمن .. ولما تتألم وتقولهم ليه !؟ .. يردوا عليك: أحنا بنحبك وعاوزين مصلحتك ! .. أقسم بالله تعبت .. أقسم بالله الهجرة هي الحل .
 
أردت أن أخبر أمي أني أشعر بالضعف والوحدة ، ولكنها كسرت قلبي فسجنت روحي وأمسكت بسكين حاد وغرسته في قلبي ..أردت معالجته !
 
*************************
 

– الاكتئاب المزمن الحاد

 
الاكتئاب سببه التعرض لصدمة عنيفة ، والصدمة تسببت في تحطيم القلب ودفن الروح تحت حطام القلب! ، والصدمة قد تحدث بسبب تعليق أو رد أو رأي شخص ما في الشخص المكتئب أو موقف ما صادم كتعرض لظلم نفسي أو جسدي قوي ، ولكن لابد أن تكون هنا رواسب ماضية فعندما سقطت كلمة هذا الشخص في قلب هذا الآخر جعلت قلبه ينفجر فيه الاكتئاب وانهارت كل قواه! … سميها التنمر أو السخرية أو الاغتصاب النفسي أو الروحي .. كما تشاء سمها ، ولكن في النهاية النتيجة واحدة صدمة ثم السقوط في مستنقع الاكتئاب المظلم .
 
الاكتئاب مرض يُصيب الدماغ والعقل والقلب !
كل شئ يصبح ضيق ومُشوش ومُظلم 23 ساعة يومياً !
الاكتئاب ليس حالة ترفيه أو تمرد من الإنسان ..
مرض الاكتئاب يجعل الإنسان يجره نفسه نحو الموت جراً ..
حتى وإن كان يرغب في الحياة ، يفقد أكثر من 80% من إرادته الحرة!
ويصبح الألم والاكتئاب هو الذي يتحكم فيه ويجره حيث يشاء …
 
وعلمياً يقولون: الاكتئاب يُصيب كيمياء المخ ويجعلها تختل !
 
المكتئب ليس شخص لا يريد أن يكون سعيداًَ ! .. بل هو شخص يحارب نفسه ودماغه كل يوم ليكون سعيد ؛ لأنه تعب من شدة الألم .. تعب من هذه الحياة المستمرة المؤلمة ، ولكنه لا يستطيع! .. لا يستطيع أن يجر نفسه نحو السعادة كما يفعل الاكتئاب معه! ، وحتى إن جر نفسه مرة نحو السعادة .. لحظات قليلة ثم يجره الاكتئاب نحو الألم .. التعاسة .. المعاناة
 
المكتئب يريد أن يزيح عنه هموم الجبال التي سقطت على قلبه وتكتم على أنفاسه. المكتئب هو شخص يحارب ويقاتل كل يوم ليصبح سعيد ، ولكن دماغه يُجبره ويجره جراً نحو التعاسة والألم ! .. أين العقل والقلب والروح !؟ .. تقريباً هم خارج نطاق الحياة ! .. عليهم غمامه سمكية جداً غير طبيعية .. ليست تلك الغمامة الهشة التي تظهر عندما تفعل شئ قبيح سئ وتضر وتظلم نفسك ؛ فتذهب إلى الله مباشرةً له أو تذهب بشكل غير مباشر له عن طريق فعل الخير لعباده وخلقه ، فتنزاح هذه الغمام ! .. وتسقط منها الأمطار على قلبك لتُحييه مرة آخرى .. لالا ليست هذه الغمامة … بل أن هذه الغمام التي تغطي قلبه وروحه ثقيلة جداً وكثيفة جداً …
 

– اسباب التفكير بالانتحار

 
أسباب الاكتئاب تختلف من فرد لآخر …
في كل الأحوال هي عملية إنفصال كاملة مخيفة ومرعبة ..
الإنسان ينفصل عن نفسه أولاً ..
يصبح كل شئ بداخل هذا الإنسان منفصل عن الآخر ..
والإنسان نفسه مُنفصل عن كل شئ من حوله ..
سواء ناس ، حيوانات ، نباتات ، جمادات ، اعتقادات جيدة …
كل شئ من حوله غريب عنه تماماً .. بشكل مخيف جداً ..
كأنه في كابوس مستمر يؤلم روحه ويغتصب قلبه بالألم ..
كابوس لا يستيقظ منه أبداً .. تصبح حياته اليومية كابوس مؤلم!
 
الانفصال ليس بالشئ البسيط أبداً ..
فبسبب الانفصال الطفل يصرخ عندما ينفصل عن رحم امه ..
ويستمر الإنفصال في حياة الإنسان وهو يستمر بالبكاء والصراخ ..
فيتشتت ويتشوش الإنسان كلما تعرض لإنفصال عن شخص أو شئ يحبه ..
 
الانسان عندما يقع في مستنقع الاكتئاب كل شيء بداخله ومن حوله يتغير ..
حتى الناس .. يسمعهم ولكنه لا يراهم! .. وحينما يراهم لا يسمعهم!
وأسوء شئ هو الترنح من أقصى السعادة لأقصى التعاسة !
ودائماً التعاسة هي بيته الأم والأساسي والدائم ..
 
أي كلما حاول وأخذ بيديه نحو القليل من السعادة ..
جاء فيروس الاكتئاب ليجره جراً نحو قاع التعاسة والظلام ..
 
الإنسان لا يستطيع أن يعيش بلا حب وأمل .. وبدون شخص أو شئ أو اعتقاد يمده بهذين الشعورين فالموت أرحم له .. حياته تصبح مستحيلة إذا كان يعيش مع أهله أو شريك حياة لا يمده بهذين الشعورين .. فعندها يصاب الإنسان بالإضطراب والقلق والخوف ويدخل في صراع مع نفسه .. صراع مميت .. ليست نهايته دائماً الانتحار الجسدي ، لكن دائماً تكون بدايته انتحار روحي ونفسي ، والجسد يصبح كقطعة قماش قديمة متهالكة تحاول أن تستمر وتعيش أكثر !
 
الأسرة أو البيت سواء تعيش مع الأهل أو شريك حياتك أو أصدقائك حتى ..
عندما يصبح البيت مصدر لفقر الطاقة .. التعاسة .. اليأس.. الكره ..
يصبح كأنه جهنم وبئس المصير ، مهما كان فيه من مال كثير أو قليل!
 
عليك أن تعي جيداً أن في الحياة هناك شئ طبيعي ..
وهناك شئ دخيل علي الطبيعي لتتوازن الحياة ..
مثل الصحة والمرض ، فالصحة أصل وحقيقة وطبيعة الإنسان ..
بينما المرض هو فيروس خارجي ، ليس أمر طبيعي بالمرة ..
وبالتالي لا يصح أن نحكم على الحياة وعلى أنفسنا من خلال المرض! ..
لو فعلنا ذلك إذاً حينما نمرض نحكم على أنفسنا بالتعاسة ..
أو نحكم على الحياة بالقبح والظلم والظلام ..
 
المرض شئ دخيل يمكنك أن تتعالج منه ، ويمكن أن يصبح هو جنتك وبابك نحو الحياة الطبيعية التي يجهلها ولا يستطيع أن يصل إليها الكثيرون ممن هم لا يعانون من نفس مرضك إذا فهمت هذا القانون: عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. ( انصحك بقراءة هذا المقال أولاً لفهم عمق معناها وهو ليس كلام أنشائي بل هي تجارب أناس حقيقيون وكلام واقعي جداً ، اقرأ: عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم – عمق معناها )
 
أذاً عليك أن تدرك جيداً هذا:
ليس من الطبيعي أبداً أن يصبح البيت مصدر للألم ..
والقلق .. والكراهية … والتعاسة .. والظلام .. واليأس ..
ليس من الطبيعي أن تشعر أن البيت الذي تعيش فيه ..
يأكل قطعة من روحك كل يوم .. يخنق الحياة بداخل قلبك ..
يمنحك المزيد من الألم واليأس والخيبة .. دائماً!
 
إذا لم يكن المكان الذي تعيش فيه الآن ..
يمسك بيديك ويرفعك حينما تسقط ..
ويطمئن قلبك حينما تخاف ..
ويحتضن عيوبك وأخطائك ..
ويجلب لك السعادة ، ويبعد عنك الحزن ..
فأعلم أنك في خطر ، فاحذر !.
 
يجب أن تدرك ذلك أولاً ، ولا تعتبر أنك ستعيش فيه للأبد ..
ويجب أن تعالج داخلك جيداً ..
لأن مكان كهذا بكل تأكيد اغتصب الحياة بداخل قلبك ..
ثم تبدأ في بناء نفسك داخلياً وخارجياً .. للإستعداد لترك هذا المكان ..
والذهاب لمكان أنت تريده وتحلم به .. مكان أنت تستحقه ..
مكان تجد فيه سعادتك وراحتك وآمانك وحريتك وحبك وحياتك .
 

– العلاج النفسي للانتحار

 
الصلاة ثم الصلاة ثم الصلاة …
الصلاة ليست هنا الحركات الميكانيكية ..
الصلاة أهم شئ في حياة الإنسان منذ كونه نطفة بداخل رحم أمه ..
الصلاة أقوى مصدر يجعل الطاقة تنفجر في كيان الإنسان ..
الصلاة هي أول وأهم خطوة في علاقة الإنسان بربه ..
وفي علاقته بنفسه وبالحياة كلها بداخله ومن حوله !
 
الصلاة اتصال ، وعندما يتصل الإنسان داخله مع بعضه الآخر ..
يتحقق السلام داخله وتسكنه الطمأنينة وتملأه الحرية ..
فلا حرية ولا سلام مع قتال وخوف ودماء ..
 
لذلك عندما ينفصل داخله يحدث صراع غريب ..
حتى وإن كان غير ظاهر مادياً .. لن يشعر بالسلام أبداً !
بل بالاضطرابات والخوف الدائم ، وكأنه وطن يعيش حرب أهلية …
فكيف سيعيش هذا الإنسان إن كانت هذه الحرب الملعونة ليست بداخله فقط بل مع كل شئ من حوله أيضاً ..
 
الاكتئاب ليس علاجه شئ واحد فقط ..
بل هو يحتاج لكل شئ معاً ..
لكل شئ يمنح هذا الإنسان الحب ..
السعادة .. الراحة .. الآمان .. السلام ..
والجرعات مستمرة ولا تتوقف أبدأ أبداً ..
حتى بعد أن يهزمه الاكتئاب ويرمي به لقاعه المظلم ..
يحاول هو بنفسه وبمن حوله ليخرج من هذا القاع ..
 
لذلك علاج واحد أو جرعه واحدة لا تكفي ..
أنت تعالج كيمياء مخ إنسان .. أي الأمر يحتاج للاستمرارية ..
حتى تعود هذه الكيمياء إلى عملها الطبيعي ..
أو حتى تزداد الجرعة لتصبح كيمياء المخ هي البهجة ..
فما أن ينتهي من شئ حتى يجب أن يدخل الآخر ..
ليرمم منطقة أخرى .. الاكتئاب الحاد المستمر ..
يدمر كل بقاع الجسد .. وكل بقاع الروح ..
وبالتالي كل شئ يحتاج لترميم ..
ولا أحبذ البرشام أبداً أبداً !
 
أنقذني من هذه الحالة الكثير من الأشياء ، هذه بعضها …
أصبحت أولاً: ثرثار كلما وجدت شخص التمست فيه قليلاً من الحب .. حكيت له عن كل ما بداخلي … ربما وصل الامر أنني فضفضت مع أكثر من 10 أشخاص عن حاجات شديدة الخصوصية بالنسبة لي … وبكل تأكيد فضفضت كثيراً مع الله .. ولا استطيع أن أقول ان هذا الأمر فقط عالجني بل كان مجرد عامل من عوامل كثيرة آخرى … فالأمر أصعب مما تتخيل ..
 
بدأت في قراءة كتاب: دع القلق وابدأ الحياة ..
فادني .. رغم أنه جعلني أبكي كثيراً ؛ لأنه يعالجني من أشياء لم تكن لدي ..
ويريد أن يصلني إلى منطقة بالفعل كنت فيها وربما أعلى منها !
وكنت أحياناً اقرأ نصيحة أعرف أنها مفيدة لي وتذكرني أنني كنت كذلك ..
ثم بعد يومين أو ثلاثة الاكتئاب يجرني نحو الألم ..
وأحاول جاهداً اتباع هذه النصيحة ولكن لا أستطيع!
الاكتئاب يهزمني ويسقطني على وجهي في مستنقعه القذر المؤلم ..
 
كنت أحاول أن أتذكر ذكريات طفولتي السعيدة أو ذكرياتي السعيدة في الجامعة أو قبل ذلك … رغم صعوبة ذلك ؛ لأن دماغي كان يسودها السواد والألم .. رغم ذلك كنت أحاول أن اتذكر هذه الذكريات السعيدة ، وكنت أحاول مساعدة أي إنسان كلما امتلكت الطاقة أو حتى لم امتلكها أحاول أن أجر نفسي وأسحبها فوراً حينما أشعر أنه يحتاج لمساعدتي أو حينما يطلبها هو …
 
كنت في صراع مستمر مع نفسي .. مع ربي …
الحمد لله منحنى القدرة حتى أتحمل نفسي …
واحتضنني ربي رغم كل ما قلته لنفسي وله …
 
كنت أحاول تذكير نفسي كم كنت سعيد قبل هذه الحادثة ؟ وكم كنت محب للحياة وللناس !؟ .. ولكن رغم أن ذلك كان ينجح معي أحياناً ، إلا أنه كان أحياناً أخرى يؤلمني أكثر .. حينما أتذكر كيف كنت مُشرق والآن لست أعيش في حالة غروب بل حالة احتضار مؤلمة مستمرة مظلمة!
 
بدأت زيادة الثقة في الله .. وفي نفسي .. وفي الحياة ..
أنني سأخرج من هذه الحالة ..
 
نتيجة تمسكي بنقطة النور التي كانت تدعوني للحياة ، ومع الاصرار والمثابرة أنني حتماً سأصل وسأجد الماء الذي يروي روحي وقلبي مرة آخرى .. وبعد حرب لمدة 3 أشهر كاملين 9 و 10 و 11 الحالي وأنا أجر نفسي ، وحتى قبل ذلك كنت أحاول منذ سقوطي في هذا المستنقع ، ولكن في شهر 9 كانت إرادتي قوية بعض الشئ أمام فيروس الاكتئاب المدمر .. وحالياً في شهر 11 لا أستطيع أن أقول أنني شفيت بنسبة 100% بل أنا على الأكثر 70 أو 80% شفيت .. وهناك الكثير من الأشياء التي احتاج لزراعتها في أرض قلبي بعدما قتل كل ما فيها الاكتئاب وجعلها ميت .. أرض بور! ..
 

– كيف اخرج شخص من الاكتئاب

 
نعم أنتم كأهل .. أصدقاء .. أحباب .. جيران .. غرباء !
لكم تأثير كبير جداً جداً في إنقاذ حياة إنسان أو تركه يغرق ..
فما بالك بإسعاد إنسان أو مساعدته لينجح أو لتشرق شمسه ! ..
 
المكتئب أكثر ما يحتاجه حقاً هي الصلاة ! ، ولكن دعني أوضح الأمر مرة آخرى بشكل أكثر ؛ لأنني أعلم كل ما سيتبادر إلى ذهنكم الآن هي الصلاة الحركية في دور العبادة .. ومذاهبكم الدينية والبيئة الاجتماعية التي تعيشون فيها …
 
لذلك سأقولها بوضوح أكثر ..
المكتئب أكثر ما يحتاجه حقاً هي الصلاة أي الحب !
حتى تلتئم التصدعات التي أصابته ..
حتى يتصل مره آخرى كيانه ببعضه الآخر ..
حتى يلتحم بالحياة ، كطفل صغير مرة آخرى ..
 
فالحب صلاة ، وكل شئ يخرج من رحم الحب صلاة !
بل إن أعظم وأفضل صلاة تخرج من رحم الحب ..
وكل شئ خارج رحم الحب ليس بصلاة ..
ولكن نستطيع أن نسميه مجرد عمل ..
 
لذلك أولاً أمنحوا علاقتكم به المزيد والمزيد من الحب ..
دعو كل كلمة .. وكل همسة .. وكل فعل يكون نابع من قلوبكم ..
كل شئ تفعلوه تجاهه مفعم بالحب .. وساعدوه ليستعيد علاقته بنفسه ..
علاقة تكون مبنية على حب نفسه .. وحب ربه .. وحب الحياة ..
فالتذهب كل القوانين وكل المذاهب الفكرية والدينية للجحيم ..
اجعلوه يبدأ من الحب ، وسيصل إلي أفضل وأجمل القوانين ..
يكفي أن يكون مذهبه كلمة واحدة سهلة سلسلة جميلة: الحب
ويبعد عنه كل تعقيدات مذاهب البشر الدينية ..
 
– فليبدأ من الحب الصافي المطلق ، وحتماً سيصل لله ..
وإذا وصل لله ؛ فلا خوف عليه ولا حزن سيهزمه ..
بل استعدوا لطاقة الحياة التي سيغمركم بها ..
 
عندما تتعامل مع المكتئب أو أي أحد آخر ..
فهي من أساسيات الحياة لأي عاقل، أعلم أن:
– قلبه مختلف عن قلبك ..
– عقله مختلف عن عقلك ..
– أحلامه تختلف عن أحلامك ..
– ظروفه تختلف عن ظروفك ..
– اعتقاداته تختلف عن اعتقاداتك ..
– تفاصيله تختلف تماماً عن تفاصيلك ..
********************************
 
أهتموا جيداً بأنفسهم وقلوبكم .. غذوها جيداً ..
بالحب والرياضة والقراءة والعلم .. الذي يمنحكم المزيد من النور ..
ثم اهتموا بالناس من حولكم .. لا تقل سوى كل ما هو جميل عنهم ..
إذا رأيت عيباً في إنسان لا تعايره به بل ذكره بمظاهر جماله ..
وإذا استطعت أن تستر عورة إنسان فلتفعل حتى وإن كان عدواً ..
وإذا لم تفهم إنسان ، فإما أن تقل له خيراً أو فلتصمت ..
 
فالأمر لا يتوقف عن المنتحرين الذيم دخلوا تحت التراب ..
فهنا ملايين الملايين المنتحرين الذين هم فوق التراب !
الذين يحاولون كل يوم قتل الحياة بداخل أنفسهم وبداخل من حولهم ..
لا تكون واحداً منهم ، ولا تكون السبب في زيادة عددهم ..
 
أهتم بالناس من حولك .. أنصت لكل شكوى أو ألم نفسي يشعرون به ..
اسمعوا بعض أكثر .. تكلموا مع بعض أكثر .. فضفضوا أكثر ..
 
وحينما يلجأ لك إنسان ليحدثك عن مشكلته أو معاناته ..
أنصت له ، بل أخشع لكل كلمة يخرجها من داخل أعماقه ..
أهتم به .. أمنحه حبك .. شاركه حزنه .. أحمل عنه القليل منه ..
قف بجانبه ولو بحديث فقط .. الله وحده يعلم البديل الذي سيلجأ له بعدك !؟
 
إذا لم تستطيع مساعدته بالحديث ، أو شعرت بشرارة نفور منه تجاهك ..
توقف عن الكلام فوراً.. أصمت ،بل أخرس هذا الأحمق بداخلك “الأنا خاصتك”
وأحضنه فوراً .. وقل له أنك تحبه .. أمنحه الكثير والكثير والكثير من الحب …
حاول أن تسعده .. وفقط كن بجانبه بحبك ..
فحبك أغلي وأقيم وأهم من نصيحتك واعتقاداتك الدينية ..
 
كفاية انفصال! .. اقترب أكثر من أحبابك .. أصحابك ..
لا تتوقف عن الاهتمام بهم والسؤال عليهم من وقت لآخر ..
خليك بجانبهم .. شجعهم .. أدعمهم في الحاجات المحببة لقلوبهم ..
 
كلمة بحبك أو حضن أو ضحكة ممكن تنقذ إنسان من جحيم الاكتئاب ..
وأكيد ستبعده عن فكرة أن الموت راحة وأنه هو الحل الوحيد لمعاناته!
 
.
.
هل ساعدك هذا المقال ؟ .. إذن شاركه فوراً !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !