الرئيسية » الذات » تطوير الذات » خاطرة عن الامل بقلمي

خاطرة عن الامل بقلمي

بواسطة عبدالرحمن مجدي
9121 المشاهدات
خاطرة عن الامل

المحتويات

1- حوار بين رجل وزوجته عن الامل

ثرثرة بسيطة بقرب مجموعة من الدجاجات..
###
 
يرتكز الرجل بيديه على حاجز خشبي بسيط، بينما تقف زوجته بجانبه يراقبان مجموعة من الدجاج والصيصان التي تنبش الأرض بحثا عن الحبّ..
 
– كتير مبسوطين الصيصان..
– أكيد.. الحياة شغلة جميلة جداً لأي حدا مش فاهمها.. رائعة ولطيفة..
– هيك قولتك؟
– طبعا.. يعني هاد الصوص مبسوط لأنه مش فاهم شي.. بلعب وبروح وبيجي وإخوانه حوالين إمهم.. وأكل وميّ وعنده كل شي بدّه إياه.. عشان هيك مبسوط.. بس لو عرف يا ترى إنه هو عايش في مزرعة مملوكة لبشر، وإنه حياته السعيدة هاي ما هي إلا تسمين وتمهيد للذبح.. بكون مبسوط فكرك؟ ما أتوقع.. وحياتنا احنا زي هيك.. طول ما احنا مش فاهمين، بنظلّ مبسوطين.. عشان هيك أنا بس أشوف واحد بحكي الحياة حلوة وتفاؤل وإيجابية وشموع وورود، بكيّف عليه.. بعرف إنه ولا عارف وين الدنيا ووين أهلها..
– ههههه.. هيك يم؟ هيك طلع معك؟
– مش طلع معي.. هي الحياة هيك.. مش طلع معي.. هي الحياة هيك..
– كيف يعني هيك؟!
 
يتنهّد الرجل..
 
– أقولك شي.. هلأ الحيوانات في الغابة، بعيدا عن الدجاج هذا . كل يوم الصبح في الغابة.. بتخوض تحديين أساسيين.. تحدي إنهم يلاقوا أكل.. وتحدّي إنهم نفسهم ما يصيروا أكل.. صحيح؟
– صحيح..
– احنا البشر عشنا التحديات هاي فترة.. بس تخطيناها بسرعة.. لما اكتشفنا الزراعة وبنينا البيوت وصنعنا السلاح، خلص.. بطّل في داعي نصيد.. لأنه صار غذائنا عنا.. نزرعه أو نربّيه.. وبطّلت الحيوانات المفترسة تأكلنا أو تهددنا.. وبالتالي.. كان لازم نرتاح.. بس هل ارتحنا؟ لا طبعا..

2- الامل والتفاؤل في الحياة

دخلنا في التحدّي الكبير.. اللي أصلنا احنا مخلوقين عشانه.. وهو إنه نقدر نعيش مع بَعضنا البعض.. متخيّلة؟ يعني احنا كبشر من القسوة بحيث الامتحان اللي ربّنا حطّنا فيه إنه نقدر نتحمّل بعض.. يعني انت مش زي الغزال.. بتاكل العشب وبتهرب من الأسد.. لا.. انت معركتك مع جنسك نفسه.. الضرر بيجي من ناس زيّك.. والبحث عن الرزق بكون برضه عند ناس زيّك.. هاي هي المنافسة الشرسة.. وحقيقة إنه في فوارق فردية كبيرة بين الناس.. بتعمل هالمنافسة أصعب وأصعب.. هاد معه فلوس أكثر منك.. هاي أحلى من هاي.. هذا أقوى من هذا.. هيك.. فما في عدالة بتوزيع أدوات المنافسة.. ومن هون بتيجي الصعوبة في الحياة.. إنها منافسة شرسة ومستمرّة لتحصيل الرزق والابتعاد عن الأذى بأدوات متفاوتة؟ فكيف بدها تكون سهلة؟ مش سهلة.. مش سهلة أبدا..
 
الحياة عند شخص متخرج جديد وإله سنتين بدوّر على شغل سهلة؟ لبنت كبرت وما تزوجت سهلة؟ لشخص على كرسي متحرّك؟ لحدا مش قادر يعالج ابنه.. الخ.. عشان هيك لمّا تسمعي حدا بقول عن الحياة حلوة وسهلة والدنيا ربيع والجوّ بديع اعرفي إنه في حدا في الكواليس شايل همّ الحياة عنّه.. حدا مجنّبه – لأنّه بحبّه – إجابة الأسئلة الصعبة هاي..

3- فلسفة الامل

فهاي كل الفكرة.. وموضوع التفاوت غير العادل في الأدوات هذا، بعمل أزمة نفسية كبيرة عند الإنسان.. يعني كمان مرة.. احنا مش زي الأسود كلّنا عنّا مخالب لا.. في ناس عندها وناس ما عندها.. طبعا الدين حاول إنه يلاقي تفسيرات مقنعة لغياب العدالة هذا.. بالقول إنه العدالة على الأرض منقوصة، وإنها منظومة بين الأرض والسماء الخ.. وهي تفسيرات لها وجاهتها.. ومقنعة إلى حدّ كبير..
 
لكن المعضلة إنه الإنسان بنحاز إلى حاضره ضد مستقبله.. يعني بتعنيه كثير هاي الحياة الدنيا اللي شايفها وعايشها أكثر بكثير من حياة أخرى ينصب فيها ميزان العدل ومليئة بالمسرّات الخ.. من هذا الانحياز للحاضر في مقابل المستقبل بتلاقي السخط هذا اللي قد يقترب من الإلحاد ويلامسه في مراحل معيّنة.. لأنّ الإنسان كمان مش بس بنحاز لحاضره.. وبنحاز لنفسه كمان.. بتعزّ عليه نفسه.. وانحيازه لنفسه هذا بكون في مقابل انحيازه للخالق.. بمعنى لما يواجه الإنسان موقف صعب جدا عليه.. بكون أمام خيارين.. ينحاز لنفسه ومعاناته وسخطه.. أو ينحاز لحكمة الخالق وتوزيع الأقدار والوعد بثواب الصابرين.. وهون في الأغلب بنحاز الإنسان لنفسه.. ومن هذا الموقف بالتحديد اجا تعريف الإسلام.. أن تُسْلِم أمرك لله وتسلِّم له.. فهمتِ علي؟ هذا جوهر الدين.. التسليم لله في مقابل الانحياز للذات..
 
ومن هون بتيجي فكرة إنه الإيمان نفسه كمان شيء صعب! وغير مستقرّ.. ويمتحن ويتجدد ويتغير مع تغيّر كل ظرف.. كل دعوة للانحياز تجاه طرف ما..

4- تعريف الامل

*لحظات من الصمت.. يتخللها نقنقة للدجاج*
 
– بتّفق معك.. الحياة صعبة.. لكن برضه الأمل موجود.. في إنّ الإنسان يطوّر من أدواته ويكتسب أدوات جديدة.. ويحسّن من وضعه بالحياة.. بحيث يقلل المواقف اللي بتعرّض فيها لاختبار الانحياز هذا..
– صحيح.. بس برضه خلينا نفهم شو هو الأمل!
– شو هو الأمل؟ قول لي..
– الأمل هو رفاهية المجهول.. يعني انتِ مثلا بتشجعي فريق معيّن.. وعندكم بطولة ذهاب وإياب.. خسرتوا في الذهاب بهدفين.. يتدخلوا مباراة الإياب وانتوا عندكم أمل.. صح؟
– صحيح.. لأنه في فرصة للتعويض..
– بالضبط.. لأنكم بتمتلكوا رفاهية المجهول.. عندكم تسعين دقيقة مجهولين.. مش معروف شو راح يصير فيهم.. هذا هو الأمل.. رفاهية المجهول.. وكل ما مشيت المباراة بقلّ الأمل.. لأنه بقلّ حجم المجهول.. عشان هيك بتلاقي الشباب هم أكثر الناس أملا.. (افتراضا يعني).. لأنه بعمرهم الصغير هم بمتلكوا أكبر قدر من المجهول.. أما واحد زي حكايتي يعني.. خلص ماظلّ عندي مجهول.. اللي بدّي أشوفه شفته.. صفّر الحكم وخلصنا.. أمل بشو؟
– طول ما انت بتتنفس.. ما صفّر الحكم لسّه.. لسّه في مجهول وفِي أمل..
 
لحظات من الصمت.. يتخلله نهدة كبيرة للرجل..
 
– بتّفِق معِكْ.. لسّه الحكم ما صفّر.. يمكن لسّه في أمل..
 
.
اقرأ أيضاً: خواطر صباح الامل
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !