” اعتاد مالكُ المصنع الذي أعمل فيه أن يُناديني بالُأميّة، وقد كان لديه ابنة في نفس عمري، دخلتْ المدرسة، فالكلية، ثم الجامعة، كنتُ أذهب إلى العمل في نفس الوقت الذي كانت تذهب هي فيه إلى التعليم، في الآونة الأخيرة تزوجها أحدهم من عائلة ثرية، وقد قدم والداها لها الكثير من المهر.”
“رفضت هي أن تذهب إلى أي وظيفةٍ لأنها لا تتناسب مع مستواها الاجتماعي كما تقول، فوالداها مُلزمَان بتقديم الهدايا لها في كل وقت.”
“وعلى العكس من ذلك، فإن راتبي يساعدُ والديَّ للعيش في بيت جيّد، وشراء الجيد من الطعام، ومع العمل الإضافي استطعتُ أن أرسل اخوتي الصغار إلى المدرسة ليتعلموا، لذا فإن عملي يحفظ كرامتي، ويسرني أن أكون أُميّة!”
.
” لطالما فقدتُ ثقتي بسبب وضعي الصحي. في بادئ الأمر كنتُ قلقة إزاء عدم قدرتي على توفير كل ما تحتاجه ابنتي لعجزي عن حملها أو الركض خلفها، فأنا أستغرق وقتًا أطول في إنجاز الأشياء وكنت أظن أن هذا سيزعجها. ولكن لم يتحقق أيًا من مخاوفي هذه، فهي متعايشة مع واقعنا وطبيعتي بشكلٍ مثالي جدًا، كان صبرها غير متوقعٍ أبدًا. حين نخرج من السيارة، تعلم هي جيدًا أن أول ما يخرج هو الكرسي المتحرك، ثم والدها، ثم والدتها، ثم أولغا. تَسعد هي كثيرًا عندما تجلس في حضني وعندما تتمدد على سريرنا أيضًا. وفي المنزل، لا أستعمل الكرسي المتحرك، بل أتكئ على كتفي زوجي بدلًا من ذلك وعندما رأتنا أولغا نفعل ذلك مؤخرًا، أتت خلفي وبدأت بدفع قدماي لتساعدنا. “
.
“رحل أبي وأنا في الثانية عشر، وكان جُلُ ما يتمناه أن أغدو طبيبةً، حتى أنه كان يناديني في كثيرٍ من المناسبات بالدكتورة، كنتُ مُصرةً أن أحقق حلمه بأي ثمنٍ، فسافرتُ وحدي وتخصصتُ في طب الأسنان، وفي غربتي مررتُ بظروفٍ صعبةٍ، منها نكسة مادية تعرضتْ لها عائلتي في غزّة كدتُ معها أعودُ أدراجي والتخلي عن حلمي، لكن أمي ضحّت بالكثير لأجل أن أُكمل، وفي سنتي الرابعة التقيتُ بشريك الحياة، وطلب يدي، وكان خير سندٍ، وسببًا لأفتح عيادتي هذه، حتى أنه لا يمضي يومٌ إلا ويزرع في بالي فكرة أن أُكمل الدراسات العليا، وأتوسع أكثر في طلب العلم، أما في أسوأ ما مرَّ عليَّ تلك اللحظات التي لم أحضر فيها حفل تخرجي في الجامعة قبل ثلاث سنوات، كنتُ أستعرضُ صور الحفل وأبكي، كان ذلك بسبب الحصار على غزّة”.
“ممتنة لأبي لأنه زرع فيَّ حُبًا كبيرًا للحياة قبل أن يرحل، لأنه شجعنّي ولم يقص أجنحتي، جعل من شخصيتي أقوى، كانت كلماته ترافقني في كل وقت”.
– ولاء / ۲٧ سنة / غزّة
.
.
“حين كنتُ في الثانية عشر أصابني تعبٌ مفاجئ تغيبتُ بسببه عن المدرسة لعشرة أيام لازمتُ فيها الفراش، كان دميَّ في انحدارٍ كبيرٍ وفق فحوصات المشفى، ليكتشف الأطباءُ إصابتي بمرض الذئبة الحمراء – وهو مرضٌ التهابيٌ مزمن – أخذ يهجمُ على مفاصلي، ورئتيَّ، وكِليتي، ومعدتي التي نزفتْ طويلًا، ليدخلوني العناية، وبعد متابعةٍ طويلةٍ تحسنتُ قليلًا.”
“وصلتُ عام ۲۰۱۳م الثانوية العامة متحمسةً لها مثل أي فتاةٍ حالمةٍ، لكن المرض لم يعِ ذلك، فهجم على كِليتي مجددًا، لتتوقفا عن العمل كاملًا وأدخلُ بعدها غرفة العناية في وضعٍ صحيٍ خطيرٍ للغاية، كنت لا أقدر على المشي ولا الحركة أبدًا، والأسوأ حين هاجم المرضُ حَلقي، ليزرعوا جهازًا حول عنقي لأتنفس منه، إذ وصلتْ نسبة الأوكسجين في جسمي الذي أكلته السموم ۲٪، بعدها أخذتني غيبوبة لمدة أسبوعين، وبعد أن أفقتُ منها لم تكن لدي القدرة على الكلام ولا المشي أيضًا، لأبدأ جولة من العمليات الجراحية كون أوردتي ضعيفة. وكما ترى منذ ست سنواتٍ آتي إلى هذا المكان لأغسل الكلى يومًا بعد يومٍ.
“لم أشأ أن أكون في عين مُجتمعي تلك الفتاة المُرهقة التي لا ينتظرُ منها العالم شيئًا، تلك الفتاةً العاديةً التي يدفنُ مرضٌ أحلامها، الفتاة العادية التي تعيشُ حياةً بلا قيمة، لذا عدتُ السنة الماضية بكل قوةٍ لأدرس الثانوية العامة مرةً أخرى، وأتخرجَ منها بنجاحٍ، وألتحقُ بالجامعة.”
“ومع كل لحظة عذابٍ عشتها، تعلمتُ أن أحتفي بكل لحظةٍ كأنها الأخيرة فعلًا، أن أسامح دون تفكير، أن ألا أجعل للمرض فرصةً ليسيطر على حياتي، حتى وإنْ سيطر هو على جزءٍ من جسمي.”
– روان / ۲۲ سنة / غزة
.
.
” أُضطرُ كل صباحٍ لقطع عدة كيلومترات للذهاب إلى مدرستي الحكومية وحين أرجع أيضًا، ومع أن هذا الأمر شاق إلا أنني لم أتغيب يومًا، لدي حلم يتملكني وأسعى إليه بكل ما فيَّ، أن أصبح طبيبةً أُسوةً بخالي وابنة خالتي، فهما دائمًا ما يشجعاني على ذلك “.
– ياسمين / ۱۲ سنة / غزّة
.
المصدر: سعيد كمال
.
اقرأ أيضاً: قصص حقيقية
اقرأ أيضاً: قصص حقيقية مؤثرة
اقرأ ايضاً: قصص حقيقية مؤثرة جدا قصيرة
.
هل ساعدك هذا المقال ؟