الرئيسية » قوانين حياة من القرآن » بحث عن الالحاد في الاسلام

بحث عن الالحاد في الاسلام

بواسطة عبدالرحمن مجدي
958 المشاهدات
الحمد لله على نعمة الاسلام - نعمة الإسلام لا تكفي !
نحو إلحاد أكثر ذكاء..
 
وسط ملايين الافتراضات التي يتجادل الناس حول صحتها ليلا ونهارا.. تبرز حقيقتان واضحتان كالشمس.. ولا يمكن لأي بشر ولا حتى حيوان حتى أن ينكرهما.. ألا وهما الولادة والموت.. الخلق والفناء.. حول هاتين الحقيقتين الراسختين التي تؤمن بهما حتى كلاب الطرق وصراصير الحقول، طرح الجنس البشري ثلاثة أسئلة وجودية كبيرة..
 
السؤال الأول كان، كيف بدأ الخلق؟ من بدأ متوالية التكاثر هذه التي نراها اليوم؟ كيف بدأ كل شيء؟ السؤال الثاني.. ماذا يحدث بعد الموت؟ كيف سينتهي هذا كله؟ أم أنه سيبقى بلا نهاية؟ والسؤال الثالث كان لماذا؟ ما هي الحكمة من هذا كله؟ وما هو الدور المطلوب منا كبشر أن نلعبه؟
 
طبعا من البديهي القول أنّه من المستحيل على الإنسان أن يأتي بإجابة شافية لهذه الأسئلة والسبب بكل بساطة أنها حدثت خارج مجاله الزمني.. أي أننا لم نشهد بداية الكون لنعرف من أنشأه.. ولم يعد أحد من الموت ليروي فيما إذا كان هنالك حياة بعد الموت أم لا.. لكن وبرغم ذلك كان هنالك عدة تخمينات.. فاليونانيون مثلا آمنوا بآلهة متعددة تتحكم في الظواهر الطبيعية كالرعد والمطر وغيره.. أما المصريون فربطوا الدين بالفلك.. وهنالك من عبد الشمس وهنالك من عبد الحيوان.. وهنالك من آمن فعلا أن هذا الكون محمول على ظهر فيل أو قرن ثور..
 
بالنسبة لنا في منطقتنا العربية.. ففي يوم من أيام سنة 611 ميلادي خرج على الناس رجل من قبيلة قريش اسمه محمد بن عبد الله، يدعي أنه يملك إجابات مقنعة للأسئلة الثلاثة.. فقال أنّ من خلق الكون كله هو إله يتصف بصفات الكمال.. وبدأ خلق البشر من نفس واحدة وخلق منها زوجها.. وأن مصير كل الناس بعد موتهم إلى يوم يبعث فيه الجميع ليحاسب كل شخص على أعماله.. وأن الحكمة أو الدور الإنساني المطلوب هو العمل الصالح.. أي باختصار كانت إجاباته.. خلق فموت ويوم آخر يحكم مصير الإنسان فيه عمله السابق في الدنيا..
 
طبعا محمد بن عبد الله لم يقل أن هذا النموذج التفسيري للعالم آت من بنات أفكاره.. بل قال بكل بساطة أنه مرسل من خالق هذا الكون نفسه.. وأن الوسيط بينهما هو كائن نوراني اسمه جبريل يعمل عند هذا الإله وينقل لمحمد جمل عربية محكمة الصياغة قال عنها محمد أنها آيات من القرآن الكريم الذي يمثل كلام الله.. ومع أن أحدا لم يشاهد جبريل هذا.. لكن بدأ عدد من الناس بتبني الإجابات التي طرحها محمد.. وبدت مقنعة جدا لهم..
 
هذا النموذج التفسيري للعالم كما طرحه محمد.. والذي عرف لاحقا باسم الإسلام.. كان الشيء الوحيد الذي دارت دعوة محمد حوله لمدة ثلاثة عشر عاما.. ثلاثة عشر عاما لم يقل فيها محمد لأي شخص شيئا عدا ذلك.. لم يكن هنالك أي شعيرة من شعائر الإسلام التي نعرفها اليوم.. لا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج ولا مواريث ولا أي شيء آخر.. كل ما كان يطلبه محمد من الناس أن يؤمنوا فقط بالتفسير الذي جاء به.. خلق وبعث وعمل صالح.. حتى أن كل آيات القرآن التي نزلت في تلك الفترة كانت تناقش الأمر نفسه.. وتبتدئ على الغالب بجملة يا أيها الناس..
 
الحاصل أنه في مقابل الناس الذين آمنوا بإجابات محمد.. هنالك ناس رفضوها.. لم يقتنعوا بما قال.. أو ببعض ما قال.. فالبعض مثلا اتفق مع محمد أن هذا الإله الذي تقول عنه هو من خلق الأرض والإنسان فعلا.. (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) لكنهم رفضوا فكرة البعث.. وسخروا من فكرة الحياة بعد الموت (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين).. لكنهم في كل الأحوال لم يناقشوا أي شيء آخر مع محمد.. رفضوا أطروحته الأساسية وحسب..
 
بعد فترة من إيمان عدد معين من الناس بأطروحة محمد عن الخلق والبعث والعمل الصالح.. وجدت قريش أن هؤلاء الناس تكاثروا وأن محمد بدأ يشكل تهديدا حقيقيا عليهم فقرروا قتله.. فما كان منه إلا أن أخذ أصحابه وهاجر من مكة إلى المدينة.. لتبدأ المرحلة التفصيلية في الإسلام.. أو في الأطروحة لنقل..
 
في المدينة.. بدأ محمد يفصل ويوضح لأصحابه (المؤمنون به هنا) الجزء الثالث من أطروحته.. العمل الصالح.. فجاءت آيات القرآن كلها تفصيلية ودقيقة لأمور حياتية يعيشونها بشكل يومي .. وبدأت معظم تلك الآيات بجملة يا أيها الذين آمنوا.. فتكلم القرآن عن المال وأحكامه.. حرّم الربا وأكل مال اليتيم والسرقة وحث على الزكاة والصدقة وغيرها.. ثم تحدث عن علاقة النساء بالرجال ففصل الزواج والطلاق والحشمة وغض البصر الخ.. ثم تحدث بتفصيل أيضا عن الأخلاق الواجب التحلي بها.. فنهى عن الحسد والغيرة والنميمة والغيبة والتجسس وفاحش القول وأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى.. وطبعا وضع قوانين تتعلق بالعقوبات مثل القتل والجروح والزنا، كما سنّ المواريث وحرم الخمر والخنزير وفرض الشعائر الفردية مثل الصلاة والصوم والحج..
 
باختصار.. كانت المرحلة المدنية هي مرحلة تفصيل وتوضيح لفكرة العمل الصالح التي كان الصحابة الأوائل يجتهدون فيها.. ويحكمهم فيها وازعهم الداخلي القوي بدون نصوص محددة.. واستمرت تلك التوضيحات مدعمة بالآيات حتى توفي محمد بن عبد الله وبموته يمكن القول أن مشروعه كان قد اكتمل..
 
في ضوء ما سبق يمكننا الآن استيعاب عدة أمور.. أولها أن الإسلام لا يقوم على المظاهر التي يبدو أنها ركائزه الأساسية كالصلاة واللحية والحجاب وغيره.. هذه أمور مهمة فعلا.. لكنها مجرد تفاصيل لفكرة العمل الصالح.. الإسلام بشكل أساسي – وكما يجب أن يدرس للأطفال – ويرسخ في العقول ويشرح للناس، هو أنموذج تفسيري للعالم.. واقتنع به المسلمون -عقليا- عبر كلام نبيهم محمد.. فيكون السؤال.. هل هنالك أي دليل ملموس على صدق تلك الإجابات التي جاء بها محمد؟ الإجابة وبكل بساطة.. لا.. ليس هنالك أي دليل ملموس أو أنابيب اختبار تدل على صدق تلك الإجابات، لأنه كما سبق وقلنا أن تلك الأمور من بداية الخلق ونهاية الحياة هي أمور خارج نطاق الإنسان الزمني.. إنما هو إيمان عقلي.. إيمان بغيبيات.. وهو الوصف الأول للمسلمين في القرآن.. “يؤمنون بالغيب”..
 
ولأنه إيمان غيبي فمن غير المعقول أن يأتي شخص ليحطّ من قيمة العقل في الإسلام.. لأن العقل كان هو الأداة الرئيسية التي خوطب الناس عبرها في بداية الأمر.. ويخاطبون بها إلى الآن.. ولأنه إيمان غيبي أيضا.. فليس من المنطق في شيء أن يتم إجبار الناس عليه.. أو أن تقطع رؤوسهم في حال رفضوه.. من شاء أن يقتنع بهذا النموذج فليقتنع.. ومن لم يقنعه.. فهو وما أراد..
 
الأمر الثاني الذي يمكن استنتاجه من هذا الطرح، أن مقولة تعارض الدين مع الإنسانية هي مقولة باطلة ومضحكة.. لأن أحد ركائز الإسلام الثلاث وعقد المسلم مع الله لدخول الجنة هو العمل الصالح.. أي حسن التعامل مع البشر والحيوانات أو ما يعرف اليوم بالإنسانية.. وهذا بالضبط ما فهمه صحابة محمد في بداية الإسلام، وقبل حتى أن يفرض عليهم أي شيء.. بل إن عددا منهم ماتوا في تلك الفترة وشهد لهم محمد بالجنة بدون أن يصلوا ركعة واحدة أو يصوموا نهارا.. كزوجته خديجة وآل ياسر وغيرهم.. فبماذا وجبت لهم الجنة إلا بالإيمان العميق وحسن الخلق؟ ومن الجيد الكلام هنا، أن الفاتحة وهي السورة الأساسية التي لا تقوم الصلاة إلا بها.. لم تكن قد نزلت بعد.. ونزلت بعد الهجرة فقط..
 
أما الأمر الثالث والأهم.. فهو أنني -وبكل أمانة- أطلب من الملحدين أن يكون لديهم نوع من الذكاء يساوي على الأقل ذكاء كفار قريش.. فمن السخيف جدا أن تأتي لتقول إنني أرفض الإسلام لأن الرسول تزوج عشر نساء أو لأن الإسلام يفرض الحجاب أو يقطع يد السارق..
 
ذاك أن الإسلام يا عزيزي الملحد -للمرة العاشرة- هو نموذج تفسيري لحقائق الكون التي لا جدال عليها.. فإن كان لديك نموذج تفسيري آخر مقنع ويفسر الموت والحياة وما بينهما، قله وسأكون أنا كاتب هذه الكلمات أول من يتبعك.. أما إن كنت غير مؤمن بما يؤمن به الناس.. وفي نفس الوقت لا بديل لديك.. فما الداعي حقيقة لتصديع رؤوسهم واستفزاز مشاعرهم ليلا ونهارا؟ ما الداعي لنقد تفاصيل التفاصيل من دينهم الذي من المفترض أنه لا يعنيك؟ ألا يمكنك أن تكون بمستوى كفار قريش الذين رفضوا أصل الأطروحة من الأصل.. وأقاموا على متعتهم وحياتهم في اتساق كامل مع ما يؤمنون به؟؟
 
يمعنى آخر.. إذا لم تقنعك آيات “يا أيها الناس” فلا تجادل في آيات “يا أيها الذين آمنوا”… هذه لم تكتب لك ولا تعنيك..
 
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !