– رسائل جبران الى مي زيادة:
.
أنت تحيين في وأنا أحيا فيكِ ، أنتِ تعلمين ذلك وأنا أعلم ذلك٠
– – – – – – – – – –
يجب أن لا نتعاتب يجب أن نتفاهم ، ولا نستطيع التفاهم إلا إذا تحدثنا ببساطة الأطفال٠
– – – – – – – – – –
فإسمعي يا صغيرتي الحلوة: إذا تخاصمنا في المستقبل ( هذا إذا كان لا بد من الخصام ) يجب أن لا نفترق مثلما كنا نفعل في الماضي بعد كل معركة. يجب أن نبقي برغم الخصام تحت سقف بيت واحد حتى نمل الخصام فنضحك أو يملنا الخصام فيذهب هازاً رأسه .
– – – – – – – – – –
في بعض الأحيان أناديك بأسماء ..
لا يعرف معناها غير الآباء المحبين ..
والأمهات الحنونات !
– – – – – – – – – –
استعطفك يا صديقتي أن تكتبي إلي ، واستعطفك أن تكتبي إلي بالروح المطلقة المجردة المجنحة التي تعلو فوق سبل البشر. أنت وأنا نعلم الشيء الكثير عن البشر ، وعن تلك الميول التي تقربهم إلي بعضهم البعض ، وتلك العوامل التي تبعد بعضهم عن البعض. فهلا تنحينا ، ولو ساعة واحدة عن تلك السبل المطروقة ووقفنا محدقين ولو مرة واحدة بما وراء الليل بما وراء النهار بما وراء الزمن بما وراء الأبدية ؟ والله يحفظك يا ” مي ” ويحرسك دائماً .
– – – – – – – – – –
تسألينني يا سيدتي ما إذا كنت وحيد الفكر والقلب والروح ، فبما يا ترى أجيبك؟ أشعر أن وحدتي ليست بأشد ولا أعمق من وحدة غيري من الناس. كلنا وحيد منفرد. كلنا سر خفي. كلنا محجوب بألف نقاب ونقاب ، وما الفرق بين مستوحد ومستوحد سوى أن الأول يتكلم عن وحدته والثاني يظل صامتاً. وقد يكون في الكلام بعض الراحة ، وقد يكون في الصمت بعض الفضيلة.
– – – – – – – – – –
أتعلمين يا مي، أني ما فكرت في الانصراف ( الذى يسميه الناس موتاً ) إلا وجدت في التفكير لذة غريبة، وشعرت بشوق هائل إلى الرحيل، ولكني أعود فأذكر أنَّ في قلبي كلمة لا بد من قولها، فأحار بين عجزي واضطراري، وتغلق أمامي الأبواب.
لا، لم أقل كلمتي بعد، ولم يظهر من هذه الشعلة غير الدخان، وهذا ما يجعل الوقوف عن العمل مرا كالعلقم. أقول لك، يا مي، ولا أقول لسواك: إني إذا انصرفت قبل تهجئة كلمتي ولفظها، فإني سأعود ثانية لتحقيق أمنيتي، سأعود لأقول الكلمة التي تتمايل الآن كالضباب في سكينة روحي.
أتستغربين هذا الكلام؟ إن أغرب الأشياء أقربها إلى الحقائق الثابتة، وفي الإرادة البشرية قوة واشتياق يحوِلان السديم فينا إلى شموس
– – – – – – – – – –
وأنا أجيبك ” لا أدري. لا أدري. لا أستطيع الصراخ وهذه هي علتي . هي علة في النفس ظهرت أعراضها في الجسد. ، ” وتسألين الآن ” إذن ما أنت فاعل ؟ وماذا عسى تكون النتيجة ؟ وإلى متى تبقى هذه الحالة ؟ “
” أقول إنني سأشفى. أقول إنني سأنشد أغنيتي فأستريح. أقول إنني سأصرخ من أعماق سكينتي صوتاً عالياً. بالله عليك لا تقولي لي ” لقد أنشدت كثيراً وما أنشدته كان حسناً. لا تذكري أعمالي ومآثري الماضية لأن ذكرها يؤلمني. لأن تفاهتها تحول دمي إلى نار محرقة. لأن نشوتها تولد عطشي. لأن سخافتها تقيمني وتقعدني ألف مرة ومرة في كل يوم وفي كل ليلة. لماذا كتبت تلك المقالات وتلك الحكايات ؟ لماذا لم أصبر ؟ لماذا لم أضن بالقطرات فأدخرها وأجمعها ساقية ؟ وقد ولدت وعشت لأضع كتاباً – كتاباً واحداً صغيراً – لا أكثر ولا أقل. قد ولدت وعشت وتألمت وأحببت لأقول كلمة واحدة حية مجنحة لكني لم أصبر. لم أبق صامتاً حتى تلفظ الحياة تلك الكلمة بشفتي. لم أفعل ذلك بل كنت ثرثاراً فيا للأسف ويا للخجل ! ، وبقيت ثرثاراً حتى أنهكت الثرثرة قواي ، وعندما صرت قادراً على لفظ أول حرف من كلمتي وجدتني ملقى على ظهري وفي فمي حجر صلد .
” لا بأس .. إن كلمتي لم تزل في قلبي وهي كلمة حية مجنحة ولا بد من قولها. لا بد من قولها لتزيل بوقعها كل ما أوجدته ثرثرتي من الذنوب. لا بد من إخراج الشعلة “
– – – – – – – – – –
…
– من رسائل مي زيادة لـ جبران خليل جبران :
.
ما معنى هذا الذي أكتبه ؟ إني لا أعرف ماذا أعني به ، ولكني أعرف أنك محبوبي ، وأني أخاف الحب. أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير. كيف أجسر علي الإقضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه ؟ لا أدري. الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كانت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام. ولاختفيت زمناً طويلاً ، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسي. حتي الكتابة ألون نفسي عليها ، لأني بها حرة كل هذه الحرية .. أتذكر قول القدماء
– – – – – – – – – –
إني أخاف من الحب كثيراً ، ولكن القليل من الحب أيضاً: لا يرضيني !
– – – – – – – – – –
” هذه مصيبتـي منذ أعوام ”
( عبارة كتبتها مي زيادة على صورة جبران خليل جبران)
– – – – – – – – – –
هل ساعدك هذا المقال ؟