من كتاب ( السكون يتحدث )
ايكارت تول – ترجمة Group Life
الفصل الرابع ( الآن )
على السطح تبدو اللحظة الحالية كواحدة من العديد من اللحظات .. كل يوم في حياتك يبدو كأنه يتكون من آلاف اللحظات .. حيث تحدث أشياء مختلفة ، لكن إذا نظرت بشكل أعمق ، أليست هناك هناك لحظة واحدة ؟ أليست الحياة دائماً هي هذه اللحظة ؟ ، هذه اللحظة الواحدة .. الآن .. هي الشيء الوحيد الذي لا يمكنك الهروب منه .. العامل المستمر الوحيد في حياتك مهما كان ما يحدث ، ومهما حدث من تغير في حياتك .. هناك شيء واحد أكيد أنه دائماً الآن ، وطالماأانه ليس هناك هروب من الآن ، لماذا لا نرحب به ونتصادق معه ؟!!
حين تتصادق مع اللحظة الحالية ستشعر بدفء المنزل أينما كنت .. حين لا تشعر بدفء المنزل في الآن لا يهم أينما تذهب ستحمل الشقاء معك! .. اللحظة الحالية هي كما هي دائماً ..
هل يمكنك أن تسمح لها أن تكون ؟ تقسيم الحياة إلى ماض وحاضر ومستقبل هو من صنع الإنسان ، وهو شيء وهمي .. الماضي والمستقبل هي أشكال للتفكير .. أفكار تجريدية عقلية الماضي يمكنك تذكره فقط الآن .. ما تتذكره هو حدث ، ولقد حدث في الآن ، وتتذكره الان .. المستقبل حين يأتي هو الآن ..
لذا الشيء الحقيقي الوحيد .. الشيء الحقيقي الكائن هو الآن .. أن تعير إهتمام للآن ليس إنكار لما تحتاج عمله في حياتك .. إنه إدراك لما هو أساسي ، ثم يمكنك التعامل مع ما هو ثانوي بسهولة كبيرة .. لا أقول أني لن أتعامل مع الأشياء مجدداً ؛ لأن الآن موجود دوماً .. الآن ابحث عما هو أساسي أولاً ، واجعل الآن صديقاً لك ، وليس عدواً .. أعترف به ، وقدّر قيمته ..
حين يكون الآن هو أساس وتركيز حياتك الرئيسي ستمتلأ حياتك بالسهولة .. ترتيب الأطباق .. رسم خطة للعمل .. ترتيب رحلة .. ما هو الأكثر أهمية .. العمل ؟ أو النتيجة التي تريد تحقيقها من خلال العمل ؟ .. هذه اللحظة أم بعض اللحظات المستقبلية تعامل اللحظة الحالية على أنها عقبة يجب تجاوزها ، هل تشعر أن هناك لحظة مستقبلية أكثر أهمية تود الوصول إليها ؟ .. الكثير من الناس يعيشون معظم أوقاتهم بهذه الطريقة ..
طالما أن المستقبل لا ينشأ إلا كحاضر ، فإنها طريقة خاطئة للحياة .. إنها تنشىء تيار تحتي مستمر من القلق والتوتر وعدم الرضا ، وهذا لا يقدر قيمة الحياة ، والتي هي الآن ، ولم تكن أبداً غير الآن .. اشعر بالحياة داخل جسدك .. هذا يقحمك داخل الآن .. أنت لا تتحمل مسؤولية الحياة بشكل كامل ، حتى تتحمل مسؤولية هذه اللحظة الآن ..
هذا لأن الآن هو المكان الوحيد الذي يمكنك أن تجد فيه الحياة .. تحمل مسؤولية هذه اللحظة يعني أن لا تعارض داخلياً وجود الآن .. ألا تجادل فيما هو كائن .. هذا يعني أن تتحالف مع الحياة .. الآن هو كما هو ؛ لأنه لا يمكن أن يكون بشكل آخر .. ما عرفه دوماً بوذا الفيزيائيون يؤكدونه الآن !!!! ..
ليست هناك أشياء أو أحداث منعزلة تحت السطح الظاهر .. كل الأشياء متصلة كجزء من الكون الكلي الذي يصنع الشكل الذي يأخده الآن ، حين تقول نعم لما هو كائن .. تصبح حليفاً لقوة وذكاء الحياة ذاتها ، حينها فقط يمكنك أن تصبح عامل للتغير الإيجابي في العالم ..
تدريب روحاني بسيط ، ولكن جذري هو أن تتقبل أي ما ينشأ في الأن بالداخل وبالخارج .. حين يتحرك إهتمامك إلى الآن تكون هناك يقظة ، كأنك تستيقظ من حلم .. حلم الأفكار .. حلم الماضي والمستقبل مع وضوح كهذا وببساطة كهذه لن يكون هناك مكان لصناعة المشاكل .. فقط هذه اللحظة كما هي .. اللحظة التي تدخل فيها إلى الآن بإنتباهك ستدرك أن الحياة سر .. هناك سر في كل شيء تدركه ، حين تكون حاضراً …
كلما عشت في الآن كلما شعرت بعمق السعادة في الحياة وسر الحياة بأسرها …
كثير من الناس يخلطون بين الآن وما يحدث في الآن ، لكنه ليس كذلك .. الآن أعمق مما يحدث فيه! .. أنه المساحة التي تحدث فيها الأشياء ، لذا لا تخلط بين محتوى هذه اللحظة والآن .. الآن أعمق من أي محتوى ينشأ فيه ..
حين تدخل إلى الآن تخرج خارج محتوى عقلك .. تيار التفكير المتواصل يبطىء.. لا تمتص الأفكار إهتمامك بالكامل بعد الآن ، ولا تغرقك بالكامل .. تنشأ الثغرات بين الأفكار .. المساحات .. السكون ، وستبدأ بإدراك كم أنت أعمق وأكبر من أفكارك
اقرأ أيضاً: السلام الداخلي
هل ساعدك هذا المقال ؟