أليس من المفاجئ أن تبدأ سورة اسمها النور بالزاني والزانية ، ما أهمية الزنى لتفتتح سورة تحمل هذا الاسم العظيم آياتها بكيفية التعامل مع هذه العملية وما الرابط بين النور والزنى .. ؟؟ .
في الواقع أن تعاليم جميع الأديان تشدد على هذه الظاهرة وإن بقي مفهوم أسبابها والأخذ بهذه الأسباب سطحي للعامة التي تشكل الغالبية المطلقة ، فنجد في المسيحية مثلاً أن الرهبان يوثقون العهود لتنذير أنفسهم للطهارة والإبتعاد عن الجنس من أي نوع ، وتحذو حذوهم باقي الأديان بشكل أو بأخر .
الزنى بشكل عام هو أي إهدار للطاقة الجنسية نتيجة إختلال في الميزان . صحيح أن الطاقة الجنسية جذورها في الغدد الجنسية لكنها تمر على كامل النظام الغددي وصولاً إلى الغدة الصنوبرية والنخامية مركز البصيرة والنور ، وهذا بالضبط سبب الإرتباط بين السورة والأية الافتتاح .
نحن نعلم أن جميع أشكال الحياة ناتج عن الجنس وطاقة الجنس تحديداً .. بدأ بالأرض نفسها والتي تحيا بنفس العملية الجنسية ولكن عن طريق إتصالات كيميائية .. إذاً فإن كان الأمر كذلك ، وهو كذلك فعلاً ، فالوعي أيضاً يحيا من نفس الطاقة .
* * * * * * * * * *
حاول أن تعود بذاكرتك إلى فترة البلوغ ، في الغالب ستجد أن بداية المشاكل قد ظهرت مع هذه الفترة ، وكأن قانون السببية والكارما يباشر عمله عندها ، فالربط بين التكليف والبلوغ بشكل ما له أصل نلاحظه من خلال هذه النافذة ، في هذه الفترة تبدأ الشهوات بإستلام زمام السيطرة ومنها ما يستمر مع المرء طوال العمر .
الوعي يجب تحريره من هذه الشهوات ، لاحظ أن العقائد الأرضية ، الأرباب المصنعة ، وأحلام الجنة و عذاب النار أيضاً من ضمن هذه الشهوات . الوعي المحرر يحتاج رعاية وتغذية ، يجب أن يسقى بماء الحياة ، إنما مرحلة البلوغ هي المرحلة التي يبدأ فيها إهدار الطاقة الجنسية وهي بالذات ما تغذي الوعي ، الكمية الصحيحة منها مع التدفق السليم وستصل للغدة الصنوبرية حيث مركز البصيرة ، كل من وصل مرتبة معينة من هذه البصيرة بدأ بفقدان شهوة الجنس تلقائياً ، وبالتأكيد هناك من يقرأ الأن ويعلم ما أتحدث عنه بالضبط .
تخزين هذه الطاقة بوعي هو ما يعمل على تسخيرها لنا بشكلها الصحيح ، ما أقصده هنا أن الكثير ممن يحاول هذا لا يقوم به بطريقة صحيحة ، هل رأيت فيل هائج يقوم بتفريغ الطاقة عن طريق العنف و العراك وتدمير كل ما حوله ، هذا ما يفعله معظمنا وإن كان ربما لا يسلك سلوك عنيف إنما بطرق أخرى تتمثل في البغض والكره والحقد والأذى … وهنا لا بد أن نتعرض للسؤال الذي يتبادر في ذهن الجميع: هل هذا يعني أن نبتعد عن الجنس ؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتعرف أولاً على مفهوم مهم جداً : السكينة .
قال تعالى: ( لا تحزن إن الله معنا .. فأنزل الله سكينته عليه ) .
السكينة هو حضور المقدس ، ذلك الحضور الذي تحسه بكل خلية من خلاياك ، ذلك السكون الذي تستشعره داخلك في الكون من حولك وكأن كل شيء قد توقف .. فقط هدوء مطلق ، راحة مطلقة ،، كنت أتمنى لو تستطيع ريشتي أن ترسم لكم هذا الشعور أو يستطيع قلمي أن يصيغه كلمات ، لكنه أبعد كثيراً من أن يوصف .
في الانكليزية يطلق على ممارسة الجنس الحقيقي ( making love ) ، يصنعون الحب ، يمارسون الحب ، هذا ما يجب أن يكون عليه ممارسة الجنس ، بعيداً عن الشهوة الحيوانية ،، هذه الصناعة تطلق شرارة النار المقدسة المبارك من فيها وما حولها ،، هي مفتاح ذهاب الحزن وإنزال السكينة .
ولكن ماذا بشأن من لم يجد الصاحب والشريك ، هل يستطيع أن يصنع الحب وحده ؟! طبعا بكل تأكيد ، فكما ذكرت أن ممارسة الأرض للجنس يكون عبر عمليات كيميائية ، كذلك داخل جسدك الواحد ، المهم أن تبدأ بزراعة بذرة الحب في نفسك وستنتقل تلقائياً إلى أنثاك و ذكرك . أما الشهوة ، فستزول بلا أدنى شك وإن كنت اﻷن ربما لا تدري .
* * * * * * * * * *
مرحلة الغلام ما ندعوها بمرحلة المراهقة ، ليست متعلقة بسن أو نوع جنس ، هذه المرحلة عبارة عن صراع ما بين الروح ، الرغبات والشهوات ، والقيود المفروضة .
الروح في مرحلة الولادة تسعى للتعاظم وتتحرر من الأسر والأغلال فتسمو ، والمتمثلة بأناك العليا ، الرغبات تحاول التخلص من سلاسل المحيط للجري وراء شهواتها والمتمثلة بأناك السفلى ، القيود متمثلة بالطباع والمحيط.
الكتاب يخبرنا أن أناك السفلى بداية قتلت العليا ، وهي ضرورة لنشأة الوعي وتطوره بأن يبدأ من القاع ، ومع هذا الهبوط تكونت القيود لاحقاً .
الطاقة الجنسية أو لنقل طاقة الحياة بما أن البعض لا يرى وراء كلمة الجنس إلا الجنس نفسه تقوم بإحياء كل شيء ، وبالتالي إحياء أناك السفلى هو عملية طبيعية روتينية لهذه الطاقة في هذه المرحلة ، هذا مسارها المخصص لها على هذا المستوى .. نعم لكل أنا طاقة خاصة تعطيها قواها ولكن المنبع الرئيسي وما يمد هذه الطاقة السفلية بالحياة هي طاقة الحياة نفسها ، إنما من ضمن المستوى الهابط ..
قطع الإمداد سيفقد الأنا طاقتها وقوتها .. فالموضوع يعود ثانية للغلام المتشكل عن البذرة إن كان يقوم بتغذية الروح أم الرغبات ، تغذية الرغبات دوماً مرتبط بتفريغ طاقة الحياة لذا توجب قتل هذا الغلام وإلا بالتأكيد سيرهق أبواه إن كانا مؤمنين .. أبواه متمثلان بأنت وزوجك .. هنا قد بدأنا نقترب قليلاً من ممارسة الحب كفرد وزرع البذرة .
* * * * * * * * * *
– الارتداد والحب .
قال تعلاى: ( يا أيها الذين آمنوا من “يرتد” منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم “يحبهم ويحبونه” ) .
نقرأ الآية وكالعادة قراءة قلبية ,, يحبهم ويحبونه ,,, وهناك من يرتد ,, بشكل ما وكأن الحب عبارة عن قوة كونية جاذبية تعمل بنفس مبدأ الجاذبية المعروفة ,, كلما زاد الحب من طرف يزداد من الطرف الاخر وتعمقت الروابط ,, دوماً لتحقيق التوازن ,, وكلما ارتد طرف ,, خفت الروابط
* * * * * * * * * *
هل لاحظتم أن كل من أكل خازوق من أي نوع يطالعنا فوراً بمنشور يصف الحالة بشكل مباشر أو غير مباشر .. ما السبب يا ترى ؟ .
قال تعالى: ( خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ..) .
لاحظوا لفظة: لتسكنوا إليها .. وليس لتسكنوا بها .. ما الفرق ؟ .. لتسكنوا بها تبدو هذه الأزواج هي التي تغذي عملية السكن .. أما لتسكنوا إليها فتشعر معها وكأن هناك نوع من الفضفضة الحاصلة أدت لهذا السكن ، كل منا في وقت ما شعر أنه بحاجة لمن يسمعه ، ليس بالضرورة لحاجة كلمات تعاطف ولا حاجة لنصائح أو إرشادات ، أو حتى مجرد رأي ، فقط يسمع ، وبيسمع .. أعني أنه يعي ويدرك كل كلمة يقولها ، منغمس معك في كل حرف يخرج منك ، هذه بالضبط ما تعنيه كلمة مودة .. صاحب الخازوق أعلاه كان هذا ما يبحث عنه ليسكن ، أن يسترجع توازنه المفقود بسبب اختزان الطاقة السلبية المتشكلة كنتيجة للخازوق ، هو بحاجة فقط لمن يسمع فضفضته بمودة .
الآن لو عدنا للآية ، وكان لديك بعض الإلمام بتركيب العالم الروحي ستكتشف خطأ لفظي يقوم به معظم العامة من البشر وهو قولهم: أتحدث مع نفسي ، أجلس مع نفسي .. الخ ، في الواقع أنت تتحدث مع أحد أزواجك التي خلقت من أنفسك ، لهذا السبب معظمنا يحب أن يخلو بزوجه ، خصوصاً إذا أرتكب فعل أحمق حيث يجد زوجه بإنتظاره ليفضفض له فيسكن ، يجد المبررات وزوجه يسمع .
لولا ذلك لحدث إنفجار من التحميل الزائد للطاقة السلبية ، وأحياناً كثيرة لا يكتفي بالسمع بل تبدأ نقاشات حقيقية تماماً كما لو زوجك واقعي .. أخذ و رد ومحاولة وصول لنتيجة … إنما هل سبق وفكرت للحظة: هل تحب هذا الزوج؟ ، سمه نفس إن شئت .. قد يبدو سؤال غريب للوهلة الأولى إنما تأمل فيه .. هل يقوم بتوبيخك غالباً ؟؟ هل ترتاح لوجوده في حياتك ؟ .. هل تتمنى أن يصمت ؟ .
بالطبع أنت تعتبر وجود هذا الزوج كأمر مسلم به ، كما تعتبر وجود أسنانك مثلاً ،، هل تحب أسنانك ؟ هل فكرت في هذا الأمر قبلاً .. بالتأكيد لا .. فهي شيء مسلم به بالنسبة لك .. لكن ماذا سيحدث عندما يؤلمك ضرسك .. ستكرهها حتماً ، ستتمنى أن تقتلعها ، وما أن يزول الألم يعود كل شيء كما كان وإن كان هناك في البداية بعض الحب ، تحاول أن لا ترهقه ، توفر له أنسب أنواع الأطعمة ، … إلى أن تنسى الموضوع .
مع الزوج الموضوع مختلف ، فما بينكما رحمة ،، كل منكما يعطي فرصة جديدة للأخر على الدوام ، نعم قد يسبب لك بعض الألم النفسي ولكن للحظات فقط . أزواجك معك على طول الخط . هذه نقطة الولوج لنفهم كيف نمارس الحب كفرد .
* * * * * * * * * *
أنا أكتب ( العامل الأول ) … أنت تقرأ ( العامل الثاني ) … ما لم يحدث توحيد بين ما أكتب وما تقرأ فلن تفهم شيئاً .. هذا التوحيد يحتاج عامل ثالث .. الإدراك ،، إن كان ما أكتب خارج وعيك / وعائك فلن تستطيع أن تدركه … ما الحل ؟؟
يجب أن توسع وعائك .
من أين أحصل على الوعي ؟ .
أنت تتألف من أحد الجزئين أو كلاهما حتماً .. فاسد ( عامل أول) ، سليم ( عامل ثاني) .. بكل تأكيد الوعي محبوس في الجزء الفاسد ، لتحريره وتوسيع الوعي تحتاج عامل ثالث لإصلاح الفاسد … “صالح” .
قال تعالى: ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها “ليسكن” إليها فلما تغشاها حملت حملاً خفيفا فمرت به فلما اثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا “صالحا” لنكونن من الشاكرين )
هذه بداية كل من “عاد” .
* * * * * * * * * *
اقرأ أيضاً: الجنس والمرأة والرجل في حياة العقل الجمعي للعرب
اقرأ أيضاً: الجنس هل هو طريق إلى النجاح والوعي؟ من يصدق ذلك!
اقرأ أيضاً: ممارسة الجنس مقابل المال – الجنس فى مصر
اقرأ أيضاً: الحب والجنس هما الطاقتان الأقوي عند الإنسان
اقرأ أيضاً: متى تتزوج؟! – لا تتزوج من أجل الجنس..
.
هل ساعدك هذا المقال .. شاركه الآن !
1 تعليق
انا اكرر قرائه هذا الموضوع كل يوم 💙💙