الرئيسية » الذات » اكتشف موهبتك » كيف تنشط المواهب والقدرات بداخلك ؟

كيف تنشط المواهب والقدرات بداخلك ؟

بواسطة عبدالرحمن مجدي
2224 المشاهدات
كيف تنشط المواهب والقدرات بداخلك ؟

تعالوا أصدقائي معي لنتعرف علي منشطات المواهب والقدرات…

أولاً : السفر

حينما تتعود علي السفر لأماكن جديدة وتتعرض لمواقف محرجة ، تبدأ تلك القدرات في العمل علي خدمتك وإخراجك مما أنت فيه ، وطالما أنك لم تسافر في الأرض فلن تعمل عدة قدرات وستظل معطله ، ربما تضل في الصحراء كما حدث للنبي إبراهيم ؛ لأنه قام بتلك المنشطات التي نشطت جميع قدراته وحينما وجد نفسه في صحراء لا نهاية لها وأمامه تحديات البقاء دون مُعين ولا جهاز يساعده ، ساعتها تبدأ قدرات الإنسان الدفينة في الظهور والعمل وإليك التحديات :
1-البحث عن الماء
2-البحث عن مكان به بيوت
3-الوقاية من الزواحف والسباع
4-معرفة الاتجاهات بصوت الريح
5-البحث عن طعام
6-معرفة الاتجاهات بمواقع النجوم
7-الوقاية من الظواهر الطبيعية

حينما تتعرض لتلك التحديات الثمانية وحدك في صحراء شاسعة ولا تملك شيئاً ليساعدك فليس أمامك إلا خياران ، الأول أن تستسلم وتموت وتأتي السباع لتأكلك بالبطيء ، والخيار الثاني أن تتحدى الظروف لتبدأ قدراتك الكامنة في الظهور والعمل لتواجه تلك الأزمات فتقوم بتفعيل حواسك الداخلية والخارجية.

ربما يقول لي قائل ما كل هذا !!؟ هذا خيال واسع ، تلك الاحتمالات لا تحدث إلا بنسبة ضئيلة ، أرد فأقول أعلم ذلك لكن في الكيمياء والفيزياء وبقية العلوم لكي تظهر نتيجة معينة ، عليهم توفير ظروف ظهور تلك النتائج ولو كانت ظروف نموذجيه ، لذلك لا أريد منك أن تسافر للصحراء وتتوه هناك ! ،، بل أريد أن توفر ظرفاً تتجرد فيه عن الآلات بعمد حتى تختبر ماذا ستفعل لتبدأ قدراتك في العمل .

لذلك حينما تسافر لبلد غريب كسائح ، ثم تضل الطريق ولا تملك نقودك ولست تتكلم بلغة أهل تلك البلدة ، ولا تعرف أحد فيها ، وكلما ضاقت الظروف أكثر ، تزيد احتمالية تنشيط وإثارة جميع القدرات .. تعرض لمثل هذا الموقف الكثيرين منهم العالم المصري أحمد زويل ، الممثل الهندي شاروخان ، المحاضر العالمي انتوني روبنز ،…

تجرد النفس عن كل الشوائب بداية وصولها للحقيقة العميقة البديهية ، وتجرد الجسد عن كل الأجهزة والآلات بداية تفعيله لقدراته ومواهبه الفطرية.

اقتراح : يمكن عمل هذا عن طريق العزلة التامة لمدة بضع أيام في البيت أو في مكان ما بعيداً عن الضوضاء ، الناس ، الأعمال ، الأجهزة ، ….

ثانياً : التواصل والإقناع

إن عاش الإنسان بمعزل عن الناس فإنه بذلك يُعطل قدرات يملكها لا تظهر إلا في حالة التواصل مع البشر ، فأي عملية تواصل هدفها إقناع الطرف الآخر بما لديك أو بما تؤمن به ؛ لأنك لديك رسالة وهو لديه فكر ، وتريد تغيير سلوكه أو دفعة لسلوك معين عبر عملية التواصل هذه ، وبالتالي تتعلم طريقة عرض ما لديك بطريقة لا تصطدم مع ما لديه! ؛ لأنه سيكون له رد فعل علي ما تقول ، فتوقتك لردود الأفعال يزيد من استعدادك لعملية التواصل وبالتالي إقناعه في النهاية.

الشخص العادي لو أراد إقناع 3 فئات فربما يستخدم نفس الطريقة مع الجميع ، وبالتالي يصطدم بردود الأفعال القوية من الأطراف الأخرى ، لذلك يجب أن نفعل قدراتنا علي التواصل مع مختلف فئات المجتمع ، فلكل فئة طريقها ومفهومها وأسلوب علاجها والحوار معها .
1-تحديد المفهوم المراد إيصاله للناس
2-تحديد المفهوم المضاد المراد استبداله
3-تقسيم الناس إلي شرائح ليسهل اقناع كل شريحة بطريقتها حسب نوعية مفهومها ” شريحة1 ، شريحة2 ، شريحة3 ”
4-تحديد الوسيلة الذي يبطل بها المفهوم الخاص بكل شريحة علي حده
5-تحديد الكيفية لعمل ذلك وهي حوار أو موقف معين

ثالثاً : عمل يدوي حركي ( حرفة ) :

إذا ذهبت الآن إلي مكان للتزلج ، وأنت لم تقم بهذا الفعل من قبل في حياتك ، ثم بدأت تجرب هذا النشاط الحركي ؛ فإنك سوف تلاحظ أن إدراكك وسرعة عقلك بطيئة إلي حد ما لأنك بذلك بدأت في الضغط علي إحدى القدرات الموجودة بداخلك عن طريق ذلك النشاط الحركي.

لذلك من المنشطان الفعالة للمواهب أن تعمل ولو لفترة مؤقتة في تعلم حرفة ومهنة يدوية حركية ، ليس لتتقوت منها بل لأنها ستؤهلك لشيء أكبر فيما بعد…

صديقي العزيز تعال بنا لنذهب للقرن العاشر قبل الميلاد ، فلم يكن الفراعنة فقط المتقدمين في الأرض ، كانت هناك في الشام مملكة يحكمها نبي الله داوود (ترجمته المحبوب ).. نشأ في أسرة كان فيها أصغر إخوته ، ومن المفترض أن يأخذ الأغنام ويعمل بالرعي بالنيابة عن إخوته الذين يشاركون في الحرب ، فرضت عائلته عليه ذلك ، لكنها يعرف أن لديه موهبة في التصميم الهندسي ، فظل يبحث عن الآلة ( المنتج ) التي يحتاجها الناس يمكن أن تساعده موهبته في صناعتها ، وكانت الفكرة أن يصنع الدروع الحديدية ويبيعها للجنود قبل الحروب ، فكرة عملية واقتصادية فكان يبيع الدرع كاملاً بـ 6 آلاف درهم ، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام أثني عليه فقال : وإن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده.

لذلك حول النبي داوود تلك الموهبة في بداية حياته إلي منتجات متداولة تعود عليه بالربح ، وبالرغم من انه بعد ذلك تركها لأنها حرفة مؤقتة وقام بالفصل بين الناس بشكل عادل فجعلوه قاضياً لهم وبالتالي نشط ذلك من القدرات الاجتماعية لديه والمعنوية لفهم سلوك الناس وردود أفعالهم للحكم الصحيح عليهم إلا أنه لاحقاً قام بتنشيط قدرات أخرى خاصة بالإيقاع…

كان داوود أجمل صوت ، يقال لم تلد الأرض أحداً بجمال صوت داوود ، حتى يقال أنه حينما كان يتلو الزبور بصوت جميل كانت تتجمع حوله الطيور والحيوانات والإنس والجن يستمعون له ولجمال صوته ولحنه ، فصار الناس يحبونه لدرجة تذهب همومهم وأحزانهم حينما يستمعوا إليه!

خلاصة القول : إن تعدد ممارسة الأنشطة يجعلك تنشط قدرات كثيرة من المواهب التي بداخلك ، ويدفعك إلي تفعيل حواسك في الطبيعة واستغلال طاقة كبيرة منها ، ففي الحياة روعة وجمال لا ندركها لأننا لاهين غافلين ، لذلك من النشاطات الدافعة لتفعيل القدرات أن تعمل ولو علي سبيل الترفيه بحرفة يدوية حركية تُنشط بها بعض قدراتك .

كان زكريا يعمل بالنجارة ونوح يعمل بتصنيع السفن ، وهنا ملحوظة : فالحرف هي مهن مؤقتة وليست بالضرورة مهن مؤبدة!! ، بل هي مرحلة مؤقتة تؤهل صاحبها لخبرة معينه يحتاجها في مرحلة أكبر ، لكن الروتينيون الذين قتلوا الطموح يعتقدون أنها مهنتهم الأبدية والعيب فيهم وليس في المهن !

رابعاً : التأمل والتفكر ينشط قدراتك باستمرار

متى كانت آخر مرة نظرت فيها إلي السماء لتملأ عيونك منها ؟ ، متى كانت آخر مرة أغمضت فيها عينك لتصغي لصوت هدير المياه والشلال ؟ ، متى كانت آخر مرة أخذت نفساً عميقاً لتخرجه بقوة ؟ ، متى جلست لتفكر في أحوال الخلق والكون لترى كيف تستفيد أقصي استفادة من حياتك ؟ …

إن جلوسك فوق سطح منزلك لتنظر للسماء يعمل علي تنشيط وتفعيل قدرات كثيرة في المخ ، فالطبيعة وجمال الكون لها انعكاساً ايجابياً على النفس والجسد معاً على حد سواء ، إننا في عصر السرعة والازدحام ، لسنا في حاجة إلي جلسة تأمل أسبوعية بل جلسة يومية ساعة الشروق أو الغروب أو ليلاً على ضوء النجوم لتفرغ ذهنك من كل الأمور وتجلس فقط لترى روعة الخلق ، إن التأمل حتى ولو لم ينشط قدراتك بشكل مباشر فيكفي أنه ينظف الغبار المتراكم حول تلك القدرات الثمينة .

يتم التفعيل والتأمل عن طريق مثل هذه النماذج :

الإبصار : النظر للسماء – السحب – الحدائق الخضراء – البحار – الجبال
السمع : سماع أصوات الطبيعة والحيوانات – أصوات الشلالات – أصوات الرعد والأمطار
التنفس والشم : تنفس الهواء النظيف والزهور
الجسد والجلد : التعرض للهواء – النسيم – لم الأرض وترابها ..

علي النقيض فالأشخاص الذين لا يقومون بهذا التأمل دخلوا روتين الحياة وأصبحت حياتهم كئيبة مليئة بالضنك ، فلا تجد أحدهم ينظر إلي السماء للحظات ليمسح غبار العمل والانشغال ، فالتأمل له متعة لا يفرط فيها من ذاقها ، لكنه يحتاج إلي الشق الآخر المقترن به دائماً وهو التفكر !

دائماً ما يستخدم الناس وعلوم النفس مصطلح التفكير بينما يستخدم القرآن مصطلح التفكر ، فما الفرق بينهما ؟
التفكير هو أن تفكر في الحدث لمجرد التفكير فيه ، بينما التفكر هو التفكير في انعكاس هذا الحدث عليك ، فحينما تفكر في إعصار اليابان وفيضانات وزلزال الطبيعة ، لمجرد التفكير فهذا يسمي تفكير ، بينما لو فكرت في انعكاس ذلك عليك ، ما الرسالة التي علي فهمها من زلزال اليابان ذلك يسمي التفكر ، ودائماً صفة التفكر منتشرة في القرآن ، بينما التفكير لم ترد إلا مرة واحدة مع احد المشركين بعد أن فكر وفي النهاية لم يهتدي لأنه فكر ولم يتفكر !
قال تعالي ” إنه فكر وقدر ، فقتل كيف قدر ”

بينما الصفة الايجابية النافعة وهي التفكر كثر استخدامها في القرآن ( أفلا تتفكرون – آيات لقوم يتفكرون – ويتفكرون في خلص السماوات والأرض …. ) ، لذلك التأمل والتفكر ينشطان قدرات الإنسان .
اقرأ : التأمل – العقل الباطن

خامساً : دراسة قوانين وسنن وقواعد الكون ( العلوم )

حينما تدرس ظاهرة القصور الذاتي في الفيزياء ثم تركب سيارة وتتوقف فجأة ، أليس سيكون انتباهك وإدراكك لها أكبر مما لو لم تكن قد درستها
، هذا هو تأثير العلوم عند دراستها وتعلمها بغرض الفهم والعلم ، لذلك إذا درست علم الفلك وعلم الجيولوجيا وعلم التغذية وغيرها ، فإن دراسة تلك العلوم تمنحك فهم أبعادها وينشط المواهب ويوقظها ، بدلاً من كونها مهملة ، ليس عليها ضوء يوضح تأثيرها الكبير ، ونلاحظ حدوث ذلك في قصة النبي إبراهيم فقول الله ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن .. ) المقصود بالكلمات هنا هي سنن كونية وقواعد كان عليه أن يطبقها أيا كان نوعها خارجي أو داخلي وبعد تطبيقها صار مستعداً للقيادة فتقول الآية : ” وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )

سادساً : القرآن من منشطات المواهب

نعرف جميعاً كعرب أن الطلبة المتفوقين يكونوا في الغالب حافظين لكتاب الله في الصغر ، ورأينا مئات النماذج ، وندرس ونقرأ باستمرار أن العلماء العرب القدامى أمثال بن سينا والفارابي وجابر بن حيان وغيرهم ، كان العامل المشترك بينهم في طفولتهم جميعاً هو حفظ القرآن ، ثم بعد ذلك حينما يدخلون العلوم تجد لكل واحد منهم انجازاته المبهرة كالخوارزمي الذي اكتشف الصفر وأحدث نقله في تاريخ الإنسانية بل وأسس علم الجبر ، وابن خلدون الذي كان حسن الصوت بالقرآن في طفولته ، وفي الكبر أنشأ علم الاجتماع الذي ظلت مقدمته إلي اليوم سبقاً علمياً لا يمسها غبار.

وهذا لم يكن مقتصراً علي عالم او اتنين بل كان سمة مشتركة لجيل بأكمله من العلماء الذين أسسوا العلوم لتنطلق بعدهم البشرية عصر التكنولوجيا والثروة الصناعية ، فما هو سر ظاهرة اشتراك جميع علماء العرب السابقين في حفظهم للقرآن وهم صغار ! ؟

إن لكل قدرة من القدرات بداخلك مفتاحاً ، لو توافر هذا المفتاح فإنك سوف تتمكن من استغلال تلك القدرة بالشكل الصحيح فعلي سبيل المثال ، موهبة الحفظ والتذكر فعندما يقوم شخص بحفظ درس وفصول معينة فإنه بعد فترة ينساها ، ثم يحفظها وينساها ، لأنه لم يفتح القدرة أو الموهبة بالمفتاح الصحيح ، لنفترض أن هناك شخصاً يحفظ القرآن وجاء ليحفظ هذا الدرس ، فإن القرآن هو المفتاح السليم الذي نشط القدرة لديه وبالتالي صارت القدرة ومستعدة ومؤهلة للعمل في خيارات واحتمالات أخرى ، لكن السؤال لماذا وكيف قام القرآن بتفعيل القدرة ونشطها فصارت مؤهلة للعمل ؟

الإجابة : القرآن كلام له تنسيق وإيقاع صوتي متناغم عالي الدقة ، تردداته متقنة ومحكمة بعدد ثابت لا يجوز زيادتها أو نقصانها وبالتالي فإن حفظه ينشط قدرة الحفظ اللفظي ويفعلها لأنه أداة سليمة ومحكمة لتنشيط مثل تلك القدرات ، وبالتالي يتركها نشيطة مُفعلة .

لذلك تجد الحافظين للقرآن متفوقين دراسياً أولاً لأن التفوق اقتصر علي قياس قدرتهم علي الحفظ وهذا خطأ ! ، ثانياً لأن قدرة الحفظ لديهم نشيطة وجاهزة للاستعمال

إن القدرة الخاصة باللحن وتنظيم النسق الصوتي للكلمات هي الأخرى لها مفتاح ينشطها وذلك ينطبق علي القرآن ، فإيقاعه الصوتي منتظم ومتناغم ، ودراسته تنشط تلك القدرات ، وهذا ما يفسر براعة أم كلثوم الصوتية ، ففي طفولتها كانت حافظة للقرآن الذي يعتبر قمة الانتظام الإيقاعي ، وبالتالي قام ذلك المفتاح المثالي بتنشيط تلك القدرة لديها فصار سهلاً عليها استخدامها لاحقاً في الغناء ، لأن القدرة تم تفعيلها فيسهل أخذ النتائج منها في نواحي أخرى .

امين صبري

هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !