الرئيسية » الذات » السعادة الحقيقية » القناعة كنز لا يفنى

القناعة كنز لا يفنى

بواسطة عبدالرحمن مجدي
2235 المشاهدات
الرضا - القناعة ما الفرق ؟
– القناعة كنز لا يفنى
 
من أنا؟ من أين أتيت وما دوري هنا؟
لبسنا الأقنعة ورحلت القناعة، وما من أحد مرتاح في حياته. الكل موجوع وفي حالة جوع حيث لا شبع بل الكثير من الطمع.حتى أكثر الناس جمالاً…. حتى كليوباترا كانت تحيا حياة التوتر وعدم الرضى بسبب انفها، هل هو طويل أكثر من اللزوم؟ ما الذي جعل إمرأة في غاية الجمال مثل مارلين مونرو تنتحر؟ إمرأة جميلة… وليست كاملة، لم ترَ نور جوهرتها الداخلية، لم تسمع أنغام نفسها الأبدية.
 
علينا أن نعلم أن جميع الوجوه مزيفة. من يلبس وجوه الكذب والرياء ويساوم ويجامل يتحول إلى معتوه. لا راحة إلا مع الحقيقي… والحقيقة لا وجه لها. هذا ما يسميه حكماء التأمل بالوجه الأصيل. حين يأتي العطشان ليشرب من نبعهم يقولون له: اذهب وتأمّل وجهك الأصيل…
 
وجهنا الحقيقي لا وجه له… أعلى من أي شكل او صورة… لكن على مر السنين علّمونا وعلّبونا لنلبس وجوها تناسب المجتمع، ونسينا بل تناسينا أن الله خلقنا على صورته ومثاله، وأصبحنا مجرد صورة مكسورة. جميعنا نور من نور. وشاء النور أن يتجسد بأشكال ووجوه من باب المحبة والرحمة والاحتفال لا أكثر.
 
والآن هذا المثال من باب الاحتفال بوجهنا الحقيقي… إذا نظرنا إلى وجهنا في المرآة، ماذا نرى؟ انفا وعينيْن، رموشاً وفماً وأذنيْن.. هذا ليس وجهنا… إنه وجه الجسد. عملية جراحية وسيتغير الشكل، لكن هل سنتغير نحن؟ كلا لن نتغير. نعم التغيير نظام ثابت، لكنه يحدث على السطح. فلنبحر في كياننا وسنرى الشاهد على كل تغيير. هو حقيقتنا ونورنا الآتي من الأزل، الباقي إلى الأبد، واحد صمد مدد.
 
هذا هو سر انتحار مونرو، وسبب تعاسة أغلب النساء الجميلات. وجهنا الجسدي لا يكفي رغم كل الجمال، فسرّ السعادة هو في التكامل والاكتمال بنور الجلال…
 
الفناء يتجسد فتراه عين الجسد، لكن عين البصيرة ترى بنور الله… ترى أبعد من حدود الأشكال والأحجام… ترى حقيقة الفناء… والحقيقة هي أن الفناء لا شكل له. وفينا أنطوى العالم الأكبر… أي أن الروح أو الوعي هو تمدُّد للفناء، للمحبة. هذه الروح أبدية سرمدية، جزء من الأصل، من الله، وحين تأتي لحظة القيامة، حين يولد الانسان ولادة روحية، تتحلل وتذوب فتختفي الحدود وعندها لا فرق سواء قلنا النقطة في قلب المحيط أم المحيط في قلب النقطة… في تلك اللحظة تعجز الكلمات وترحل المعاني ولا تبقى إلا الحقيقة، وجهنا الأصيل الجليل.
 
الجسد هو مكان يلتقي فيه المُحب مع المحبوب، العابد مع المعبود، المادة والروح. أنه الحاوي وليس المحتوى. وحين تتناغم المادة والروح، يتحول اللقاء إلى وجد ونشوة أبدية.. يصبح الله هو الأنيس والونيس ورفيق الطريق.
 
اختفت العلاقات الحميمة والرحيمة بين البشر وحلّ الجفاء وانعدم الوفاء، لماذا؟ لأن كل إنسان يشعر بأنه ليس مجرد شكل أو فكر… كل امراة تشعر بأنها ليست فقط جميلة ونحيفة … هناك ما هو أبعد، ما هو أكثر…ما هو أعمق وأنقى وأطهر… ولكن من منا تعرّف على جوهرته؟ من منا وجد وجهه الحقيقي وذاب وتحلل في حضرته؟ كلنا يرى بعين الجسد… يرى الجسد فيشتهي ويخطط ليرضي شهوته… ولا نهاية للشهوة… لأننا لم نستخدمها كمفتاح لنفتح معاً باب النور ونعبر الجسور.. ما زلنا ندور وندور من إمراة إلى آخرى، والشهوة كالقهوة، متى تعودنا عليها تصبح أدماناً كالدخان، رغم أنها باب لندخل، جسر لنعبر لا لنبني عليه منازل ونسكن…
 
لن ترضينا أي علاقة… وما نفع المال والجمال؟ فالمال للورثة، والجمال يذبل، وموت الجسد آتٍ لا محالة. سلامنا وقناعتنا وأستسلامنا ستكون في التعرف على من يسكن هذا الجسد… على الجمال والوجه الحقيقي، الأجمل من كل جميل والأعلم من كل عليم… عندها لن نسعى وراء عمليات التجميل فكيف لنا أن نكون أكثر جمالاً؟ ولن نسعى وراء المعرفة الميتة لأننا سنعرف وقتها أننا لا ولن نعرف شيئاً… لن نسعى وراء أي علاقة فحينها ستختفي كل رغبة وشهوة للتلمك والسيطرة والشهرة …. عندها فقط سنسترخي… سنعرف طعم الراحة وينبع الاستسلام والسلام… لا شيء أفعله لأكون أكثر جمالاً وتميزاً، أنا جميل ومميز بالفطرة… ومن رحم الفطرة يولد الإحساس بالقناعة.. والقناعة كنز لا يفنى….
 
.
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !