الرئيسية » قوانين حياة من القرآن » الدعاء على العدو

الدعاء على العدو

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1244 المشاهدات
الدعاء على العدو
الدعاء علي الغير أكبر حماقة قد ترتكبها في رحلة حياتك ؛ لأن هذا الدعاء سيضرك أنت أولاً وأخيراً ، بنفس مقدار السوء الذي تمنيته للآخر سوف يحدث لك أو ربما بنسبة أكثر ..
 
دعنى أخبرك عن حدث واقعي وحقيقي 100% حدث أمام عيني وعينك ، الدعاء المشهور الذي كان يتغني به أكثر رجال الدين المسلمين العرب في الدول التي تعاني اليوم من خراب وحروب دينية وسياسية وفقر في كل شيء مادي ومعنوى ..
 
” اللهم عليك باليهود والنصارى والشيعة والعلمانيين والملحدين والكفره ، اللهم دمر أعداء الدين من اليهود والنصارى والأمريكان ( الأمريكان مسلمين ومسيحين ويهود وهندوس و… ) ، اللهم شتت شملهم وزلزل أقدامهم وألقي الرعب في قلوبهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك ، اللهم يتم أطفالهم ورمل نساؤهم ، اللهم أحصهم عددا وأقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا ، اللهم أنشر بينهم الأمراض ، اللهم جمد الدم في عروقهم ، نسألك اللهم هزيمة الشرك والمشركين “.. وخلفه القطيع العريض يقولون آمين آمين ثم أقم الصلاة .. أي صلاة تصلونها وأي إله تعبدون !؟ لا أعلم ! ..
 
ماذا ستستفيدون من تعذيبهم وتدميرهم !؟ بل الأكثر ما ذنب الأطفال والنساء حتي ندعوا عليهم بهذا الشكل الهجمي الغير إنساني !؟ ، وبعدها نرجع لنلوم الغرب علي نظرتهم الدونية للإسلام وبالأخص المسلمين العرب إذا كانت هذه نظرتنا لهم !! .. لو قدر الله لي أن أتولد في الغرب وأحمل ديانة غير الإسلام لكنت أبغض العرب المسلمين ولا أرغب حتى في أن أجلس بجوارهم .. كيف أجلس بجوار إنسان يكرهني بهذا القدر .. كيف أجلس بجوار إنسان يدعي الألوهية لنفسه ولطائفته وأفكاره ويريدني أما أن أخضع له أو أن أموت .. فأنا في نظره لا أستحق هذه الحياة إن لم أخضع له وخالفته ! .. كيف أجلس بجوار إنسان يحمل كل هذا المقدار من الكراهية والغباء !
 
ذلك الدعاء تحقق بشكل دقيق في تلك البلاد مثل: العراق وسوريا وليبيا ومصر و… ، نعم تم تشتيت شملهم فهم فرق متصارعة بشكل جنوني غير آدمي وغير إنساني ، تم زلزلة الأرض من تحت أقدامهم وقلوبهم اليوم تعاني من الرعب والهلع والخوف ، نعم تم ترميل نساؤهم وأطفالهم أصبحوا أيتام ، نعم تم قتل الآلاف منهم وما زال العدد في إزدياد ، أما الأمراض فهم يحتلون مركز متقدم جداً في الأمراض النفسية والجسدية .. الدعاء تحقق عليهم بشكل دقيق ومفصل .. ما هذ الإعجاز !؟ .. نعم هي معجزة زلزلت أركان مجتمعهم المقدس الذي يدعى الأولوهية .
 
– من قاموا بذكرهم .. اليهود والنصارى والشيعة والعلمانيين والملحدين والكفره ليسوا أعداء الدين ، وليسوا أعداء الله بل هم عباد لله وقد يكونون أفضل إيماناً بالله منهم ، وقد يكون بينهم إنسان واحد فقط الله يحبه أكثر منك أنت وكل طائفتك ، إذاً هم أعداء لمن ؟ هم أعداء لفهمك أنت للدين .. أعداء لفهمك أنت لله .. أعداء لفهمك أنت للحياة فهناك الكثيرين من المسلمين الذي لا يدعون عليهم بالسوء مثل المسلمين في تركيا وماليزيا والامارات وغيرهم ، وفي الحقيقة هم ليسوا أعداء لك هم فقط مختلفون عنك وهكذا خلق الله الكون ، ولكنك جعلت منهم أعداء تريد أن تحاربهم وتدمرهم بحماقة عالية وهذا ما حدث معك لا معهم ! ، ولكنك تعترض علي الله وعلي طريقة تسيره للكون فتريد أن تحارب أهم قوانين الكون وهو التناغم والسلام رغم الإختلاف والتنوع .
 
ثم ماذا عن الملايين من الدولارات والمساعدات في الكوارث الطبيعية والمجاعات التي يكون ضحاياها مسلمون وأول من يهرع لنجدتهم ومساعدهم هم غير المسلمين ، والبعثات الدراسية والتكنولوجيا والعلم التي يتفضولون بها علينا ، الغرب الآن هو من يصنعون الحياة علي الأرض وهم الصالحون المصلحون أما المسلمون فيقومون بدمير الحياة علي الأرض ، وإله الكون قالها صريحة في قرآنك الذي لا تعلم عنه شيء ، قال تعالي ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) [ هود : 117 ] ، نعم إهلاك الدول الغربية والآسياوية والكافرة بهرائك وخرافاتك أنت ورجال دينك ظلم لأن أهلها مصلحون ، أما أنت يا من تدعى القداسة لك ولطائفتك ، أؤمن أن هلاك قريتك قمة العدل لأن أهلك من أكثر المفسدون في الأرض ، وعلي الرغم من أنهم أكثر المفسدون فهم يدعون أنهم الأقدس علي الأرض .. مجرد هراء .
 
لو كنا وجهنا هذه الطاقة العظيمة في اتجاه العلم والتنمية وإصلاح حياتنا والأرض لكان حالنا أفضل بكثيراً بدلاً من توجيهها نحو كراهية الآخرين ومحاربة سنن الله في الكون ، إن من يعيشون في الأوهام والخرافات ثم يدعون الله أن يهلك كل الكافرين بأوهامهم وخرافاتهم وهذا حتى لم يفعله أنبياء الله والصالحون من عباد الله في جميع العصور في كل إنحاء العالم ، لأن ذلك الفعل لا يوافق سنن الله في الكون ومحاولة صدام قوى وعنيف مع الكون .
 
لذلك فلنعمل بصمت للوصول لمستوى البشرية والإنسانية أولاً وبعد ذلك نبدأ نتكلم عن أفكارنا الدينية الجميلة التي أدت بنا إلي ذلك المستوى الراقى ، أما أن نتكلم عن الدين ونحن في مستوى أقل بكثير من الإنسانية فبكل تأكيد لا يوجد إلا الحمقى والجهلاء والضعفاء الذين تستعبدهم بقوتك هم فقط من سيستمعون إليك .
 
أولئك الذين علموك الدعاء علي غيرك بالسوء بحماقة ، آخبروك أيضاً أن هناك حديث الأخشبين ( الجبلين ) ، حينما آذو النبي محمد لأنه جاء بفكر مختلف عن أفكار آباءهم وأسيادهم فجاءه الملك وقال له لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين ، فقال: ( لا لعل الله يظهر من أصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك له ) ، وقد دعا لهم بالهداية ..
 
والله في القرآن قال في آيات كثيرة لنبيه محمد ليوجهه ويبعده عن هذا الطريق الأحمق ، وأن الحكم في الدنيا والآخرة لله وحده لا شريك له ..
 
– قال تعالى : ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد : 40 ]
– قال تعالى: ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) [ الشعراء : 3 ]
– قال تعالى: ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [ البقرة : 272 ]
– قال تعالي: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) [ القصص : 56 ]
– قال تعالى: ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر ) [ الغاشية : 21 ، 22 ]
– قال تعالى: ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ) [ هود : 118 ]
– قال تعالي: ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) [ يونس : 99 ]
 
اللهم العن فلانا وفلانا لأنهم أعدائى أو أعداء الدين أو أعدائك ! .. هذا الدعاء معارضة صريحة لسنة الله في الكون .. أفهم أولاً وأستوعب لماذا أنت تحارب فلان ؟ هل لدينه أم لفكره المخالف لك ؟ هل تحاربه لأن دينه الذي ورثه عن آباءه مختلف عن الدين الذي ورثته عن آباءك !؟ هل تحاربه لأنه أستخدم حرية الاختيار التي منحها الله له واختار أن يغير دين آباءه حتى ولو كان يريد أن يصير ملحداً بكل الأديان علي الأرض !؟ هل تريد أن تنتزع منه حقه الذي منحه الله له ؟! أتريده أن يصير عبداً لك !؟ .. أعتقد أن الإجابة في آخر سؤال: هل تريد أن يصير عبداً لك !
 
إذاً هو ليس عدوك .. أنت فقط تريد إستعباده كما تم إستعبادك ولكنك فشلت في ذلك .. فشلت في جعله عبداً لك كما فعل معك مجتمعك ، ليست هناك حرب بينك وبينه ولكنها حرب بينك وبين نفسك .. بينك وبين الكون .. بينك وبين الله خالق الكون ! ، فإحذر فهي حرب خاسرة وأنت أكبر خاسر فيها .
.
– في النهاية أحب أختم مقالي بهذه الآية الرائعة: ( أما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم ، وباركوا لاعنيكم ، وأحسنوا معاملة الذين يبغضونكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم .. ) انجيل متى الاصحاح الخامس والعدد 44
.
 
عبدالرحمن مجدي
 
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !