1- ما هي الرحمة ؟
تناولت كعك العيد من يد صديقتى (ايكارا) ، و قد أعدته هى بنفسها .. قلت لها باسما : سلمت يداك ، ما أشهى طعامك ! .. إنى آكل تلذذا رغم الشبع ! ..
ابتسمت فى عذوبة قائلة : هنيئا مريئا يا صديقى .. مع كل طعام طيب جديد ، تكتسب النفس وعى ايجابى جديد ..
احتست (ايكارا) قليلا من الشاى ، ثم تابعت :
هل تعتقد أن صاحب الجنة يأكل منها لأنه جائع !؟ .. لا يوجد جوع فى الجنة .. إنما يأكل فقط للمتعة .. الاستمتاع درجة عليا من درجات تذوق الرحمة ، و نحن مخلوقون لنتذوق رحمة خالقنا : (وليذيقكم من رحمته) ~الروم : 46 .. هكذا ننمو و نتطور .. لا تنس أن نمونا كان من موضع يسمى : الرحم ، و هو اسم مشتق من الرحمة .. و أن خبراتنا الأولى قد اكتسبناها داخل هذا الرحم ..
الرضيع يصرخ بعد ولادته ، لا من أجل الجوع ، بل ليستعيد مذاق الرحمة الأولى التى اختبرها بنفسه عندما كان جنينا .. حتى بعد شهور من ولادته ، يبكى الرضيع عند استيقاظه من نومه لنفس السبب : فبمجرد أن يحتضنه والده أو والدته يهدأ ، و يعود فيغفو مرة أخرى .. إن المحرك له هنا ليس الجوع ، و انما طلبا للنمو الوجدانى الناتج عن تذوق الرحمة ..
لنفس السبب يضع الطفل كل شىء يمسكه بيده فى فمه ، لأن دافع الفطرة داخله يحركه نحو النمو و التطور بالسعى دائما إلى تذوق الرحمة ، حتى و إن كان تذوقا مباشرا بسيطا كهذا ..
أما الجوع عندما يحرك المرء فإنه يصبح مثل النار التى تأكل و لا تشبع .. فطبيعة النار لا يحركها إلا دافع الجوع ، فتأكل كل ما يقترب منها ، حتى إذا لم تجد شيئا تأكله ، أكلت بعضها بعضا ..
إن الجوع وسيلة تحطيم ، و ليس وسيلة تطور أو نمو .. و لهذا من أسماء النار : الحطمة ، فهى تحطم من فيها تحطيما ..
ابتسمت (ايكارا) و هى تشير إلى فراشة تطوف حول زهرة قريبة فى حديقة المنزل، ثم نظرت إلى وهى تقول فى مودة :
و لعل هذا هو الفرق بينك و بين الفراشات ! .. الفراشة لا يمكنها أن تتطور ، لأنها مثل باقى فصائل المملكة الحيوانية ، لا يحركها إلا الجوع .. أما الإنسان فيمكنه ذلك : أن يتطور جسديا ، و عقليا ، و نفسيا ، و أن ينمو إدراكه و وعيه ، حين يصبح الدافع الذى يحركه فى الحياة : أن بتذوق رحمة خالقه .. هكذا أصحاب الجنة .. و أصحاب الجنة هم الفائزون ..
~ايكارا
محمد صبحي
.
اقرأ أيضاً: الرحمة في الاسلام – فوائد الرحمة وآثارها
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!