الرئيسية » معلومات عامة مفيدة » مفهوم الزمان والمكان في الفلسفة

مفهوم الزمان والمكان في الفلسفة

بواسطة عبدالرحمن مجدي
938 المشاهدات
اهمية الوقت
أنهى أطفالك العام الدراسي بنجاح وتفوق.. وكمكافأة لأولئك الصغار، قالت لهم أمّهم أنها ستعطي كلّاً منهم غدا مبلغا من المال لينفقوه في عطلتهم.. وسيجدونه تحت وسائدهم عندما يستيقظون.. لكن بشرط أن يناموا باكرا اليوم.. وافق الأطفال بفرح وذهبوا إلى أسرّتهم.. نام الأول في تمام الثامنة.. الثاني بعده بنصف ساعة.. وأسلم الثالث عينيه للنوم في التاسعة ليلا.. بينما بقيت أنت وأمهم ساهرين.. في منتصف الليل، وضعت أمهم النقود تحت الوسائد.. بينما وقفت أنت تنظر بفرح لأطفالك النائمين.. قائلا لنفسك، أنها ليست سوى ساعات قلائل ويستمتع الأطفال بجوائزهم..
 
في الحقيقة أن جملتك هذه صحيحة وخاطئة في الوقت نفسه.. بالنسبة لك، هي فعلا ساعات قلائل حتى يستمتع الأطفال بجوائزهم.. لكنك تقول ذلك فقط لأنك راقبت هذه الساعات.. لكن بالنسبة لهم فقد أخذ كل منهم جائزته في اللحظة نفسها التي نام فيها!! مردّ ذلك أن الزمن هو مفهوم نسبي.. وما يهم الإنسان منه ليس ما تقوله الساعة، بقدر إحساسه هو نفسه بالزمن.. والأطفال في نومهم لا يحسون بمرور الوقت.. وبالتالي فبالنسبة لهم، لم تمرّ سوى لحظة واحدة بين إغماض العين وبين العثور على الجائزة..
 
الموت يعمل بنفس هذه الآلية.. وبالتالي اعتقادك أن على أبي جهل مثلا أن ينتظر آلاف الأعوام الأخرى وأشراط الساعة الكبرى والصغرى وغيرها من الأشياء التي تجعل يوم القيامة بعيدا جدا هو اعتقاد خاطئ تماما.. لقد نال أبو جهل عقابه بالفعل.. ولم يكن بينه وبين عقابه أكثر من غمضة عين.. لكن بالنسبة لك، فهذا لم يحدث بعد..إنما بالنسبة له فقد حدث.. تماما كما كنت تعتقد أن الأطفال لم يأخذوا جوائزهم بعد وعليهم أن ينتظروا عدة ساعات.. لكنهم في الحقيقة قد أخذوها.. ولم يكن بين نومهم وصحوهم سوى ثوان معدودة..
 
ربما من الصعب علينا أن نفكّر بنسبية الزمن على هذا النحو.. لكن هذه هي الحقيقة.. كل أولئك الذين ماتوا قد لاقوا مصائرهم بالفعل.. وفي نفس اللحظة التي ماتوا فيها لكن ليس بالنسبة لك.. بالنسبة لك هم لا يزالون ينتظرون في مكان ما.. لكن هذا ليس مهما فعلا.. المهم أن تدرك أنت.. أن يوم القيامة هذا الذي يبدو بعيدا جدا ويفصلك عنه آلاف السنين وعشرات الأحداث ليس كذلك بالفعل، قد يبدو ذلك صحيحا بالنسبة لمن سيأتون بعدك.. إنما ليس لك.. فليس بينك وبين أن تلقى نتيجة أعمالك سوى أن تغمض عينيك.. بكل ما يمكن أن يحمل هذا من صبر أو خوف أو كليهما..
 
 
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !