الرئيسية » العلاقات » العلاقات مع الآخرين » علاج التعلق المرضى بشخص

علاج التعلق المرضى بشخص

بواسطة عبدالرحمن مجدي
3157 المشاهدات
فك الارتباط - التعلق العاطفي بالأشخاص والأشياء
التعلق
 
يفهم معظمنا التعلق على انه شعور بالارتباط الشديد نحو المحبوب بحيث تستحيل الحياة بدونه وهذا صحيح.. ولكنه فهم يحتاج إلى التحسين.. فالتعلق هو اشتراط الفرد لسعادته أو تعاسته شعورياً أو لا شعورياً بوجود أو غياب طرف ما في حياته.. وقد يكون هذا الطرف بشراً أو جماداً .. ظرفاً أو مكاناً.. حبيباً أو عدواً. فربما تظن ان حياتك لن تهنأ إلا بخروج شخص ما تكرهه منها ويعد ذلك من التعلق أيضاً..
 
كما يمكن للانسان أن يتعلق بذاته، صفاته، انجازاته، ممتلكاته وهذا حقيقة هو أخبث أنواع التعلق – اتذكر اسطورة الفتى نرجس الذي تعلق بجمال خلقته فدأب يذهب إلى البحيرة ليشاهد في عجب وفخر وجهه على صفحة مياهها حتى جاء في يوم لتنزلق قدماه على صخرة بالقرب من البحيرة وتسيل دماؤه ويموت.. فتنبت من بقعة الدماء زهره عرفت لاحقا بزهرة نرجس.. لقد مات نرجس ضحية لتعلقه بجماله – وبنظرة اكثر عمقا يقول العلماء ان الأمر في جوهره يكون ارتباطا بالحاله التي يعيشها الفرد اثناء تعلقه لا بالطرف محل التعلق في حد ذاته. فهو نوع من ضعف التقدير للذات يشعر المرء فيه بأنه ناقص بمفرده فيرتبط بمن او بما يكمله.. وذلك إرتباط منحرف يستدرج الإنسان نحو هلاكه.. وسينتهي به الحال حتما إما بفقد المتعلق به أو بفقد نفسه..
 
وانا أرى أن أخطر ما في التعلق أنه يعيق الإنسان عن إلتقاط الإشارات الإلهية التي تنير له الطريق ويغلق عينيه عن فرص الحياة الواسعة التي امامه.. فالتعلق يطوق المرء بسور حديدي عال يمنع عنه الهواء والنور.. ولكي تتخلص يا عزيزي من هذا الهلاك عليك أن تفهم أن النفس تميل لما تهوى وتحيد عما تكره.. وان التعلق مجرد فكره تتشبث بها الأنا المضللة لصاحبها كعادتها، وإذا أنت قاومتها ازدادت شراسة عليك وتمكنا منك.
 
وعليه تكون استراتيجية التخلص من التعلق المقترحه كما يلي:
– اخلص النية.
– افهم أنك متعلق واعترف بذلك مرة واحدة (أنا متعلق).
 
* المعالجة الذهنية:
ناقش الأمر مع نفسك مرة واحدة.. اجلس منفردا وفكّر.. جدد إيمانك بخالقك.. تذكر أنك عبد لله وحده.. خُلقت حرا شامخا مالكا لزمام حياتك.. قدر قيمتك واعتذر لنفسك أنك جعلت منها تابعا لآخر يتلاعب بها.. افهم أن الدنيا بما فيها زائفة.. لأنها زائلة.. وبقوة قرر التحرر.
 
* التوكيدات الخبرية:
اصنع لك عبارات توكيديه عامه جدا (لا تتضمن موضوع التعلق).. كررها على نفسك سرا وعلانيه لتوكيد ذاتك وتعميق احساسك بالسيطره.. مثال : انا مستقل انا قوي ومسيطر انا هادئ ومتزن رغم كل شئ.
 
* التنويم الإيحائي الذاتي:
وينقسم إلى أربع مراحل كبرى (الإسترخاء- إلهاء العقل الواعي والدخول- زرع الفكرة الجديدة- الخروج)
 
اجلس في مكان هادئ واسترخ/ اغمض عينيك وخذ عددا من الأنفاس شهيقا وزفيرا بهدوء وعمق/ قطب جبينك بشدة ثم قم بإرخائه بعد ذلك/ الان تشعر بهدوء.. قل لنفسك (أدخل).. فكر في كلمة أدخل كما لو كانت مفتاح دخول حالة الاسترخاء/ ضم إصبع الإبهام إلى السبابة وقل لنفسك (مهما كانت القوة التى أحاول بها، سأعجز عن فصل هذين الإصبعين عن بعضهما البعض/ سيقول لك عقلك الواعي هذا هراء تستطيع فصلهما وأنت تقول كلا لا أستطيع/ الآن هيئ لنفسك أنك تحاول فصل الإصبعين بكل قوة ولكن لا تقم بذلك.. لا تفصل بين الإصبعين/ الآن لقد ارتبك عقلك الواعي ونجحت خطة إلهائه في هذه اللحظة قل لنفسك (اخترق)/ الآن اصبح الطريق الى عقلك الباطن مفتوحا/ ادخل افكار الاستقلال/ كرر ثلاث مرات عبارة (أنا مستقل ومتحرر رغم أي شئ).. في كل مرة قلها بمزيد من القوة/ بعد أن قمت بزرع الفكرة الجديدة يمكنك الآن بكل بساطة فصل إصبعيك عن بعضهما البعض وقل لنفسك (حسنا لقد أعيد تشكيل عقلي الباطن الآن، أخرج)/ فكر في كلمة أخرج كما لو كانت مفتاح الخروج من الحالة/ الآن تستطيع العودة إلى عالمك الواقعي/ أعد التجربة بعد مرور ١٤ ساعة على التجربة الأولى لتأصيل الأفكار الجديدة داخلك.. كما يمكنك التكرار كلما شعرت بحاجتك لذلك.
 
* البحث عن الرسالة:
فتش في ذاتك عن رسالتك بالحياة.. إن مجرد وجودك على طريق رسالتك يرفع تقديرك لذاتك عنان السماء.. ويجعلك واعيا مركزا فيما تريد تحقيقه.. فلا تكترث بأي حادث يحدث خارج منظومة أهدافك العليا بالحياة.. كما يمنحك الفرصة للتعاطي مع محبوبك بنضج عاطفي يعفيك ويقيك من عذابات التقلب.. باختصار ستشعر مع رسالتك بالثقة والأمان.
 
* البحث عن إنجاز:
إذا تعذر عليك إكتشاف رسالتك.. فابحث عن محبوب آخر توليه اهتمامك وتركيزك.. قد يكون عملاً أو هواية أو كتاب.. فقط ركز فيه واعطه من مشاعرك حباً واهتماماً.. والأهم من ذلك أن تصنع لك معه نقطة انجاز تطمح لبلوغها وتخطط لها… مع مرور الوقت وتحقيقك لنجاحات، ستنشغل الأنا بما تنجح فيه.. سيكبر هذا الاهتمام الجديد وسيحتل مساحات أوسع من حياتك ليبتلع الاهتمام القديم أو يزيحه بعيداً عنك.. وستجد نفسك وقد تخلصت من تعلقك إلى حد كبير دون الحاجة لمواجهته مباشرة.. ولا تخش من التعلق بالإنجاز الجديد.. فأنت تدير الموقف هذه المرة بوعي لا يسمح لك إلا بالتمكن والسيطرة.
 
عزيزي.. إن فك التعلق لا يعني بالضرورة قطع العلاقة مع المحبوب.. ولا الحياة معه ببرود المشاعر.. ولكنه يعني ببساطة أن تحفظ نفسك وأنت تتعامل مع من تحب.. أن تدير علاقاتك من موقع القوة تحت مظلة وعيك الناضج بالحياة.. إن عمرك بين ميلاد وممات أيام معدودة ونفسك أعز من ضياعها.. من فضلك قدر ذاتك.. إنقذ حياتك.
 
.
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !