زار شخص أعمى أصدقاؤه ، وكان الوقت ليلا عندما غادر ، فأعطوه شمعة .
“شكرا لكم لكنني لا أحتاجها ، لأن النهار والليل ، هما الشيء ذاته بالنسبة لي ” .
“نعم ، احملها بأية حال ، كي لا يصطدم بك الناس” .
أخذ الأعمى الشمعة ، وسرعان ما اصطدم به شخص عابر وصرخ : “لماذا لا تنظر إلى أي اتجاه تذهب ؟”
“لماذا ، ألم تر الشمعة معي ؟” .
قال الآخر : “عذرا يا أخي ، لكن شمعتك مطفأة” .
إن الكتب المقدسة في رؤوس الناس ، الذين لا يعرفون التأمل ، تشبه تماما شمعة في يد الأعمى ، الذي لا يستطيع أن يعرف ، إن كانت الشمعة مضاءة أم مطفأة ، وتشبه من يحمل عبئا لا فائدة منه ، إن كان الأعمى يتحرك دون شمعة ، فسيصبح أكثر حذرا ، لكنه كان يسير وكأنه يرى ، وقد تخلى عن حذره ، لأن المصباح بيده .
هذا ما حدث مع الإنسانية كلها ، إن الناس لديهم كتب مقدسة ، وهي عبارة عن شموع مضاءة وجميلة جدا ، لكن عيناك لا تريان ، والكتب المقدسة كانت مضاءة ، منذ خمسة آلاف سنة ، أو ثلاثة آلاف ، أو ألف سنة ، لكن ضوءها قد تلاشى منذ زمن طويل ، عندما مات كريشنا ، خبا ضوء كتاب (الغيتا) المقدس ، والحالة نفسها مع الكتب السماوية الأخرى ، عندما يموت المعلم فإن الضوء يخبو .
لكن الناس مستمرون بحملهم الكتب المقدسة ، ومؤمنون بها ، ويأملون أن تبقى حياتهم مليئة بالضوء ، لأنهم يحملون رسالة المعلم العظيم ، إن الرسالة ليست أكثر من كلمات تشكل عبئا لا لزوم له ، وإن اختفت الكتب المقدسة من العالم ، يصبح كثير من الناس أكثر حذرا ووعيا بكثير ، وربما يبدأ الإنسان بالبحث عن منبع الضوء ، من تلقاء نفسه ، لأنه لن يجد شيئا يعتمد عليه ، وسوف يتعلم كيف يقف على قدميه .
– – – – – – – – – –
إن الوجود مصنوع من مادة…
تسمى معجزة…
إنه معجزة من طرف إلى آخر…
ولا تحتاج إلا للعيون…
التي لا زالت قادرة على العجب…
العيون التي لا زالت شابة…
فالعيون التي…
لم تعد قادرة على العجب…
هي عيون عمياء هرمة ميتة…
نظف عيونك من الغبار…
وأعني بالغبار المعرفة…
إن كان باستطاعتك…
تعلم شيء واحد معي…
إن كان باستطاعتك تعلم العجب…
فقد تعلمت كُل شيء…
إن كان باستطاعتك نسيان معرفتك…
فقد تعلمت كُل شيء…
إن كان بإمكانك أن تصبح بريئاً من جديد…
كما كُنت في الطفولة…
فسوف تصبح قريباً جداً من الله…
– – – – – – – – – –
إننا نحيط أنفسنا بدرع حديدي ، بقفص وهمي من المعتقدات و العقد المعقدة المعلبة ، لكنه مجرد درع ، و هو لا يتمسك بنا ، بل نحن نتمسك به ، و حالما نصبح واعيين له سيذوب حالا ، سيموت بمجرد أن نتخلى عنه ، لكنك لا تحمل هذا الدرع فحسب ، بل تجعله يثقل و يكبر باستمرار من خلال كل تلك الأفكار و الأوهام و الأحلام .
اخرج منه ليخرج منك ، اخرج من مقبرة التقاليد ، و حطم كل تلك الأسوار و الجدران ، اخرج من عالم الصقيع و الجليد و الحجر ، من عالم الجهل و الحقد و الضجر ، و افتح قلبك ليدخل نور الشمس و القمر ، و لتتفتح أزهار الفرح .
عد كالأطفال ، فالأطفال يتمتعون بالحرية والبراءة ، بالانطلاق و التناغم ، فالجسد كله وحدة واحدة متكاملة لا وجود للحدود ، و لا وجود للسدود و القيود ، الرأس و القدمان بنفس الأهمية .
– – – – – – – – – –
تستطيع أن تتصور السعادة ، فقد عرفت أجزاءا ً ونُتفاً منها ، ويمكنك أن تتصور التعاسة ، فقد عرفتها وعرفت الكثير منها ، تستطيع أن تتصوّر السعادة حتى لو لم تعرفها .. إذ يمكنك أن تتصورها على أنها نقيض التعاسة ، ولكن كيف تستطيع أن تتصور النشوة ؟ فأنت لا تعرفها ، ولا يوجد شيء نقيض لها ، فهي ليست مزدوجة ، وهي عصية على التصور .
– – – – – – – – – –
التحرر من الأوهام هو البوابة ، وبعدها يمكن أن تتحول .
انظر إلى الأشياء على حقيقتها ، مهما كان الثمن ، إذا شعرت أن أناك سوف تتحطم إذا نظرت إلى الأشياء كما هي ، فدعها تتحطم ، وكلما كان ذلك أبكر ، كلما كان أفضل ، إذا شعرت أنك ستبدو كالحيوان إذا نظرت إلى كيانك كما هو ، فليكن ذلك ، فهذا هو أنت ، سوف تكون هيبتك في المجتمع على المحك ، فليكن كذلك ، لأن المجتمع يتكون من أشخاص يشبهونك تماماً ، أشخاص مُضللون ، أن تكون محترماً من قِبَلِهم ، فذلك ليس احتراماً على الإطلاق ، أن تكون محترماً من أشخاص نائمين ، وحالمين ، فالأمر ليس بذي أهمية .
– – – – – – – – – –
تابع مراقبتك لعقلك ولاحظ كم هو متباه ! كم هو مستمر بقول الكثير من الأشياء التي لم يختبرها ، وهذا نفاق وخداع ! إن لم تكن تعرف شيئا فقل ذلك بوضوح لنفسك وللآخرين ، فإن الصدق يساعدك ، وإن كنت تعرف شيئا فقل ما تعرف ، وستخف أعباؤك ، لأن تسعا وتسعين بالمائة من المعرفة التي تحملها ، هو مجرد عبء كونها ليست تجربتك ، كونها مستعارة ، وكل مستعار غير حقيقي ، أيا يكن من أخذتها منه فلا فرق ، ربما أخذتها من شخص يعرف ، ربما من (كبير) ، أو من (المسيح) ، أو (كريشنا) ، ليس هناك من فرق ، لأنه في اللحظة التي تستعيرها فيها ، تصبح زائفة … فلا يمكن لأحد استعارة الحقيقة .
– – – – – – – – – –
السعادة…
ليست شيئاً يأتي من الخارج…
وإنما هي شعور يأتيك…
عندما يتحرك كل كيانك الداخلي…
حركة هذا الشيء الكامل…
هي نعمة وسعادة بحد ذاتها…
السعادة ليس شيئاً يحدث معك…
وإنما شيء ينبع من داخلك…
وذلك بسبب…
الإنسجام في وجودك الداخلي…
– – – – – – – – – –
السعادة والنشوة الروحية ليست صدفة…
وإنما هي فطرة طبيعية لوجودنا…
وهي لا تتعلق ولا تعتمد على أي شيء…
لأنها مطر الحياة وتدفقها…
وهي تنفس الحياة بحد ذاته…
نعم إنه لأمر عجيب أن تكون بائساً جداً…
وأن تتعذب من العطش…
بينما توجد النعمة كالمطر في كل مكان حولك…
نعم لقد فعلت المستحيل حقاً !…
الضوء موجود في كل مكان…
وأنت تعيش بشكل مباشر في الظلام…
الموت ليس في أي مكان…
ولكنك تموت وتجد الموت بشكل مستمر!…
الحياة نعمة وبركة وأنت تعيش في الجحيم!…
كيف استطعت فعل ذلك؟…
لقد حصلت على كل هذا الشقاء…
من خلال انقسامك ، من خلال تفكيرك…
التفكير يعتمد على الفصل والتقسيم والتحليل…
أما التأمل…
فيحدث عندما لا يكون هناك تحليل ولا تقسيم…
عندما يصبح كُل شيء مُركباً …
عندما تصبح كُل الأشياء شيئاً واحداً…
– – – – – – – – – –
إن التركيز أمر موضوعي ، بينما التأمل ليس فيه هدف . في هذا الوعي غير المُخير ، يختفي التفكير ، لأن التفكير يبقى فقط عندما يكون الوعي ضيقاً و محدوداً . عندما يكون الوعي واسعاً ، و مُنفتحاً على مصراعيه ، لا يُمكن للتفكير أن يتواجد . يُوجد التفكير فقط مع الاختيارات .
إن التفكير هو حالة ضيقة من الوعي ، حيث يتدفق الوعي من خلال ممر ضيق ، و من خلال قناة . أما التأمل فهو الوقوف فقط تحت سماء مفتوحة مُتاحة أمام كل شيء ….
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
.
اقرأ أيضاً: كلمات راقت لي وقد يحتاجها غيري
اقرأ أيضاً: مجرد كلمات راقت لي
.
هل ساعدك هذا المقال ؟