الرئيسية » قصص » قصص حب رومانسية » قصة حب جديدة

قصة حب جديدة

بواسطة عبدالرحمن مجدي
2098 المشاهدات
رسائل الى حبيبتي ليلى
منطق جميل (الجزء الأول)
 
(1)
هو
 
اللقطة الافتتاحية المناسبة لبطل هذه القصة لا تُظهر وجهه. لولا أن الحياة تدور، لظل ساكتاً وحده للأبد. سينتقي معقداً خشبياً في حديقة، ليراقب الهواء يحرك الأشجار البعيدة. خذ منه كل شيء هناك واترك له هذا فقط، لن يمانع.
 
كل شيء مرتب في ذهنه في شكل توضيحي أو معادلة. لكل شيء رقم، أو هو لا شيء.
 
أول اليوم: الساعة الثامنة ..
الساعة الأولى بعد المنبه. تراجيدياً مغادرة الفراش المؤسفة. هو من الذين يخصصون للقهوة ساعة كاملة من الصباح، لكنه ليس ممن يخبر الآخرين بهذا. ساعات طويلة من العمل، والتظاهر بالعمل، ومراقبة الساعة حتى ينتهي العمل. أشياء يفعلها رجل وحيد. يطهو لنفسه غداءً رديئاً، ويبحث عن شيء يشاهده معه.
 
قهوة الصباح:
الرشفة الأولى. لابد أن القهوة في الجنة ستكون عبارة عن سلسلة من الرشفات الأولى. لن تخبو الأشياء بعد بدايتها الجميلة، بل تتوالى في سلم تصاعدي متصل نحو الكمال.
 
هاتفه الشخصي:
تطبيقات التواصل الاجتماعي، لم تزوده إلا نفوراً من الآخرين. تطبيقات ترتيب الأعمال وتنظيم المواعيد. تطبيق لتعلم اللغات. منذ عامين فتحه مرة واحدة. المنبه. العدو.
 
عمله من النوع الذي يرتدي له بدلة رسمية. كل الحوائط من زجاج، كل الناس في بدل. كل يوم في اجتماع. لكنه صار خبيراً دائماً في مراوغة الاجتماعات بنصف ذهن. يمكن لعقلك أن يذهب لآخر العالم، بشرط أن تثبت عينك على هدف قريب، وألا تعلق على شيء. لماذا لا يتحرك الزمن ؟
 
من حين لآخر يتظاهر بأخذ الملاحظات، بينما يدون أحداث يومه، أو رسم حالته المزاجية، في شكل بياني: المنبه .. القهوة .. اجتماع .. فاصل .. المدير يُلقي محاضرة عن أهمية روح الفريق ..
 
انظر لبيته. لن تجد سطحاً أفقياً لا تشغله أكوام الكتب وأكواب القهوة الفارغة. هل قال شخص من قبل أن ترتيب غرفتك يشبه خفية ترتيب ما في روحك؟ لابد أنه على صواب.
 
ثم هناك لوحة وحيدة مُعلقة في مواجهة مكتبه، بحيث يراها طوال الوقت. لابد أنها هدية، لأنه لا يشتري اللوح، ولابد أن وراءها قصة.
 
في آخر الليل، يخلو لمكتبه ويكتب، لساعة واحدة. لم يطلع أحد على صفحة واحدة من عشرات الدفاتر التي كتبها. لابد أن لهذه الدفاتر قصة آخرى.
 
(2)
هي
 
لا تريد أن تكون جميلة. تريد أن تخلق شيئاً جميلاً.
 
ستقول أنها لا تشرب القهوة. لا في الصباح ولا في غيره. ربما الشاء. وأحياناً فقط.. ستقول أنها لا ترحب بالقواعد الرتيبة لبدء اليوم. الحقيقة أنها تشرب الشاي كل يوم في نفس الوقت، مثل الساعة. لكنها لن تعترف أبداً أنها تلتزم بشيء.
 
تشعر بأنها في سجن دائم لا مفر منه، وحتى لو سافرت لآخر العالم.. ستتبعها قيودها. لكنها حرة عندما ترسم. تقلب العالم رأساً على عقب، أو تلفه لتسعين درجة.
 
هي لا تعلق اللوحات على الحوائط. ترسم عليها مباشرةً. كل سطحٍ خالٍ يصلح للرسم عليه. “غرفتك تشبه روحك” فعلاً.
 
أحياناً تتحرر من الحذاء، وتحل رباط شعرها، ثم تفرد اللوحات وتقف فوقها. لا تفكر. ما يأتي إليها تسكبه على الورق. كل شيء فن، أو هو لا شيء.
 
ضع نقطة سوداء في قلب لوحة بيضاء، يتغير كل شيء. يكتسب العدم وصفاً ويتحول إلى مساحات قريبة أو بعيدة من النقطة، على يمينا أو يسارها. كل اللاشيء يختفي بأن تمس ورقة.
 
(3) هما
 
هذه قصة لقاء شخصين، لم يكن لمحادثة أن تُبقيهما معاً لأكثر من عشر ثوان. لا شيء يجمع آلة حاسبة وفرشاة للرسم. لابد أن نافذتها، المُزينة بوردٍ حرٍ، هي أجمل نافذة في المدينة. لا يوجد ما يُقال عن نافذته. لا شيء فقد نافذة.
 
في يوم اللقاء، في الليل، كان هو في سفر. في نفس الوقت، ونفس الطريق، كانت هي .. من بين كل ترتيبات القدر، وكل الطرق الممكنة للقاء شخصين .. يحدث هذا ..
 
في جزء من ثانية، أدركت أن السيارة تنحرف منها بزاوية حادة لليسار، نحو نقطتين من الضوء قادمتين من الإتجاه المعاكس. هكذا التقيا.
 
* * * * * * * * *
 
منطق جميل (الجزء الثاني)
 
(4)
مستطيل من النور
 
منذ زمن طويل، ربما ألف عام في مخيلة طفلة صغيرة، في ظهيرة يوم عادي، دون أسباء واضحة قفز أبوها من النافذة، إلى رصيفٍ خالٍ، مات قبل أن تصل سيارة الإسعاف.
 
من ساعتها، كل يوم، تسحب الطفلة كرسياً وتجلس أمام النافذة، تنظر إلى مستطيل النور وتفكر في شيء لا ينبغي للأطفال أن أن يفكروا فيه. الموت.
 
في الجزء الأحير من الثانية، قبل الاصطدام، لم تر شيئاً سوى مستطيلٍ من النور. لكنها لم تمت ليست هذه من القصص التي يموت أبطالها، مبكراً على الأقل.
 
لم تفعل بها الحادثة ما فعل بها الخوف. هذه اللحظات التي تعرف فيها أن تقديرك لما ستفعله في لحظة ما، لا يماثل الحقيقة أبداً عندما تأتي هذه اللحظة. في الحقيقة لا تفعل أي شيء.
 
فتح هو عينيه. كان يرى كل شيء اثنين. قمرين في السماء، دائرتين من الضوء لكل عمود، عشرة أصابع في كل يد، ووجهين متطابقين قلقين، لفتاة تنعكس على شعرها نور قمرين.
 
رفع يده ليطمئنها. قال لها أنه: “آسف” لم تفهم لماذا يعتذر. فكرت: هل أصاب رأسه؟ “أقصد شكراً. أنا بخير. أظن أن هذه الإصابات الطفيفة تضمن لي إجازة مرضية من العمل أسبوعاً على الأقل.” تأكدت أنه أصاب رأسه.
 
طوال وقت طويل، ربما ألف عام، لم تظن أنها وقت الجد، ستكون هي من يتصل بالإسعاف. الظلام. الظلام والنور اللاهث. كأن كل هذا حلم طويل.
 
وهو يعد نقاط النور التي تعبر من الوراء إلى الأمام في شباك باب سيارة الإسعاف. قال لها “هل تحبين القهوة؟” وقبل أن ترد قال أنه يود لو يدعُها إلى قهوة في مكان هادئ، بعد أن ينتهي كل هذا. أجابته أنها لا تشرب القهوة وسكتت. في سرها تساءلت لماذا من بين كل الناس. اختار لها القدر أن تصطدم بهذا الأحمق.
 
بعد عشر ثوان من الصمت، قال أنه من الأفضل أن يتبادلا أرقام الهواتف من أجل التأمين. كان واضحاً لها أنه يحاول اثارة إعجابها بكونه لا يحتاج لتدوين رقم هاتفها لأنه لا ينسى الأرقام. لم تفكر سوى في أنه تصرف طفولي من رجل غريب الأطوار.
 
(5)
بالونات على هيئة قلوب حمراء
 
في المستشفى لن يزوره إلا زملاء العمل. اشتروا له من متجر الدور الأرضي بالونات على هيئة قلوب حمراء، وبطاقة تمنيات الشفاء العاجل. جلسوا معه لربع ساعة ثم انصرفوا .
 
قضى الليل يحدق في السقف، يعد المرات التي يتذبذب فيها الضوء، ويفكر في آخر شيء في الدنيا كان يظن أنه يفكر فيه في الليل. هي.
 
في الصباح، اعتدال على طرف سريره وقرر أن يوقع تعهداً أنه مسئول عن نفسه، ويعود لبيته. صداع سببه قهوة المستشفى التي هي أقرب لحساء البن من القهوة. شيء ما تغير في قلبه.
 
لسبب غير مفهوم له، فكر في وضع مزهرية صغيرة على حافة نافذته. كأن شيئاً غائباً عاد للظهور في نفسه. لفترة وجيزة، وأختفى بعدها.
 
عندما خلا إلى مكتبه، لم يجد في نفسه رغبه للكتابة. كان يشغله شيء ثقيل في نفسه، لن يزول إلا بأن يبوح به. أخرج هاتفه وكتب رقم هاتفها من ذاكرته، وكتب لها:
 
أول كلمة قلتها لكِ على الإطلاق هي “آسف” .. كانت في محلها. ليلة الحادثة، عندما انتبهت لسيارتك تنحرف نحوي. كان رد فعلي الأول هو ألا أتفادى الصدام. أعرف أنه أمر غير مفهوم. أبسط أسلوب لدي لتفسيره، هو أنني لا أريد الإنتحار، لكني لا أمانع الموت. لعلي أرغب فيه إن لم يكن بيدي. لم يكن لدي الوقت الكافي للتفكير بعقلانية، وحسبت أنني لو لم أفادِ سيارتك، لن يصبح عندها انتحاراً. لم أفكر في سائق السيارة الآخرى. أنتِ.
 
فردت عليه:
قلت لك أني لا أشرب القهوة، لكني أشرب الشاء. هل تصلح دعوتك لي، للشاي بدلاً من القهوة؟
 
يُتبع …..
 
.
اقرأ أيضاً: قصة حب جميلة جدا
.
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !