الرئيسية » خواطر » خواطر جميلة » خواطر عن المرض والتعب

خواطر عن المرض والتعب

بواسطة عبدالرحمن مجدي
2074 المشاهدات
من آداب زيارة المريض
سواء كان الحيوان لاحما أم عاشبا، فإن تعرّضه للمرض في الغابة يعتبر حكما سريعا بالإعدام.. لأنه في اللحظة التي يمرض فيها الحيوان يقوم القطيع بطرده.. وبالتالي إما يخسر قدرته على المشاركة في الصيد وبشكل تلقائي المشاركة في الطعام فينهشه الجوع حتى الموت.. أو إذا كان عاشبا فهو يخسر حماية القطيع، ويكون فريسة سهلة لحيوانات أخرى.. وهذا ما يجعل المرض إحدى أسوأ كوابيس الحيوانات.. وكوابيسنا نحن أيضا..
 
ذلك أننا ندرك بحدسنا الداخلي، أننا حتى وإن لم نترك لنموت كما يحدث في الغابة.. إلا أن كثيرا مما يحدث في الغابة سيحدث معنا أيضا.. فالاهتمام الغامر في البداية، ومهما كان حقيقيا وأصيلا إلا أنه ومع مرور الوقت سيبهت.. وسينفضّ عنا الناس وينشغل كل إنسان بما يشغله.. وسنصبح نحن كمرضى عبئا على من حولنا وإن لم يقولوا لنا ذلك.. لكننا رويدا رويدا سنلمحه.. حتى في عيون أقرب الناس لنا.. وطبعا، نحن هنا لا نتحدث عن مرض عابر كانفلونزا موسمية أو ضرس ملتهب.. لكن عن مرض يقعدك عن كسب رزقك.. ويتطلب أن يقوم شخص ما برعايتك والاهتمام بحاجاتك الأساسية..
 
هذا الإدراك الداخلي لاحتمال أن نتحول إلى أجساد عاجزة وعبء دائم على الناس يتأففون ويهربون منه، يملأنا بالهشاشة والرعب.. ويجعل الآثار النفسية للمرض أعمق بكثير من الآثار الجسدية.. ويجعل بالتالي الاهتمام بالحالة النفسية للمريض أهمّ من سكب العقاقير في فمه..
 
من هنا، فإن التمريض كما أراه، ليس الوجه الآخر للطب.. أو ممارسة مساندة له.. بل يكاد يكون هو الطبّ كلّه.. وبعكس المغالطات التاريخية أن رفيدة الأسلمية كانت أول ممرضة في التاريخ أو أن الإنجليز كانوا أول من اخترع التمريض.. التمريض قديم قدم المرض نفسه.. وقامت به الأمّ قبل أي شخص آخر.. لأنه حتى وفِي الزمن الأول حين كان مشعوذ القبيلة يغلي لنا بعض الأعشاب، كان الدور الأكبر للشفاء مرهونا بالأم نفسها.. كانت هي التي تمضي معظم الوقت معنا.. تمسح على قلوبنا.. تنظف جروحنا.. تساعدنا في قضاء حوائجنا.. وتطمئن قلوبنا أننا سنكون بخير.. وسننجو.. وما هي إلا أيام ونعود لاصطياد الغزلان مرة أخرى..
 
وبرغم حنان أمهاتنا في السابق.. وتفاني الممرضين والممرضات في رعايتنا في هذه الأيّام.. وبرغم التطور الهائل في الطب والأجهزة والمسكنات.. إلا أن جزءا من قلب المريض يبقى مسكونا بالقلق والخوف.. خصوصا إذا ما جنّ الليل ونام الناس.. وجلس مع نفسه وهو ينظر إلى جسده الجريح وهو يتساءل إن كان هذا الجسد سيشفى وينهض أم لا.. هذا القلق الذي لا أعتقد أن شيئا قد يهدئه إلا أن يزور الله عبده المريض.. ويمسح على قلبه.. وهكذا أفهم الحديث القدسي عندما تحدث الله عن المريض فقال.. “أما إِنَّكَ لو زرته.. لوجدتني عنده”..
 
– هذا مما كتبته على سرير المرض قبل عام من الآن.. وتحية لكل ممرض أو ممرضة خففوا الرعب عن قلوب المرضى.. أنتم رسل الله في هذا الموضع..
 
 
هل ساعدك هذا المقال؟ .. شاركه الآن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !