الرئيسية » قوانين حياة من القرآن » وجعل بينكم مودة ورحمة – إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون!

وجعل بينكم مودة ورحمة – إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون!

بواسطة عبدالرحمن مجدي
1770 المشاهدات
العطاء فى حياة الانسان - قانون العطاء
عندما نتأمل آيات القرآن التي تتحدث عن الزواج تجد أنه في أول آية قال تعالي ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )
 
نفصل الآية بهدوء وتفكر: ( ومن آياته ) أي من قوانينه وعبره ومعجزاته أنه خلق من أنفسكم أزواجاً ( قال من أنفسنا أي زوجك إنسان تشعر أنه من نفسك! أي قمة التناغم والسلام والسعادة ، فهو ليس شخص يمنحك أي مشاعر من أي نوع وهو ليس شخص أتى بالمال والوظيفة ليرضى أبواكي أيتها الفتاة وهي ليست فتاة جميلة البشرة فأعجبت بها أمك وأباك رغب في تزويجك أياها ! ، وهو ليس شخص يحمل بعض من المميزات التي ترضيك أو قليل العيوب فالأمر أكبر من المميزات والعيوب والمظاهر ! ) ، فالله في آيه آخرى يقول ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها .. ) .
 
وهنا سؤال ، أولاً هذه من قوانين أو معجزات الله في الكون أنه خلق من أنفسنا أزواجاً ، لماذا ياربي !؟ ، فالله يرد ويقول ( لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة … ) ، السكون تلك الصفة ملازمة لكلمة الليل ، فلا يوجد في القرآن شيء تم ذكره وبعدها ذكر الله فائدته فقال ( لتسكنوا .. ) إلا في حالتين زوج النفس والليل !؟ ، فنتأمل آيات الليل نجدها تقول:
 
– قال تعالي: ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون )
– قال تعالي: ( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )
– قال تعالي: ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون )
– قال تعالى: ( الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون )
 
ماذا يحدث للإنسان في الليل وأثناء النوم وما وجه التشابه !؟
 
في الليل أثناء النوم يحدث الآتي أرتاح وإسترخاء كامل وشامل لكل أعضاء الجسم ، بما فيها ضربات القلب تنخفض مما يشعر الإنسان بالراحة والإسترخاء وتنخفض درجة حرارة الجسم ، ويحدث توازن في كل أجهزة الجسم بعد ما سببه الإنسان به من إختلالات مختلفة أثناء فترة تحكمه فيه في النهار .
 
أثناء النوم يحدث إعادة تنظيم نشاط الدماغ والجسم كله وتزيد إنتاجية خلايا الجسد وتزاد قوة إصلاح الجسم وإزالة السموم والتمتع بالصحة النفسية والجسدية الجيدة .
 
البعض يعتبر أن النوم عبارة عن خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية وهذا خطأ ، في الواقع المثبت عليماً خلاف ذلك تماماً ، حيث أنه يحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة جداً علي مستوى المخ والجسم بصفة عامة ، وليس كما يعتقد البعض بل علي العكس فإن بعض الوظائف تكون أنشط خلال النوم كما أن الكثير من الأمراض والسموم يتم القضاء عليها أثناء النوم وتختفي مع إستيقاظ المريض أو تقل حدتها وقوتها ، أي يقوم الجسم بإستعادة نشاطه بالكامل وعمل تحديث وتنظيف لكل أركانه بصورة غاية في الروعة والدقة والتعقيد ومع ذلك الإنسان لا يشعر بشيء هو يكون في حالة من الإسترخاء والإرتياح الكامل .
 
وهذا ما يفعله الحب كلما كان حقيقي وقوي وخالي من سموم البشر المختلفة والذي ينعم فيه من يتفكرون ويعقلون لا من يقلدون ويسيرون في حياتهم كالأنعام ! ، وبكل تأكيد هذا ما يفعله الحب الروحي ، فأنت تكون في قمة السعادة والمتعة واللذة والسكون وفي نفس الوقت الجسم يتخلص من كل أمراضه وسمومه بصورة رائعة والروح تتطهر وترتقي وتسمو في سماء الرحمن ، وأنت لا تفعل شيء فقط تستمتع بالسكون والسلام .
 
لذلك تجد الله يقول ( .. لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) فهناك سكون ومودة ورحمة تملأ حياتكما ، وفي ذلك آيات مختلفة لمن !؟ لقوم يتفكرون .. فقط لقوم يتفكرون لا يقلدون .. لا يخضعون .
 
* وهناك تشبيه آخر جمع بين الزوج والليل فيقول الله:
– قال تعالى: ( وخلقناكم أزواجا * وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا … )
– وقال تعالي: ( … هن لباس لكم وأنتم لباس لهن .. )
 
الليل يحتوى الإنسان ويحيط بجميع حواسه وجسمه في رفق وسكون كما يحتويه اللباس .
 
– وهناك آية آخرى يقول الله: ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون * ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون )
 
إذا نظرت في النصف الآخير من الآية الأولي السؤال الذي سيتبادر لذهنك ، أي باطل نؤمن به هنا وأي نعمة نكفر بها هنا !؟ ، أنت تكفر أن هناك من نفسك زوجاً يمنحك السكون والسعادة ، وهذا الزوج عندما تجتمعان في تناغم وسلام يحدث أنكم سترزقون من الطبيات أي من أجمل وأطيب الأرزاق علي وجه الأرض ، ولكن هناك الكثير من الناس يؤمنون بالباطل ويكفرون بنعمة الله وبالتالي يعيشون في جحيم .
 
أي باطل يؤمنون به ؟ وأي كفر بنعمة الله يحدث هنا !؟
أعتقد أن هذا ما نعيشه في عالمنا اليوم .. نكفر بنعمة أن الله خلق من انفسنا أزواجاً كما كفرنا بالكثير والكثير من آيات الله وأحتقرنا قيمة القلب والعقل وقدسنا مشايخنا ومذاهبنا المتوارثة ( كلاً حسب أبواه وبيئته المحيطة ) وأصبح الإنسان مجرد كائن قذر لا يستحق الحياة إن خالف مشايخنا أو مذاهبنا وحياته لا تسوى شيء فيتم قتله بدم بارد وبمنتهي البساطة وبالتالي أنتجنا ملايين من النسخ المكررة الميتة الجبانة المعقدة نفسياً والغير صالحة للحياة الآدمية .
 
وقمنا بتحويل الزواج لدعارة مقننة وتم وضع القوانين واللوائح التي أدت لتدمير كل شيء له قيمة ، ولم نتفكر ونعقل قليلاً أن الأنثي التي تشعر أن الرجل ليس زوج نفسها لن تستطيع أن تمنحه أي مشاعر حب صافية حقيقية .. ربما تستطيع أن تمنحه جسدها كل مساء لممارسة الجنس أما روحها فلا ، وكذلك الرجل الذي لا يشعر أن هذه الأنثي ليست هي زوج نفسه لن يستطيع أن يمنحها أي مشاعر حب حقيقي .. ربما يستطيع أن يمنحها جسده كل مساء للممارسة الجنس أم روحه فلا ، وبالتالي أثنين لا يستطيعان أن يعيشا الحياة مع بعضها الآخر .. ربما يستطيعان أن يمارسان الجنس بطريقة آلية أيضاً بدون إستمتاع حقيقي أما الحب أما الحياة فلا يمكن ولا يستطيعان أن يمارسانها معاً ، لأن الحياة والحب مسألة روح لا جسد .
 
ولم نتأمل أن هذا ما يحدث في الدعارة ، الذكر أو الأنثي تستطيع أن تبيع جسدها بسهولة ولكن روحها لا تستطيع أبداً ، فالروح ليست قيمتها في مال ولا ذهب ولا عقد أي مجرد ورقة ولا رضى الأهل ولا رضى العادات والتقاليد عنها ، وكل شيء لا يستطيع شراء الروح أبداً أبداً ، الشيء الوحيد القادر علي شراء الروح هو الحب الصافي القادم من روح آخرى .
 
فالله دائماً يريد لنا الأفضل والأسهل والأجمل فالله قالها ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ، ( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا .. ) ، ولكننا دائماً نحب أن نسير عكس إرادة الله ونعيش في العسر والضيق ، فالله أيضاً كان يريد أن تكون بيوتنا سكناً لنا .. تمنحنا السكون والهدوء والتناغم .. أما نحن جعلناها منبع لكل الأمراض النفسية والجسدية .. جعلناها منبع الكراهية والتنافر والصراعات .
 
وعندما تنتقل للآية التي بعدها تجد الله يقول: ( ويعبدون من دون الله … ) ، وأكثر الناس كذلك فما أكثر الأصنام التي في حياتهم التي لا يملكون لهم أي رزق في السماء والأرض ولا يستطيعون أن يرزقوهم ! ، فلو تأملت أكثر الأمور التي يحذر منها القرآن ليس الحجاب ( حجاب شعر المرأة كما يقولون ) وليست الشعائر بطريقتهم الديناميكية ، وإنما هي عبادة أي أحد من دون الله لأن هذا يدمر كيان أي إنسان .. ويدمر حياته .. لأن كيان الإنسان مصمم ليعبد إله واحد فقط وهو الله ، والكثير من الألهة تجعله يصاب بالتشويش والتخبط ويصاب بالتعاسه ، وكلما كثرت الآلهة كلما زادت التعاسة والتخبط والفشل في حياة الإنسان .
 .
وأعتقد أن سبب خراب المجتمع العربي اليوم هو كثرة الآلهة التي يعبدونها من دون الله .. وكثر الأصنام في حياتهم ، ثم يرجعون ويقولون أنهم أقدس البشر عند الله ، والكون يرد عليهم من خلال قوانينه ويقول لهم أنتم لستم أقدس البشر ، أنتم مجرد بشر حمقى جهلاء بقوانين الكون وقوانين الحياة حتى مع أنفسكم ، لذلك حياتكم ضنك وفي ضيق مستمر وفقر في كل شيء معنوي ومادي .
 
– وهذه هي آخر آية: قال تعالي ( فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
 
– الخلاصة: في العلاقات الطبيعية الصحية أنت تسكن وتهدأ وتشحن طاقتك من محبوبك كالليل تماماً ، وبعد أن تشحن منه وحبه يطهر روحك ويرتقى بها ويسموا بها وهو يحدث معه نفس الأمر لأن العلاقة تبادلية ، تبدأن أنت وهو في ممارسة الحياة بقوة ونشاط أضعاف أضعاف البشر العاديين لأنكما حينها كل طرف منكما يكون متصل بقوة بروحه ، وبالتالي متصل بكل الكون من حوله بقوة ومتناغم معه في حالة من السلام والحب .
 
ولذلك تجد الدول التي فيها علاقات حب طبيعية أكثر فيها إبتكارات ونجاحات ورخاء وغني في كل الأشياء المعنوية والمادية مقارنة بتلك الدول التي فيها علاقات قائمة علي الرغبة الجنسية البحتة ، والأكثر والأقذر حالات الاغتصاب التي تحدث بإسم الله التي يكون فيها الإنسان أقل من الحيوان .. لا فيها حرية حقيقية في الإختيار .. ولا تخضع لقوانين القلوب والأرواح المطهرة بالحب .. وإنما تخضع لقوانين الأصنام هي التي تسير علي حياة البشر وعلي قلوبهم وتخنقها وتقتلها إن لزم الأمر ، وبالتالي لا تنتظر من أشباه البشر أن ينتجوا أي حياة .. ربما ينتجون المزيد من الضعفاء والبؤساء إنما البشر العاديين الأصحاء الصالحين لأنفسهم وللحياة فلا يمكن .. يمكن أن يحدث فقط أنه بعد فترة من زمن عندما يبلغ الفرد منهم ينظر لمدى العذاب والألم والضيق والمعاناة التي سببتها له التربية والتنشأة فيتفكر فيعقل فيقرر أن يصلح نفسه وينقذ نفسه من ذلك المستنقع .. أما أن تلك العلاقة المسمومة تنتج إنسان بشري صحيح .. لا أعتقد ذلك .
 
عبدالرحمن مجدي
 
هل ساعدك هذا المقال ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك !