( آه لو لعبت يا زهر .. ! )
هذه الجملة تختصر حياة الكثير من المصريين ، فهم يرون أن الحياة مجرد لعبة قمار قائمة علي الحظ بنسبة 100% ، فالكون كله بالنسبة لهم قائم علي العبثية والحظ ، فعلي سبيل المثال: الشخص منهم يرمى بالنرد في حياته المهنية وإذا حصل علي الكثير من المال يفرح ويفتخر بما كسب ويقول أن حظه جيد ، وإذا حصل علي القليل من المال أو لم يحصل علي مال من الأساس وخسر كل ماله يصرخ ويبكي ويصيح ويتفنن في عيش دور الضحية المظلوم البائس ، ضحية هذا المجتمع وضحية هذا الكون العبثي الظالم ويردد دائماً ويقول أن حظه سيء والكون عبثي ظالم .
فهو أجبن من أن يقول أن الله ظالم أو أن الله أخطأ عندما خلق كون عبثي يحرمه من حقوقه ويعطى من لا يستحق ! ، بينما هو نفسه والذي يرى نفسه أنه الأحق لا يأخذ أي شيء إلا الفتات وإن أخذ الكثير من أي شيء في هذه الحياة فهو يأخذ فقط الكثير من الألم والكثير من الحزن والكثير من الفقر المادي والمعنوي .
أتعلم أنا أحترم ذلك الذي يقول لي أو علي الأقل يقول لنفسه .. أي بينه وبين نفسه يتحدث بوضوح وقوة وصراحة وعفوية ويقول أن الله ظالم .. أن الله غير موجود .. أن الله موجود ولكنه أخطأ عندما خلق كون ظالم عبثي لا قوانين له .. أن الله يعطي من لا يستحق بينما من يستحق لا يعطيه أي شيء حقيقي … الخ الخ .
* أتعلم لماذا أحترم ذلك الإنسان !؟
– لأنه في الحقيقة لن يصارع الله ولن يصارع الكون ولن يصارع الشيطان ! .. فهو لن يواجه الله ولن يواجه الكون ولن يواجه الشيطان !! ، فهو سيواجه أكبر وأقوى عدو له في حياته وهي نفسه الحالية الموروثه وهي التي صنعها التراث الأهلي والمجتمعي الذي حفر كل أركانها وأفكارها وحتي مشاعرها وردود أفعالها بداخل رأسه بالضغط وبالإجبار وبالقوة .. حتي يصير عاقل في نظرهم ويمنحونه رضاهم .. حتي يصير فرداً في قطيعهم ..
سيواجه نفسه المزيفة ، نعم هي بداخله تعيش ولكنها مزيفة بالكامل لا تنتمي إليه ولا تنتمي لقلبه ، ولكنها تنتمي لغروره وكبره والأنا بداخله التي أسسها أبواه ومجتمعه بعد أن قاما بتدمير فطرته وطفولته وبرائته وسعادته ، والآن أصبح فرداً في قطيعهم ، يخضع لأصنامهم ولأفكارهم ولعاداتهم ، والأكثر غرابة ذلك القطيع الذي يدعي العقل وأنهم يملكون العقل والمنطق وهم أبعد ما يمكن عن العقل الذي يمنحهم الحرية والسعة والسعادة والحب والمال أيضاً ، وأقرب ما يمكن من الهراء والسخف البشري الذي يمنحهم القيود والضيق والتعاسة والكره والفقر المالي أيضاً .
أتعلم أن الأمر لا يتوقف علي حياتهم المهنية فقط ! ، أنا ذكرت حياتهم المهنية كمثال ، ولكن الأمر يسير علي كل أركان حياتهم ، فحتى نصف حياتهم الآخر ومع من سيعيشونه ومن يتزوجونه يختاروه بشكل عبثي كرمى النرد في لعبة القمار الخاصة التي صنعها الأهل والمجتمع .. حياتهم بالكامل عبثية قائمة علي المخلفات والقذورات ثم ينتظرون أن يعيشوا حياتهم في حديقة من الأزهار والبحار .. حياة حية مليئة بالأحلام ، ولا يعلمون أنهم إن عاشوا حياة جميلة وسعيدة وداخلهم مزيف عبثي .. مجرد ركام من التراب ونفايات الآخرين والمجتمع فإنه عندها سيكون الكون ظالم قائم علي العبث والحظ .
عبدالرحمن مجدي
هل ساعدك هذا المقال ؟